العزيز إبراهيم،
لا يجادل في هذا المنتدى الجميل اثنان في الدور الذي تقوم به، وليس من قبيل رمي الورود أن نعتبرك عصب هذا القسم الذي أتابعه يوميا "قرأت لك"
فصادق التقدير لك (f)
بالنسبة إلى كتاب محمد عجينة، فهو كما ذكرت أطروحته في دكتوراه الدولة، وكان لي الشرف أن درست على الرجل عاما، وكان الموضوع قريبا جدا من موضوع الكتاب.
لم يترك الرجل في كتابه تقريبا شيئا ممّا نعدّه بالمعيار المعاصر أساطير لم يذكره ويبيّن دلالاته. والأسطورة ليست ذات دلالة سلبيّة بالضرورة أو هي ما تعتقد الذات أنه أسطورة. ولكنها نسيج سرديّ قد يؤمن به أصحابها كما قد ينكرونه ولكنّه في جميع الأحوال شبكة من الرموز استطاعت بها المجموعة أن تفسّر العالم أو أن تجد لها سبيلا للانسجام معه.
في هذا الإطار جمّع الأستاذ عجينة كلّ الرموز التي لبست لبوس اللغة العربية في الجاهلية تخصيصا، وهل لها أن تكون على خلاف ذلك، وبحث عن مختلف أشكال حضورها وتلوّنها وكيف استمرّت من بعد في طقوس إسلامية لاحقة، بل كيف ظلت عالقة باللغة إلى الآن فنستعملها دون أن نعي بقاعها الأسطوريّ.
والكتاب فوق ذلك يستند إلى أحدث ما ظهر في إبان تأليفه من مناهج ومقاربات للفكر والأدب، وخاصة بالطبع كلّ ما اتّصل بالخيال والتخييل من مثل أعمال مرسيا إلياد ويوسف شلحد وتوفيق فهد وجيلبار دوران وبول ريكور وليفي ستروس. ولكنه في كلّ ذلك لا ينتهج منهج مجرد الناقل عنهم المسقط لنتائجهم، الغربيين منهم خاصة، على مدونة عربيّة. فهو بالعكس قد استنطق المدونة التراثيّة أدقّ استنطاق دون استخفاف بها ولا أيضا إيمان بما تأتي به.
الكتاب جميل ومفيد جدا وهو مغر بالقراءة. وهو بحقّ لمن يريد تفكيك النصوص السردية أو الشعرية القديمة كنز لا ينضب، لأنه يفتح العين على ما يمرّ به مرور الكرام بحسن الظنّ غالبا. قولنا مثلا: "سنحت الفرصة لـ..." ذو قاع أسطوري متّصل بعادات جاهلية لأنّ السانح من الطير هو الذي يمر من مياسرك إلى ميامنك وكان العرب يتيمنون بالسانح على خلاف البارح...
بالنسبة إلى ديوان بشار فأنا أمتلك النسخة التونسية للمحقق نفسه وهو أيضا في أربعة أجزاء ولكن ترقيم الصفحات بحسب ما قارنت بين الطبعتين مختلف. يمكنني مع بعض الوقت أن أصوّر الجزء الأول إذا لم يكن بد من ذلك للإخوة هنا