الكل سمع و عرف بدرجات متفاوتة عن الحربين العالميتين من حيث المسببات و النتائج, والتي اهمها اكتشاف القنبلة الذرية, وهي ذروة التكنلوجيا التدميرية. لذلك و بعد انتهاء هذه الحرب الصناعية الكبرى, اعني الحرب العالمية الثانية, توصل المتحاربون الى نتيجة مفادها ان شن حرب اخرى فيما بين الدول المالكة للتكنلوجيا النووية لن يخدم مصلحة البلد الذي سيشن الحرب, حيث ان النتيجة المتوخاة من شن الحرب لا يمكن تحقيقها بعد ان يرد الطرف المقابل بنفس الاسلحة حيث لن يبقى جيش للطرفين او آلة صناعية او حتى شعب لكي يجني ثمار ما بعد الحرب !
ربما هي سخرية من سخريات القدر بان تتحول القوة المطلقة الى اللاقوة. ولكن مع ذلك ستبقى الصراعات بين البشر وان بطرق ووسائل اخرى.
هنا قد يتسائل المرء عن سبب وجدوى الانتاج الضخم للاسلحة التقليدية و تطويرها من قبل الدول العظمى.
الجواب بسيط وهو ردع الدول المشاكسة و الشبه صناعية التي تقيس قوة الخصم من معيار القوة التقليدية, بالاضافة للرغبة في البقاء و الابقاء على التطور والتفوق التكنلوجي امام الدول المتقدمة , حتى لا تتفاجا هذه الدول بانها خرجت من الركب المعاصر لها تقنيا. لذلك فان الحرب الآنية و المستقبلية ستشن حصرا بين الدول المتخلفة او النامية بعضها ببعض, او بين الدول الكبرى و احدى هذه الدول, واخيرا بين الجماعات و الاحزاب المسلحة و الدول النووية. وهذه الجماعات و الاحزاب يمكنها ان تسبب صداعا للقوى النووية, بل ربما تكسب مقابلها تكتيكيا بعض المعارك, ولكنها لن تستطيع ان توقع بهذه القوى هزيمة استراتيجية ابدا.


اما الوطن العربي, فهو الى الآن لم يدخل المرحلة الصناعية و كل ما يرافقه من تقنيات حتى يكون في مصاف الدول المابعد صناعية, فاغلب الشركات و المصانع في الوطن العربي بجل آلاتها و تقانتها مستوردة, وان ناقشنا الوضع العسكري فهو لن يختلف عن ذلك, حيث تغلب على دولنا عقد صفقات تصل احيانا لمليارات الدولارات لشراء اسلحة جاهزة للاستعمال, مع ان التطور والتحديث المستمرين في البلدان المصنعة تؤدي في اغلب الاحيان الى ان تقل ان لم تنعدم جدوى هذه الاسلحة خلال عقد من الزمن بحيث نحتاج الى تحديثها بمبالغ طائلة, لكي نفاجا بانها بعد عقد آخر لم تعد تصلح الا لضرب الجار المتخلف الآخر !
الوطن العربي يحتاج الى ان ياخذ بزمام المبادرة و ان يدخل العصر الصناعي اسوة ببعض الدول الآسيوية و الاسلامية, لا ان يظل اتكاليا و مستهلكا.


تحياتي ..