(f)(f)

صديقي بهجت وكذلك الأصدقاء المشاركين وقراء هذا الحوار اللطيف ..

تحية من الأعماق

إذا كان الخلاف الناشب بين أصدقاء هو من وزن احتلال العراق أو اجتياح الكويت أو ضرب غزة بالوحشية التي شاهدناها
فاعلم أنه خلاف بسيط
فهذا خلاف على مستوى الدول ... وطبيعي أن نحتد لأجله وأن نكيل لبعضنا الاتهامات !!

فبمثل هذه الحالات وسواها تعترضنا قضايا مصيرية تشحن وجهات النظر وتباعدها وراء حواجز ، حواجز لا يزيحها سوى مرور الزمن

إن هذا الخلاف لا شك سيؤثر على طبيعة إدارة النادي، فيما سيعتبره البعض خيانة للقيم التي نادوا إليها زمناً طويلاً، بأن يطبقوا الديمقراطية المرة والمتمثلة بالعمل بشعار حرية الفكر .. والتي هي بمثابة الجلد لمبادئهم التي تربوا عليها ..

في السماح للرأي مخالف مع أو ضد احتلال العراق، في أن يحتد هو الآخر في الإعلان عن وجهة نظره ونعت الآخر بشتى أنواع الصفات من الجهل إلى العمالة إلى الخيانة ...

وقد منحنا صديقنا العلماني إضاءات على المحاور التي نشبت نتيجة الخلاف

كما أن الدكتور صباغ معروف بانتمائه العربي والقومي فمثل تياراً عرضاً في مواجهة تيار لا يقل أهمية جدوا أن دخول الأميركيين إلى المنطقة هو إيذان بدخول الديمقراطية إليها والتحرر من الديكتاتوريات العربية ..

والواقع أن كلا الرؤيتين هذه تبددت لأن العراق مثل مقاومة هشة أشبه بالبروباغندا كما كشف الاحتلال الهشاشة المؤلمة للمجتمعات العربية وأولها العراق المنقسم على نفسه .

أفهم العلماني جيداً، فهو إنسان بعيد النظر متروي لا تأخذه الشعارات، لأنه عاش أغلب حياته خارج المستنقع العربي الذي أشبع بها وتأثر ..

وأتفهم الصديق الصباغ فهو وجداني حتى النخاع وتألم حتى خرج من بيته نازحاً إلى مكان يربأ بنفسه سماع أصوات النشاز كما تخيلها، أذكر أننا فقدنا أيضاً الصديق جعفر علي أيضاً وكثيرون آخرون . كما أن هذا الخلاف الجوهري أثر على صداقات كثيرة هنا وهو أمر طبيعي يعكس مدى الهوة في انتماءاتنا الفكرية .

هناك حمية عربية نعيشها في جيناتنا ورثناها ورضعناها من الوسط الذي نعيشه كل يوم، وصعب أن نتفهم أن نناصر الغريب مهما كانت حجته إذا ناصر أخينا العداء .. وهو أمر لا يقتصر على العرب سوى في سطحيتهم وشعاراتهم الرنانة التي لا تؤتي أكلها ..

عني أيها الصديق فقد اعتدت أن أكون حريصاً في حواراتي لألا أزيد الطين بلة وربما كانت نادين أجدر مني في نقل قناعاتها كونها إمرأة شفافة، والمرأة تلون قناعاتها بالعاطفة الإنسانية الرقيقة التي تنساب من حروفها حتى نحن كنا نختلف في آرائنا ونحتد ونتفق لكن الحسرة كانت دائماً تطعم كلامنا الجريح .

فلقد كانت لحظات صعبة ، خاصة أننا كأفراد ومجتمعات نتحمل المسؤولية كاملة لما آلت إليه دولنا ، فنحن نكم الأفواه في الأمور الجوهرية ونردد الهتافات عندما ينتقل إلينا نبض الشارع العاطفي والأعمى والمريض بألف داء .

نحن المسؤولون عن بقاء الديكتاتوريات، وبالتالي إلى ما تفرزه من أمراض أظهرها الاحتلال بأبشع صورة انهزامية، لقد شرح ضعفنا وهشاشة تأثيرنا وتمزقنا، فالشارع العربي لم يلمس جرائم صدام حسين البشعة كان مأخوذاً بالخطاب الوحدوي والشعارات من أمثال عاشت أمتنا العربية المجيدة
وترديد الشعب عاشت عاشت عاشت

نحن في إرثنا التاريخي لا نعرف سوى القائد الديكتاتور وهذا يجلب لشعوبه وللمنجرين معه الكارثة وتبعاتها .

ربما شتت عن الموضوع قليلاً لكني يا صديقي بهجت مسرور لدعوتك إلى هذا المقهى الذي تشتهيه وأعدك بأن أبقى نشطاً فيه لأنني أعشق فنجان القهون أو الكابوتشينو وقراءة المواضيع وهذا ما لم أقطعه يوماً سوى للشديد القوي:)

وبلساني أرحب بعودة الدكتور جمال وبحواركم جميعاً وبالوجوه الجديدة التي طورت في النادي ومنحته ألقاً ورونقاً رائعين

وأجدنا عدنا لنسير إلى الوجهة ذاتها إلى مكان تقدم فيه القهوة اللذيذة ولو كانت هناك في أحد كافيهات إيطاليا المنزوية ..

دمت ودام الجميع
الليبرالي
(f)(f)