من الصعب، وأيْم الرفيق الأعلى، إصدار حكم هنا؛ فالخطاب تشنَّج منذ وقت ليس بقليل على الجانبين، والتصريحات ’النارية‘ و’الخطيرة‘ والوعيد بالثبور والأمور العظام غدا فارغاً لأنه لم يصحبه يوماً تنفيذ.

حزب الله داخل لبنان مغطى بالكامل ولا يملك أحد مسَّه، والمخابرات المصرية داخل مصر جنَّدت عزرائيل برتبة ملازم. أي لعب من قِبَل أي طرف في ساحة الآخر الخلفية نتيجته المباشرة هي تمزيق الكرة والفضح على الملأ.

مصر تمارس سياسة متشددة حيال دول محور إيران ـ قطر ـ سوريا ـ لبنان حزب الله ـ غزة حماس، وهذا ما ظهر في أوجه من خلال كلمة مبارك في القمة الاقتصادية بالكويت حين قال أن "[مصر] تعرف دولاً بعينها تقوم بعمليات وممارسات ’نعرفها‘ لزيادة الانشقاق العربي" أو كما قال، وهو ما أعتبره أهم تصريح جاء في تلك القمة.

لو ربطنا الأحداث بالظواهر، من خطبة نصر الله التي يدعو فيها إلى تمرد الضباط المصريين على نظام الحكم، ويليها خروج الخارجية المصرية الكامل عن نهج الدبلوماسية المتزنة صورياً الجارفة خلف الكواليس لنجد أبا الغيط يعتمد منذ تلك اللحظة نبرة شديدة الهجوم على دول المحور، ثم كلمة مبارك في قمة الكويت، وبعدها رفض انضمام قطر إلى جلسات المصالحة، يليها مقاطعة مصر لقمة الدوحة واقتصار تمثيلها على المستوى الرابع بالوزير مفيد شهاب، وابتعادها عن مشهد التقارب السوري ـ السعودي، كل هذا يقود في النهاية ـ ويح أبي لهب ـ إلى استنتاج أن هناك مصيبة سوداء حدثت استشاط لها غضب النظام المصري.

خطاب نصر الله سيحاول ’التكييش‘ كعادته من لا مصداقية الأنظمة العربية لدى شعوبها وسيحاول الاصطياد في الماء العكر بالسخرية والتخوين ـ هذا ليس بجديد ولن تكون هناك مفاجآت.

المفاجأة الحقيقية ستكون لو تم الإعلان عن أدلة مادية تدين حزب الله بشكل كامل لا يقبل الشك ’بعد‘ كلمة نصر الله. وقتها سيخسر حزب الله كل مصداقية لو وقع في الخطأ وأنكر الآن أن له علاقة بالأمر.

لكن لدي سؤال، الحكيم الرائي، ماذا تقصد بالمواجهة بين نصر الله والأمن المصري بالضبط؟ الحرب مستبعدة، ودولة حزب الله مستحيلة الاختراق إلا بواسطة إسرائيليين أو فلسطينيين، فما رؤيتك؟