بسام الخوري
Super Moderator
المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
|
فتور علاقات سورية عربية بسبب اغتيال الحريري...
الخروج عن الهدوء
سمير عطا الله
كنت مساء امس ضيفاً على تلفزيون «المنار» والزميلة بتول ايوب. وجرى اتصال هاتفي مع الوزير وئام وهاب حول استقالة الحكومة، فقال «قبل ان اجيب، احب ان اقول انني لا اقرأ من الصحف سوى العناوين. الا مقال فلان (الداعي) فأتوقف عنده. وفوجئت بأنه خرج عن اسلوبه في الأيام الاخيرة وعن هدوئه وراح يهاجم حكومتنا ويطالب باستقالتها». قلت للوزير وهَّاب ان مسؤولاً عربياً رفيعاً قال لي التعليق نفسه. وكان جوابي، انه عندما يرى المرء عملاقاً مثل رفيق الحريري وقد تحوَّل الى فحم مقطع، فأي هدوء تطلبون منا وأي محافظة على «الأسلوب». وكان قد بعث اليَّ بالملاحظة نفسها محام شاب من قريتي. وقلت له لقد اذهلنا استشهاد رفيق الحريري واحزننا حزناً جمَّاً. لكن الحكومة والدولة اهانت الحزن والمشاعر. لقد تصرفت وكأنها لا تدري إن كان عليها ان تحزن على رفيق الحريري او أن تضحك في سرَّها. وتولى بعض وزراء الحكومة بكل وقاحة عملية تمويه مضحكة ومقرفة ونسجوا الروايات السخيفة والمضللة حول احتمالات الجريمة. ومضت عشرة ايام قبل ان يعين وزير العدل محققاً قضائياً في افظع جريمة سياسية شهدها لبنان. واستطاع الوزير نفسه ان يعثر على آثار البارود على طائرة مسافرة الى استراليا بدل من البحث في تراب التفجير على بعد كيلومتر من مكتبه ومقر وزارة «العدل».
لقد تصرفت الحكومة على موجتين: الأولى، وكأن اغتيال رفيق الحريري جريمة عادية من يوميات البلد، والثانية كمن يريد ان يبعد التهمة عن نفسه ويجد الأعذار للجاني ويضلل على دلائل الجريمة. وبعد اسبوع كامل على الاستشهاد عثرت قطة تائهة على جثة ضحية اخرى من ضحايا التفجير كان قد فات الدولة و«المحققين» العثور عليها.
بأي هدوء يطلب منا ان نقرأ او ان نكتب؟ لقد كانت الحكومة والدولة آخر من ذهب للعزاء في الرئيس الحريري. ولو كانت هناك جائزة للمعزَّي المليون لكانت بالتأكيد من نصيب الدولة او الحكومة. فلم تكن اي منهما على مستوى الحدث الذي هزَّ لبنان واحزن العالم. وكان وزير العدل لا يزال يطارد الطائرة المتوجهة الى سدني في الوقت الذي طافت ساحات بيروت بالشباب المطالب بسقوط هكذا عدالة وهكذا أمن وهكذا خطاب سياسي مفلس وخال من اي لياقة.
منذ بدأتُ الكتابة وانا اكتب بمشاعري. لست «مراقباً». وارفض رفضاً قاطعاً لقب «المحلل السياسي» عندما يلصق بي على شاشات التلفزيون. انا انسان خلق كاتباً. بمشاعر كتبت عن فلسطين وعن فيتنام وعن رواندا وعن ايرلندا وعن دارفور وعن بنغلادش. وليس في امكاني ان اجلَّد او اجمَّد هذه المشاعر وانا ارى مجرماً حقيراً يشعل النار في جسد رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما. ليس في امكاني ان التزم «الهدوء» وانا اعرف ان آلافا من الناس قد يتَّمهم غياب الحريري، ثم ارى وزير العدل يلاحق القاتل على متن الطائرة المسافرة الى سيدني: عظمة الشهداء ومساخر الأحياء.
او لعلها اسوأ من ذلك بكثير. ألم يقرر وزراء عمر كرامي انه ممنوع الحزن والبكاء ايضاً؟ ألم تنزعج الدولة من خروج لبنان الى وداع الرجل الشهيد، لأنه كان يبني ويعمَّر ويضيء وينشىء، بينما كانوا يثرثرون؟ كم كان افضل لو ان هذه الحكومة لم تتكلم ولم تطارد اثار البارود على رحلة سيدني ولم تقدم لنا سوى الأخ احمد ابو عدس على ان في مقدوره احداث انفجار يجعل الحجارة تتطاير على سطوح المباني. لا. شر البلية لم يضحك هذه المرة. هذا السخف ليس مضحكاً على الاطلاق. لقد سخر منا العالم مرتين. مرة اننا ابحنا دماء رفيق الحريري، ومرة ان الحكومة حولت المسألة الى كرنفال. فكان ان اسقطها الاحرار خارج البرلمان فيما هي تعتمد على ثقة يمنحها غير الاحرار في داخله.
http://www.asharqalawsat.com/view/leader/2...,02,285718.html
|
|
03-02-2005, 01:49 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}