يبدو أن الحوار سيطول، ولا مانع في ذلك ولكن أرجو منك مراعاة بعض قواعد الحوار. أولاً، لا تضعي على لساني كلاماً لم أقله. ثانياً، أرجو أن يكون الرد ضمن صلب الموضوع دون إقحام مسائل لا علاقة لها بحور النقاش من باب الرد لمجرد الرد، كما فعل المورد2 الذي تدخل بموضوع عن جمع القرأن وترتيبه وحفظه في مصاحف، وغير ذلك من كلام لم أفهم ما علاقته بما نتحدث عنه.

اقتباس:1- ما أريد أن أقوله أن ما قلتَ من اختلاف ظروف الأحاديث النبوية الشريف عن ظروف القرآن الكريم مختلف هو خطأ ومحاولة من عندك لإثبات أن القرآن الكريم من تأليف نبي الاسلام فقد حدثت جميعها في نفس الظروف وفي نفس المكان

طبعاً حدثت في نفس المكان. أنا لم أقل أن القرأن في مكة والحديث في الشام. أما أن ظروفهما واحدة فهو غير صحيح. كما ذكرت لك أعلاه، الحديث كان ردة فعل مباشر على أحداث يومية. مثلاً كأن أحدهم يسأل الرسول سؤالاً فيرد عليه بكلام يأتيه عفو الخاطر ودون إعداد مسبق، أما القرآن فيختلف لأن الرسول كانت لديه الفرصة ليعد ويصوغ ويتأمل دون أن يرد في اللحظة نفسها. والفرق كما ذكرت هو كالفرق بين القصائد التي يصوغها الشاعر بتأن وإعداد، وبين حديثه اليومي الذي لا يحمل من معاني الشعر شيئاً ولا يختلف عن حديث غيره من الناس. هل وضحت القضية الآن؟

ثم تعجبين "أشد العجب" من قولي " البينة على من ادعى ".
عندمت يقول إنسان ما أنه مرسل من الله وأنه ينقل للناس كلامه وتوجيهاته، فلا بد أن نطالبه بدليل على ما يدعيه، أما أن يقول كما تفعلين أنت: أثبتوا أنني كاذب، فهذا هو المنطق المقلوب بعينه. وعندها سيصير بوسع من يريد أن يدعي ما يدعيه، ثم يقول: إذا لم تثبتوا أنني كاذب فكلامي صحيح. المسيحيون مثلاً يقولون أن المسيح ابن الله ، فهل يقولون إذا لم تثبتوا أنه ابن الله فلابد أن يكون ابن الله؟ هل هذا منطق؟ تصوري أنك تحدثين شخصاً لا يؤمن بالاسلام ولا معرفة له به. كيف تقنعينه أن محمداً كان نبياً؟ هل تقولين له: أثبت لي أنه القرآن ليس كلام الله، وإذا لم تستطع فلابد أن تؤمن به وحياً إلهياً؟ هل هذا كلام مقنع؟
ثم ماهي الأدلة التي تجاهلتها؟ هل تذكرينها لي بالتحديد؟

اقتباس:ويقول ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ )(لأعراف: من الآية158)

لا أحد ينكر استخدام كلمة أمي، ولكن المهم هو معناها. لقد ذكرت سابقاً، كما ذكر في موضوع منفصل في هذا الموقع، أن كلمة أمي تعني من ليس لديه كتاب، وقد استخدمها اليهود خصوصاً.
http://nadyelfikr.net/viewthread.php?fid=5...5&tid=9514&sid=
ألا تقولون أن أفضل التفسير تفسير القرآن بالقرآن؟
طيب، القرآن يقول: "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (آل عمران: 75). وكذلك: "فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ "(آل عمران: 20). أي أن معنى الكلمة في القرأن هو من ليس لديه كتاب سماوي، من وجهة نظر اليهود والمسيحيين.
كلمة "أقرأ" في الآية المذكورة تشير إلى نشر الدعوة، والدليل أنها تقول لاحقا": "إقرأ باسم ربك". هل القراءة هنا هي التلاوة من مصدر مكتوب، أم نشر الدين؟

اقتباس:نعم بإمكان الأمي أن يؤلف كتاباً . لكنه لن يحتوي على ما ذكرتُ من أمور تُثبت أن الكاتب تلقاها من عند الله .

تتحدثين وكأنك أثبتي وبينتي، بينما الإثبات هو غرض هذا الحوار، وأقول لك مرة أخرى: "البينة على من ادعى".

اقتباس:4- أشكرك على استشهادك بالشاعر حسان ابن ثابت وأذكرك بأنه أسلم بل لُقب بشاعر الرسول. فهل كان من الغباء بحيث يترك العطايا التي كان يحصل عليها من مديحه لمن ذكرت ويتبع نبياً كان بيته يخلو تماماً من أي طعام في معظم أيام حياته ؟؟؟

لا أدري ما علاقة إسلام حسان بن ثابت بالموضوع. ذكرت هذا الشاعر كدليل على وجود اتصال ثقافي بين مكة والجزيرة من جهة، والشام والعراق الخاضعتين للحكم البيزنطي والفارسي والمتأثرتين بهما. وقد أتيت بأمثلة كثيرة، من ورقة الراهب النصراني قريب الرسول إلى أمية بن الصلت وزيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب والذي يروى أنه سافر إلى الشام والتقى رهباناً نصرانيين، وقس بن ساعدة الإيادي، وغيرهم. وهؤلاء جميعاً كانوا إما في الجزيرة أو في مكة بالذات، فضلاً عن وجود المسيحية واليهودية في أماكن مختلفة من الجزيرة العربية. أي أن أهل مكة كانوا أبعد ما يكونون عن الجهل بهذه الأديان. فلماذا تقفزين فوق ذلك كله إلى حديث النجاشي والحبشة، الخ، وما علاقة هذا بالحوار؟

اقتباس: وماذا كان تأثير الامبراطورية الرومانية والساسانية على مكة المكرمة ؟ وماذا كان مصيرهما ؟ يبدو أنك لم تقرأ أن كليهما اندثرتا على أيدي أتباع نبي الاسلام

ما علاقة اندثار هاتين الحضارتين على يد المسلمين بما نتحدث عنه؟ لقد قضي على الثانية منهما، وحجمت الأولى، ولم تندثر، بعد اتمام البعثة واكتمال نزول القرآن. إذن، فالقضاء عليهما لاحقاً من قبل الإسلام لا ينفي أن التأثير حصل سابقاً، أليس كذلك؟ فلا علاقة لهذا بذاك؟

اقتباس: 5- الحنفاء مسلمون وذلك لقول الله عز وجل( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67

يبدو أن الكلام بدأ يتغير. ألست أنت من قلت أعلاه "مرة أخرى أسأل عن مصدر قولك إنه أمضى 15 سنةيتأمل وكان من الحنفاء".

اقتباس:6- هذه أول مرة أسمع بوجود كتاب شبيه بالقرآن الكريم بأيدي زيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب وغيره . ما اسم ذلك الكتاب وأين هو الآن ومن مؤلفه؟

لو بحثت في كلامي السابق لما وجدت أثرا للقول بأن زيد بن نفيل كان لديه قرآن، فلا تحملي كلامي ما لا يحتمل. ما قلته أن كلام عمرو بن نفيل، كما يروبه الرسول ذاته، يشبه القرآن شبهاً كبيراً. وهذا الكلام ليس من عندي، بل من كلام مؤلفي السيرة النبوية، وهو يدل على أن القرآن لم يكن كان متفرداً أوأنه كان الأول من نوعه كما يقال.

اقتباس: 7- ما هو مرجعك في أن الرسول كان تاجراً؟؟؟؟ لقد كان فقيراً وذهب للتجارة مرة واحدة كموظف للسيدة خديجة بنت خويلد قبل نبوته والتي أصبحت على إثر ذلك زوجة له بناء على طلبها بعد أن تبين لها من غلامها ميسرة عظم أخلاقه وأمانته التي كان لها تأثير كبير على نجاح تجارتها

المعروف عن الرسول أنه كان تاجراً، وقد كان لفقره يتاجر بأموال الناس. وعلى كل الحال، لا حاجة لديه للذهاب إلى الشام أو غيرها، فالمؤثرات موجودة لديه، وأقربها ورقة بن نوفل.

اقتباس: 8- لا أعرف ما الذي تعارضه في مبدأي في الحوار وإذا لم يكن يعجبك فلا تتعب نفسك بمحاورتي. أكرر إن ما يقوله الله هو الحق وإذا لم يثبت العلم ذلك فالتقصير في العلم وليس في قول خالق العلم والعلماء.

أنت قلتي "فإذا وُجد تناقض بين العلم وما جاء به القرآن الكريم فإن ذلك دليل على خطأ العلم"، ومعنى ذلك أنه حتى لو جاء أحدهم بأدلة واضحة تثبت تناقض الإسلام مع العلم فستنكرينها وترفضين الاعتراف بها، وهذا ينقض أساس الحوار كله، لأنك تضعين المقدمة قبل النتيجة مما يتنافى مع مبادئ المنطق. وإذا كنت ستختارين من الأدلة ما يعجبك، فلا داعي للنقاش في موضوع القرآن والعلم، لأنك لن تقبلي بما لا يوافق رأيك.

اقتباس:  . كروية الأرض ثابتة في القرآن الكريم وإن كنتَ نصرانياً فتفضل وأثبت لي ذلك من كتابك.

أنا لست نصرانياً، والإنجيل والتوراة في رأيي مؤلفة مثلها مثل القرآن، وربما يكون تأليفها أسوأ، فلا تحاولي أن تقلبي الحوار إلى صراع بين الإسلام والمسيحية كما يحاول المدافعون عنهما. ولو أنك أتعبت نفسك بالاطلاع على بعض حوارات هذا المنتدى، لوقفت على رأيي في المسيحية. ثم كيف تكون كروية الأرض ثايتة في القرآن؟ هل لديك دليل؟

اقتباس: من قال لك إن السماء ليس فيها كواكب وأجسام سوى الأرض ؟ ماذا عن الشمس والقمر وملايين النجوم والكواكب الأخرى ؟

الآية تقول "السماء" ولا تذكر لا شمس ولا نجوم ولا كواكب. ولا يكفي أن تقولي "فردودك للأسف لا أساس لها من الصحة وما هي إلا مضيعة للوقت" حتى تحسبين أنك أفحمت الخصم. فهناك فرق بين الإقناع والتوكيد أرجو أن تلاحظيه.

اقتباس: أما عن العمد فأسألك أين هي الأعمدة التي تراها وتجعل الشمس والقمر والكواكب والنجوم لا تقع على بعضها البعض أو على الأرض ؟؟

أسألي القرآن هذا السؤال، فهو الذي يتحدث عنها. طبعاً لا أراها، ولكن القرآن هو الذي يذكرها، وما دامت غير موجودة فهذا يعني أن القرآن يناقض العلم. أنصحك بالقراءة قبل الرد.

اقتباس:لا أظن عقلاً سليماً يقول بأن الله واحد ثم يقول إنه أنزل أكثر من دين وأوهم كل أتباع دين أنهم على حق وأن الباقون على باطل وسيعاقبهم في نار جهنم .كما يدعي غير المسلمين .

طبعاً لا، لا يمكن أن ينزل الله أكثر من دين ويقول لأتباع كل واحد منها أنتم في الجنة وغيركم في النار، كما يقول المسلمون وغيرهم. وتفسير ذلك ببساطة أن الله لم ينزل أية أديان، وما لدينا اليوم هي محاولات لفهم الكون في إطار ثقافات معينة وظروف تاريخية محددة. كل جماعة اخترعت لها دينا وجدته الوحيد الصحيح وغيره الباطل، وكلهاتدل على معتقدات تلك الجماعات وظروفها التاريخية أكثر مما تدل على الإله الذين يزعمون أنها أرسلها. التفسير الآخر هو أن الله غير موجود أصلاً، وهذا يعني أيضاً أن الأديان اختراعات بشرية.

أخيرأً، هناك ملاحظة أساسية لا يمكن تجاهلها حين الحديث عن الظروف التاريخية لنشوء الإسلام والمراجع التي توثق ذلك. كل ما لدينا من مصادر تاريخية هي من وضع المسلمين أنفسهم، وقد ألفت في عصور كان الإسلام فيها قد انتصر وصار دولة تامة، بينما لا توجد مصادر محايدة حول ما يروى من نبؤات أو معجزات جاء بها الرسول، أو حول ظروف نشأته ونشره للإسلام في الجزيرة. هذه مسألة لا بد أن نضعها في اعتبارنا قبل أن نتعامل مع الحديث والسيرة النبوية كأنها وثائق تاريخية لا يرقى إليها الشك.