نحن متفقون في الكثير مما قلته، ولكن يا "ابو خليل": أنت تختصر "العلمانيين" بمن نسميهم "بالليبراليين الجدد" (شاكر النابلسي ورهطه وإخوانه) مع أن هؤلاء كانوا ولا زالوا قلة قليلة، سمعنا صوتها بعض الشيء مع ابتداء الغزو الأمريكي للعراق وأظن أن مفعولها انتهى اليوم.

أعتقد بأن معظم "علمانيي" العالم العربي بعيدون تماماً عن "الليبراليين الجدد" ونهجهم السياسي بل مخالفون ومعادون لهم بشكل اساسي. ولعل في أسماء مثل "الياس خوري" و"عزمي بشارة" و"نصر حامد أبو زيد" وحتى "عبدالباري عطوان" و"زياد الرحباني" وغيرهم الكثير ما يثبت هذا. فمعظم التوجهات الوطنية واليسارية العربية الكلاسيكية (وهم عبارة عن ملايين من الناس) علمانية ولا تمّت الى الليبراليين الجدد بأي صلة (وكاتب هذه السطور منهم، فأنا لم أحسب نفسي يوماً ليبرالياً ولا أريد أن أكون، وأكاد أتقيأ نفسي مع معظم مقالات ومواقف "شاكر النابلسي"). من ناحية أخرى فلدي "مشكلة كبيرة" مع "الخط السياسي" لمعظم هؤلاء الذين ذكرتهم فوق لأنني لا أفهم - حقاً - كيف أستطيع أن أكون علمانياً وفي نفس الوقت أركب في مركب حركات دينية فاشية (عزمي بشارة مع "حماس" مثلاً) باسم "المقاومة"، فهل من المعقول أن أؤيد "هتلر" وأقوّي مركزه مع أني عدو "للنازية" في نفس الوقت؟ بمعنى، هل أستطيع فصل دعم هذه الحركات الدينية عن "مواقفي السياسية" مع علمي بأن "الهدف الأكبر" لهذه الحركات جميعها سوف يمر على جثتي، ومن هو معي في خندق المقاومة اليوم سوف يكون من يسحلني ويرميني في الشارع غداً؟ كيف أضع يدي بيد "خالد مشعل" أو "اسماعيل هنية" اليوم وانا على يقين بأنه ما أن تُعلَن الهدنة مع اسرائيل حتى يبدؤون بتصفيتي وتصفية قضيتي (اذا بقي منها شيئاً بفضلهم!!) وتصفية مستقبلي ومستقبل أبنائي وأحفادي؟

أعتقد بأن الموقف السياسي السليم اليوم، لعلماني لا يحب الليبرالية مثلي (أتحدث هنا عن الليبرالية على الصعيد الاقتصادي) هو التنديد بإسرائيل والتخاذل العربي والحركات الإسلاموية الفاشية في آن واحد. فأنا لا أرى في المشروع الأمريكي - الإسرائيلي والمشروع "الإسلاموي" إلا أعداء حقيقيين يعيقون حاضري ومستقبلي. فلماذا أنحاز إلى الأول (مثل شاكر النابلسي) أو إلى الثاني (مثل زياد الرحباني وعزمي بشارة والياس خوري) مع أن بإمكاني أن أقف كي أندد بالأول والثاني؟

واسلم لي
العلماني