يضيع هذا الموضوع غالبا بين طرفي الصراع، دون حل لمن يعاني هذه المشكلة...

ابتداء، فالمجتمع المشرقي ينظر بعين ريبة غير مبررة لكل من يغامر ببحث هذه القضية دون أن يحكم عليها بالأحكام النمطية المشرقي منها والغربي. فكل حكم غير مألوف للدارس سيفسر بناء عليه وجهة نظر مسبقة، قد ترفض دراسته وتصادر رأيه، لذا يغلب على ظني أنه سيقل المتجرؤون لخوض هذه المعمعة.

الميل الجنسي كأحد وسائل إشباع غريزة النوع يشبع ضمن نظام معين وفي هدف إشباع معين، وهذين النظام والهدف يتعينان غالبا حسب القواعد الفكرية الخاصة بالشخص أو المجتمع.

حين البحث في المثلية الجنسية، كإنحراف عن الهدف الطبيعي لغريزة النوع والذي وجد الميل الجنسي من أجلها، يميل الباحثون لأحد حلين:
الحل الأول الذي يعتبر القضية طبيعية للغاية، مما يعني ترك هؤلاء الأشخاص لأنفسهم يعانون ما يعانون منه على اعتبار طبيعيته، فمن فئة منهم ستتقبل هذا وتتظاهر به، وفئة أخرى ستتقبله وتكتمه، وثالثة ترفضه نفسيا وتمارسه جسديا، ورابعة ترفضه على جميع الصعد، والفئات الرافضة لن تكون على حياة سعيدة مهما ظننا، لعدم الانسجام بين القناعة والتطبيق.

الحل الثاني، وهو الحل الاستئصالي، الذي يرى إبادة هؤلاء الأقوام دون رحمة، لضمان عدم تدنيسهم لنقاء المجتمع المثالي، وقد يتبع هذا الاستئصال مرجعية تدينية أو غيرها، فقد سمعنا أن هتلر أباد مثل هؤلاء القوم دون رحمة، ولم يكن التدين هو دافعه.

كلا الحلين يتجاهلان قضية أن الأمر مشكل، إن لم يكن للمجتمع كما يظن البعض فلنفس الشخص، ولعل الظن أن المرء يقوم بما يقوم به بسعادة يعتمد قياس القضية على العلاقة الجنسية الطبيعية بين الرجل والمرأة وما تشكله من سعادة.

ضمن الحل الأول، هل يمكننا اعتبار من يولد معوقا سعيدا ينبغي تركه لذاته دون معونة؟ إن كان بعض الأفراد يولدون باعتلال خلقي في ميولهم الجنسية فهل يعني أن الأمر طبيعي؟ إذن لم لم يكن من يولد مكفوفا أو أصما أو كسيحا يعد طبيعيا، لم لم يكن من يصاب بالتوحد الطفولي أو ما يشاكله من اعتلالات محسوبا طبيعيا؟

ضمن الحل الثاني، هل ينبغي لمن يولد له ولد مصاب بالتناذرات أن يقتله؟ كيف نعالج من يولد وبه هذه العلة؟ إغلاق الأعين والآذان عن سماع حجة الفريق الطبي الذي يجد إثباتات متكاثرة عن نشوء هذه العلة مع المرء منذ طفولته المبكرة بل وحياته الجنينية.

هذا طبعا مع التفريق القانوني والأخلاقي بين ما نتحدث عنه، وبين الافتراس الجنسي بالرضا الظاهري أو الغصب، الذي قد يحصل بين أفراد الجنس الواحد الغير مثيليين كما يحصل بين الجنسين على حد سواء.

قد يكون صوابا إعادة القضية إلى مربع الصفر، والنظر إليها كمشكلة ينبغي إدارتها أو حلها دون استئصال أو إهمال.