شرك الخندق - [/size]2

البنت تذهب إلى المدرسة ولكن أمها مازالت جاهلة، أي أن أخ تلك البنت قد ربته امرأة جاهلة، وتعلم منها أن النساء كيدهن عظيم ، وأن المراقبة شيء واجب، وأن – المرأة – مصدر العار، وأن - العار – نفسه لا يشين الرجل !!! فهو ولد لا يستطيع أن يثق في أخته ، ولا أن يتصور أنها مساوية له، و هو مستعد لقطع رقبتها
بسكين المطبخ إذا راء لها صديقا، بينما هو يتفاخر بكثرة عشيقاته وليس صديقاته فقط!! مستندا في كل ذلك على والديه....وينمو الصراع داخل البيت ، وتقف البنت وحدها ضد كل إفراد الأسرة، فهي في دنيا جديدة لا تعرفها أمها القادمة من عصر ما قبل المدرسة ، وليس من المحتمل أن تساعدها على أن تتخلص من رقابة السيد الصغير ، فقد لـُقـنت سابقا أن المرأة خادم للرجل فقط. وهكذا تعيش البنت ممزقة بين عالمين مختلفين إلى حد بشع، أحدهما تذهب إليه في المدرسة، والآخر تعود
إليه في البيت، و فيما تطالبها أمها بغسل الصحون وغسل جوارب السيد الصغير، تظل هي تبحث عن قيمة تعليمها ، فتطالب بالامتيازات، فيما تهز الوالدة رأسها وتلعن المدرسة وما أتت به المدرسة معا، ثم تطلب من السيد الكبير التدخل لاقرار النظام . !! تصر البنت على حريتها التي تعلمتها في المدرسة، ويصر والدها على حقه في السيطرة الذي اكتسبه عبر الأجيال السابقة، فيما يتنزه أخوها باحثا عن فتاة يغريها بعينيه ، مستعدا في جدية تامة، أن يقتل كل من يفكر في إغراء أخته ، ثم ينمو الصراع كلما جد أمر جديد، فلكل وجهة نظر يريد فرضها كحق له بالتوارث عبر الأجيال أو بكتب المدرسة، أو الانترنيت مدعما بالفضائيات.
......
والنتيجة ، أن لا توجد نقطة التقاء واحدة ، هذا كله داخل عائلة واحدة ،هي إحدى خلايا مجتمعاتنا ، كل يسير نحو أنفه ، بدون تفاهم من أي نوع ، والمرء يستطيع أن يتابع هذه اللعبة ويضع يديه ، على أوجه التناقض العجيب في رأس كل منا ، لكي يجد أنه قطع من ماضيه قطعا مفاجئا، و أنه يواجه أزمة صراع . هذا داخل البيت الواحد ، فما بالك بالمجتمع ، ذلك الفرع الأكبر الذي وجد فيه السوسُ مخابئ عديدة يمكن أن يدخلها لنخر مابقى فيه سليما، فهل هناك أفضل للسوس ،من كسب ود الجميع بنخر روحهم ذاتها ؟؟ فالبنت تعاني صراعا لا مهرب لها منه إلا بالارتماء في أول مـُقنع لها بأن ترضى بقسمتها و كل مكتوب في الدين الحنيف ، لتزهد في الدنيا و لترح سيدها الصغير والكبير ، بأن تكمن تحت الحجاب أو السواد التام للنقاب، ولكي لا يغلي داخلها برغباته الجسدية والدنيوية ، تحت النقاب تكتمه. تتوهم بأنها ترضى أسيادها والله أيضا، و أن سبعين حوريا شبقا في انتظارها على حافة القبر المنير. وليذهب للجحيم ما تأتي به القنوات و الكتب، ما دام فقيه الحارة يأتي بما يجعلني استرخي في رحاب الله ذاته، فلا داع لوجع الرأس وليذهب الهم العام و تقدم المجتمع ، وحرية المرأة، إلى الجحيم مباشرة، فالدنيا ليست لنا. هكذا أقنعها فقيه الحارة و هو يمسح ذقنه وعيناه تخترق الحجاب إلى نحرها بالذات ، مبتهلا بما سيهبه أربابه من تقدير لنجاحه في أقناعها بموقع الاسترخاء، وعدم التفاعل مع معطيات التطور والتمدين.
----أردت القول: إن المتخصصين في علوم العقل والنفس والثقافة والأعصاب والانثروبولوجيا والاجتماع والتاريخ يؤكدون بأن الإنسان بشكل عام حتى لو كان متعلما يتصرف بشكل يقترب من الآلية المطلقة وأنه لهذا السبب يقع أسيراً للثقافة السائدة...... فالغفلة عن آلية السلوك الإنساني تؤدي إلى تفاقم هذه الآلية وإلى استمرار غياب العقل الفاعل وتكريس هيمنة العقل المنفعل أما إذا حصل الانتباه لهذه الآلية فإن الفرد يستدرك حالته ويستخدم العقل الفاعل فيعيد تكوين ذاته...إبراهيم البليهي.
....

تلك كانت أمثلة توضح في تواضع و بساطة بأن الفرد لا بد أن يـُخضع لأفكار المجموعة ، هذا يحدث عندنا، لأنه قانون عام في كل مجتمع متخلف، الخلية الفاسدة ، يمكن أن تنشر رائحتها النتنة في جو أي مجتمع يتسم بفقه الدكتاتورية ، فيصبح المجتمع عرضة أن تتراكم فيه ، ثقافة غير صحية ، يتعود على آلام دماملها ، لدرجة التشبع فيقع أسيرا لها بدون انتباه ، فإذا وقف أحدهم صارخا من آلام آماله أصبح موقع استغراب من الثقافة السائدة واتهم بالشذوذ والكفران معا.
.......

هذا كل ما في المسألة وكفى
...............