(06-28-2009, 07:52 PM)Hameeduddin كتب: للعلماني اقول
انا فهمت القرآن في ترجمته الفرنسية أكثر من النص العربي
وقد صدرت اخيرا احدث وآخر ترجمة للقرآن للمفكر الجزائري المقيم بباريس مالك شبل اعتقد هكذا اسمه
لم تصلني بعد نسخة منها
لكن المغالاة في مدح العربية على حساب لغات اخرى لا تفيد
فالعفلقية والناصرية والاسلاموية والاموية كلها حركات عرقية مقيتة ولم يبق لها اي تاثير على الجمهور العريض
ينبغي تحرير القرآن من قيد اللغة العربية وعلى العرب ان يقرأوه بلغتهم وعلى الهنود والافغان والفرس والشركس ان يقراوه بلغتهم
وان يحرروا الاسلام من سيطرة العرب ومتاجرتهم به
فالقرآن ليس قاصرا تحت كفالة العرب
لان الاسلام الحقيقي لا يحارب هويات الشعوب وثقافاتها ولغاتها ولم يات ليجعل كل العالم عربيا ولكن جاء للدعوة والتبشير بالفضائل والايمان
تحياتي
هذا كلام لا يقوله "مسلم" يا "حميد الدين"، فأنت تزعم - بقولك هذا- أن مترجمي القرآن أقدر من ربك على البيان والتبيين والإيضاح والتوضيح. فهل هذا حقاً ما تريد الوصول إليه؟
بضعة توضيحات أخرى:
1) القرآن - وكل نص ديني أدبي - يا صاحبي ليس "معان" فقط، ولكنه ألفاظ أيضاً، بل لعل إعجازه - عند المسلمين - يرتكز على "أسلوبه الفريد" بقدر ارتكازه على معان بعينها. فقصار السور المكية التي اتخذت كثيراً مادتها من "الوعد والوعيد" قد تكون عصية على الترجمة لصعوبة تضمين اللغة الأعجمية "الجرس" القرآني. هذا "الجرس" يستمد مادته من الموضوع من ناحية ويقوم بتعزيز مادة الموضوع من خلال اللفظ المناسب من ناحية أخرى. هنا لو أخذت على سبيل المثال لا الحصر "سورة العاديات" وأصخت السمع "لجلبتها" والتزام "السجع القصير" الصارم فيها لفهمت ما أعنيه "بالجرس القرآني" الذي يتكاتف فيه اللفظ والمعنى على تأدية الغاية التي يريدها صاحب النص.
2) ملاحظة لك ولابراهيم على السواء بخصوص "إيجاز العربية" مقارنة "بالفرنسية": لنأخذ محض سورة من السور القصيرة في القرآن ولنعد الكلمات العربية فيها ثم نعد كلمات الترجمة الفرنسية لنفس السورة.
لو فعلنا ما تقدم فإننا سوف نرى، مثلاً، أن "سورة العصر" تتألف من 14 كلمة، بينما قد يصل النص الفرنسي إلى 29 كلمة. وأن "سورة الشرح" عبارة عن 27 كلمة (عدا البسملة طبعاً) مقابل ما قد يصل إلى 60 كلمة في الترجمة الفرنسية. بل نستطيع ن نختصر المقارنة من خلال النظر إلى "البسملة" نفسها التي تتألف من 4 كلمات بالعربية و 10 كلمات بالفرنسية.
ما أريد أن أقوله أن "العربية" هي لغة "إيجاز"، وما تستطيع تأديته ببضعة كلمات معدودة يطول ويمتد ويسبطر في اللغة الفرنسية وتربو كلماته على ضعف كلمات العربية كي نعطي المعنى حقه.
الآن، لو كررنا هذه التجربة مع أي نص حديث بالفرنسية ومقابله بالعربية، فلسوف نجد أن عدد الكلمات في النص العربي سوف يكون أقل دائماً، دون أن يختل المعنى.
3) هناك "تعابير قرآنية" لا تستطيع ترجمتها أن تبلغ ما للنص الأصلي من تأثير في نفوس الناس. من هذا مثلاً تعبير: إن مع العسر يسرا. إن هو إلا وحي يوحى. ألا تزر وازرة وزر أخرى ... إلخ.
هيبة هذه التعابير وفرادتها جاءت من تواتر الاستخدام في أفواه الناس. ولكنها مع 1400 سنة على نزول الوحي أصبحت مثل "الأمثال اللاتينية" في "القانون" ؛ ترجمتها لا تفي بغرضها.
4) إن كانت لغتك العربية يا "حميد الدين" تنوء بك عن فهم معاني القرآن، فتحاول جلاء معانيه عن طريق ترجمة مالك شبل أو بلاشير وأضرابهما، فمن الأجمل بك أن تعمل كي تعزز رصيدك اللغوي العربي، لا أن تطالب بتحرير "كلام ربك من وعائه" الأصلي لأن فهمك قصر عن تحصيل معناه. إذ ليس ذنب اللغة العربية والقرآن أن لا يفهمهما قاريء للنص الديني، ولكنه ذنب القاريء الذي قعد عن الجد والتحصيل وآثر اللجوء إلى لغة أعجمية كي يفهم ما يخاطبه به ربه بكلام مبين.
لغة القرآن يا صاحبي ليست "لامية الشنفرى" بعنتها وصعوبتها، ففيها الكثير من السلاسة والعذوبة. ولعله من النادر أن يأتي القرآن بكلمة يصعب على العربي العادي أن يفهمها. وهذا إن حدث، فالإمكانيات اليوم متاحة للرجوع إلى مصادر تشرح لنا ما استغلق علينا من ألفاظ صعبة.
واسلم لي
العلماني