RE: أنـــــــــــــ الله ـــــــا
انا المجنون الذى يكتب جناناً لا يفهمه أحد حتى أنا , انا العاقل من يكتب ليفهم الأخريين فلا يفهمون ما أكتب ولا حتى انا فاهم , انا رجل الشفرات فلا افك شفرتى ولا افهم ما كتب غيرى ولا حتى شفرات الاخريين .. يبقى لا انا فاهم حد ولا حد فاهمنى, ولا حد هيعرف يفهمنى , ولا اللى فاهمين عارفين يفهموا بعض , ولا البعض عارف ان البعض اصلا فاهم , وكلنا مش فاهمين , وكلنا برضه مش عارفين ؟!
أذا انا موجود فأنا مجنون , وهما موجودين يبقوا مجانين , وطالما كلنا هنا يبقى كلنا مجانين ...
فى صحراء قاحلة يقف جيش يملك " الحقيقة المطلقة " او هكذا يظنون , جاءؤا لينتقموا من مقتل رب العلى . جائوا بجيوشهم الجبارة وابطالهم لتكون لهم وقفة , عسى ان يكون الخبر غير صحيح وان الله يختبر أيمانهم ويجزيهم عن أعمالهم خير الجزاء ..
وقفوا بجيوش جبارة , أكاد أسمع أصوات سيوفهم تلمس مربط الفرس من التأهب للمعركة , صهيل الحصانة كرعد يسرى فى السماء تنتظر أمر سيدها لتركض فى ساحة القتل , فرسانهم ينظروا من وراء الأقنعة متأهبين للقتال ( الليلة دماء وجثث ومواتى من أجل مولانا وربنا سبحانه وتعالى ) مجنون أنت أيه الفارس , تتقرب الى رب الخليقة بقتل خلقه ؟!
نظرت عن يمينى وشمالى فوجدتها صحراء جرداء فارغة , لا سيف فيها حتى سيفى , ولا حصان يقف عليها , لا جندى لا محارب ولا حتى ظل واحد - أقسمت انى سأترك سيفى خلفى ومهرتى , فلا حرب ولا قتل ولا أزهاق حياة بعد اليوم . كنت لست حتى بمقاتل فى ساحة المعركة , بل أنساناً يمشى على صحراء يحلم ان تتدب فيها الحياة . أنسان يحلم ان يأتى يوم على تلك الحيوانات وتعرف انها " بنى أدميين " لديها عقل لو عمل لانتاج وعمر وبنى . أعزل من السلاح ومن كل شئ حتى الهدوم نفسها , ما حاجتك لملابس ازى كنت ماشى فى الصحراء تلتمس الحكمة ؟
تقدم نحوى أربعة خيول يركب عليها اربعة فرسان , وتركض احصانتهم السوداء تحت الشمس الساطعة , تلمع دروعهم وسيوفهم واقنعتهم الفضية تحت الشمس , وكأنهم تنانين تنفخ النار . واقتربوا واقتربوا حتى توقفوا عندى , ونزع عن نفسه القناع شاباً وسيماً وسألنى :
- من أنت ؟
فرفعت عينى أنظر له , فتكرمشت عينى من الشمس , قائلا : من يسأل ؟
فأبتسموا فرسانه وضحكوا بسخرية , ورد أحدهم : الا تعرف الملك " حاتم " ؟
فنظرت له بأستغراب عجيب , فكيف يكون ذلك الملك شاباً صغيرا ليس عجوزاً كركوباً :
- أنا المجنون حيث لا أرى حتى نفسى , وأحدث مجانين فيقولون أنى انا المجنون .
فقال الملك الشاب : طيب يا مجنون , اصحيح ان الله قد مات ؟
فردد المجنون اللى هو انا : نعم
فنظر لفرسانه وكأنه يستشيرهم بعينه فى ما يسمعه , وقال " أذا ما سمعنه صحيح , لقد قتل ألههنا " . وتابع " اسمع يا مجنون , أتعرف من قتله ؟! "
دعونى أركض وألهو والعب فى صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء , دعونى وشأنى مالكم بى - هى صحراء لا فيها شئ نعم ,لكن على الاقل بوجودى ينعم ألهكم بأنسان يحسسه بوجوده . أترك ربكم الصحراء وغادر ؟ ام انه نقل على برية او واحة بها ماء وزرع ووجه حسن . سأركض الأن يا ملك الملوك , لا حاجة لى بك او بجيشك او حرسك , لا حاجة لى بسيف اللامع ولا بدرعك الفضى ولا حتى بحصانك الأسود ... سأركض الأن مجنوناً فى البرية , سأركض الأن ربما كمعتوه عبيط يلعب مع النجوم فى صحراء قد تكون لا زرع فيها ولا ماء , لكن بيها روح مشاغبة لا تعرف الراحة الا اذا عمرتها ! روح لا تعرف النوم ولا تعرف الكسل , لا تعرف الا العمل . قد تكون بلا زرع ولا ماء , لكن بيها حياة ستعمرها . بها روح لن تهدئ ولن تنام , سأركض الأن ...
ركضت فسمعته ينادى , ( مين قتله يا مجنون ؟ )
لست انا وحدى , بل انت يا من تركب على حصانك وتسال من قتله ؟ بل انت يا من تقود جيشاً وأمة ولازالت تؤمن بيه وتعتقد انه يملك من امرك شئ ؟ حسناً , ألم اخبرك انى مجنون يحدث مجانين , الم اخبرك انى كلما حدثتهم قالوا انى عقلى ضرب واتبدل مكانه طبق محشى ..
وصرخت له بأعلى صوتى ( رجلاً يدعى أنسان )
ورأيتهم وانا اركض كيف يتجادلوا ويتسألوا : يا ترى يطلع ايه "الأنسان" ده ؟
انا موجود , أذا انا مجنون
|