اقتباس:أنت عجبتك لعبة السلفيين ولا إيه حكايتك بالظبط?

لعبة ؟
أنا أعيش بينهم بالفعل اليوم، أحدثك من موقع المهرجان على الهواء مباشرة

أنا كنت هكذا في يوم من الأيام ، ولكن مع فارق، لم أكن لأقبل أن يقوم أحد بتصويري بالكاميرا، لقناعتي التامة بأن التصوير الذي يشتمل على أرواح حرام.
وحتى اليوم لا زلت أعيش معهم، فأنا لا أفتح ولم أفتح قناة المجد ولا إقرأ ولا كل هذه القنوات التي تشاهدها ولا مرة في حياتي، أكرر : ولا مرة في حياتي.
كل ما أتحدث به هو عن تجربة حياتية شخصية.
الأمر لا يعود إلى السادات بشكل مباشر ، الأمر يعود إلى الإعارة في الخارج.
لقد تلقيت كل هذا من السعودية، ولم أعرف شيئاً عن السادات سوى أنه كان قبل مبارك وقتل في عرض عسكري.
ولكني كنت أذاكر تاريخ الملك عبد العزيز والملك فيصل وخالد ومجدد الدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب.
وهذا ما كنت أمتحن فيه آخر العام.
أما تاريخ مصر فلم أقرأ فيه كلمة واحدة في تلك الفترة، هم فقط علمونا أن الفراعنة قوم أبادهم الله مثل عاد وثمود لطغيانهم، وقد انتهت قصتهم في اليم ولله الحمد ، كان هناك فصل كامل عن الأمم البائدة في كتب التوحيد ، ومن ضمنهم الفراعنة.
لم أقترب من تاريخ مصر أبداً بعد ذلك. ولم أشاهد السادات سوى مرتين خطف على التلفزيون المصري وقت الإجازة الصيفية، وكنت أتفرج عليه كمن يشاهد الزرافة لأول مرة في حديقة الحيوانات.

وطبعاً انا في الجيل الأصغر من جيل الحويني، فالحويني هو في سن والدي، فأنت لو أردت تتبع سلفيي اليوم، فعليك أن تتبعني أنا ومن هم في مثل سني وسنك وليس الحويني.
الحويني خلاص راحت عليه وعجز ، لن تستطيع أن تفعل بحياله شيئاً ولا حتى الإبادة الجماعية لجيله ستفيدك، لأن جيلاً بعده هو الذي يعيش اليوم، جيل لا علاقة له بمصر ولا بالسادات، ويستقي مباشرة من المنابع الحجازية ، بسبب الإعارة في الخارج ، ونشأته في أحضان أرض مكة والمدينة.

وتلك الفترة هي التي كنت أنزل فيها من البيت مرتدياً الجلباب القصير والعمامة، ولا أفوت صلاةً إلا حضرتها في الصف الأول على اليمين في المسجد.
إذاعة القرآن الكريم وابن عثيمين وابن باز وابن أمه كانت هي قوتي اليومي ، لو أنك كنت قد شهدت معي تلك الفترة واستمعت إلى تلك الإذاعة، لعرفت أن الحويني الذي تسمعه اليوم ليس إلا مرفهاً دينياً ، ومتسيب نوعاً ما ، ولم أكن لأترك الإذاعة إلا لأحل الواجب المدرسي على مضض ( الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات ) تلك المواد المقرفة التي تعطلني عن عبادة الله عز وجل ، رغم أنها مطلوبة كفرض كفاية ، ولكني كنت مهتماً بالأساس بتحقيق فروض العين! من قرآن وصلاة واستذكار لسيرة النبي والصحابة ومعرفة لأصول الفقه والحديث والعقيدة، فمن أين آتي بالوقت لفرض الكفاية؟
في كتاب الفيزياء أتذكر جيداً ، تلك الملحوظة التي كتبت تحت عبارة ( المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم ) بأنها غير صحيحة لمخالفتها للقرآن الكريم ، وأننا ندرسها فقط لنعرف كيف كان الكفرة يفكرون وقتئذ ، وكان الأساتذة دائماً يركزون مرة ومرتين على هذه النقطة في حصة الفيزياء .
وفي كتاب الرياضيات ملحوظة أخرى في الكتاب وعلى لسان المدرسين عند دراسة الخط المستقيم اللانهائي، تقول بأنه لا يوجد مثل هذا الخط لأن كل شيء نهائي ، ولأن الله تعالى محيط بكل شيء. فكل شيء له نهاية. فانتبهوا إلى مثل هذه الكفريات وخذوها على علاتها فقط من أجل الإمتحان.

وكنت أترك الإذاعة كذلك لأقرأ في كتب ابن تيمية وابن القيّم وغيرهما من الأئمة الحفاظ. في وقت من الأوقات كنت أحفظ جزءاً كبيراً من متن "عمدة الفقه" لابن قدامة المقدسي الحنبلي الفقيه الذي كان أفضل من شرح مذهب الإمام أحمد بن حنبل. وله مؤلف هو أكبر كتاب في الفقه الإسلامي اليوم اسمه ( المغني ) وليس هناك في حجمه سوى كتاب ابن حزم الأندلسي في مذهبه الظاهري والذي اسمه (المحلّى في الفقه) .
اليوم يمكنك أن تصبح دلّوعاً وتحمل مثل هذه الكتب الضخمة التي يتجاوز الكتاب الواحد منها الأربعة عشر مجلداً من الإنترنت ، ستجدها أعتقد في مكتبة مشكاة .
www.almeshkat.net/books/index.php
قال لعبة قال
اوع تقول كده تاني هنا لحسن حد يسمعك من الجماعة اللي عندي وتطير فيها رقاب

كتبت لك هذه التفاصيل لأني رأيت فيك شغفاً بمعرفة من أين جاءت الجذور لمثل هذا التوجه، ولولا أني رأيت منك حرصاً لتتبع البدايات، لما كتبت هذا.
وأحب أن أقول لك، أن قنوات مثل إقرأ ، و المجد ، وغيرها ، كانت تعتبر بالنسبة لي كفراً وفسوقاً هذا لو كانت قد ظهرت على أيامي !
قناة إقرأ تجلس فيها امرأة مذيعة مع رجل دين، منتهى المسخرة والكفر ، ناهيك عن التصوير الفوتوجرافي لأناس بأرواح ، وأن رجل الدين يرتدي بدلة، وأيضاً حليق اللحية أحياناً
وأحياناً يشذب لحيته في حال إن كان مربياً لها! ، نسأل الله السلامة والعافية.
قمة التفسخ الديني والدعوة إلى الجحيم.
والجهلة المساكين الذين لا يعلمون شيئاً عن صحيح الإسلام يظنون أن هذه القنوات لها علاقة بالإسلام. وما هي إلا فتنة من فتن آخر الزمان.

لم أكن لأتنازل عن وجهة النظر هذه ، لولا أن أهديتُ كتاب الشيخ القرضاوي الذي اسمه ( الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف )
وكتابه الآخر الذي اسمه ( الحلال والحرام في الإسلام ).
الشيخ القرضاوي الذي ينعتونه بالمتطرف ، كان أكبر من واجه المتطرفين الذين يكفرون الآخرين، وقد شاهد نشأة أول جماعة تكفيرية أمام عينه في المعتقل في مصر، وواجههم في فترة تواجده في المعتقل عندما تسبب التعذيب الشديد الذي تعرضوا له هناك في نشأة فكرهم التكفيري، والذي تصدى له بقوة القرضاوي زميلهم في الزنزانة آنذاك، وقد كان القرضاوي هو السبب في أن ألبير رضي أن يتنازل ويفتح جهاز التلفزيون مرة أخرى ، ويقبل بالتصوير الفوتوجرافي على مضض وفي وقت الضرورة فقط، و تخيل أن القرضاوي جعلني أرتدي القميص والبنطلون مرة أخرى بعد أن أمضيت دهراً بالثوب القصير والعمامة.

في تلك الفترة يا عزيزي كان بن لادن يخطب الجمعة في السعودية، وكانت الناس تسافر إليه لتسمع خطبته، وكانت أشرطته تباع في محلات الأشرطة الدينية هناك وتنفد بشكل مستمر.
هناك أيضاً شيوخ آخرون اشتهروا في ذلك الوقت، لو أنك أحببت أن تتعرف على شيخي المفضل ، والذي كنت أستمع له ليل نهار،
وقابلته شخصياً وصليت خلفه أيضاً ، فهو الدكتور / محمد المختار الشنقيطي ، أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
أنت لديك فضول للتعرف على عمق مجتمع الإميش بحق ؟ إذن عليك بمحمد المختار الشنقيطي
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=63

حتى اليوم ورغم خروجي عن الإيمان كلية ، لا زلت أحتفظ بكتابي القرضاوي هذين معي، لأنهما كانا أول كتابين علماني أن أكون "متفتح الأفق" رغم كل الفارق الهائل بين معنى هذه الكلمة
لديك ولديّ الآن ، وبين معناها لديّ في ذلك الوقت .