المشكلة التي يجب التركيز عليها هي أنه يستوي في نظر المسلم من قام برسم هذه الرسومات، ومن قال أن المسيح ابن الله وارتد بعد إسلامه، بل إن الأخير في نظر المسلم أشد جرماً وأكثر عداء للآدمية وأولى بالمطاردة والقتل قبل من رسم هذه الرسومات ، لأن القرآن يقول : ( تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا - أن دعوا للرحمن ولدا )
هذا هو الجرم الفظيع الذي يجب أن يعطيه المسلم أولوية في الإنتقام والقتل : هو أن يتنصر شخص.
أما إهانة محمد : فقد حصلت في عهده أكثر من هذه الرسومات بكثير وكل المسلمين يعرفون هذا، كانت تلقى فوق رأسه دماء حيض البهائم وأمعاؤها وجيفها.
المهم والأولى بالسحل وسلخ الجلد هو من تنصر وقام بتأليف كتاب بل وتمثيل فيلم وعمل أكثر من تسجيل صوتي عن أسباب تنصره، فهذه هي الإهانة الكبرى والذنب الذي لا يغتفر لدى المسلم. الخطأ في ذات الله يجب أن يعاقب قبل الخطأ في شخص الرسول.

العجيب أن تجد من يروج ويدعم الفكر التنصيري ويكن محبة غير طبيعية لإسرائيل واحتقاراً غير طبيعي للعرب يأتي في مثل هذا الموضوع ليزايد على المشاعر الإسلامية ويتظاهر بالحرص عليها وهو من أشد المطلوبين شعبياً لدى المسلمين على لائحة حد الردة والصلب وتقطيع الأطراف في ميدان عام إذا تجرأ في يوم وعاد إلى مجتمعه الذي انسلخ عنه منذ زمن بعيد ، مثل هذا السلوك لا يمكن وصفه بأقل من العاهرة التي جاءت تحاضر عن الشرف والمني لا زال يسيل على فرجها من أثر الجماع الأخير، وأنه اصطياد في المياه القذرة وليس فقط العكرة.

أما تلك الثورات التي نراها على هذه الرسومات فسببها الحملة الإعلامية المدرة للمال والشهرة التي يستغلها الشيوخ وأصحاب المطابع الذين يعانون من كساد طال أمده ، في طباعة ستيكرات وعمل أشرطة وبيعها، يستفيدون من ثورة القطيع لمجرد رؤية ملاءة حمراء تهتز في الهواء. ولكن لو انتبه أحد إلى شخص متنصر يعيش في الخارج وله تسجيلات وكتب ضد الإسلام ، لطبعوا لصورته ستيكرات وركزوا في عمل حملة إعلامية مماثلة حتى يلفتوا انتباه العالم الإسلامي كله أن هذا الشخص مهدور الدم. ولكن الذي حصل أن الأمزجة الإنتفاعية لشيوخ الدعاة النصابين وأصحاب المطابع راقت أكثر إلى رسومات الكفرة.

ولكنهم لم يكترثوا للمسيح الذي يهان بطريقة مماثلة منذ عشرات السنين رغم أنه نبيهم هو الآخر فهم يؤمنون به، دليل على أن مثل هذه الحملات والغضب كله موجه ومستثار.
المهم هو كيف يمكن أن يواجه إنسان إهانة معتقده بالتفجير والقتل والدم، هذه هي الفاشية التي تستفز الغرب كثيراً وتجعلهم يرسمون هذه الرسومات مرة أخرى وأخرى وأخرى ، لو كان رد الفعل من قبيل الإستياء والقرف فقط لنامت هذه القضية واندفنت تحت السطح منذ زمن بعيد وتلاشت تلك الموضة.
ولكنها مستمرة وسوف تستمر حتى يصل المسلمون إلى مرحلة يملون فيها من تلك الثورات ويكتشفون أنهم كانوا موضع استغلال إعلامي لدر المال طوال تلك السنوات على أمور تافهة لا تستدعي كل هذا الإنتباه والحزق، بينما تم صرف نظرهم تماماً عن المصائب الحقيقية التي يرزحون فيها في بلادهم المتخلفة التي تمتص فيها ثرواتهم كل يوم ويحكمهم شلة من اللصوص ويعظ فيهم أيام الجمعة شلة أخرى من المرتزقة الذي يعيشون على امتصاص أموالهم باستثارة مشاعرهم.

لاحظت بقوة أن نفس الصفحة التي عرضت تلك الرسومات ، هي ذاتها التي كرست تقريباً كل مواضيعها الأخرى لنشر مقالات تصب ضد الحرب على غزة ! وضد الحرب على العراق.