الزميل أحاه:

عدت بعد يوم طويل ومن الملل أتيت لنادي الفكر حيث لا شيء أفعله كثيراً وسط مشاكل الجراحة في الأنف.

رجاء أن تقرأ الشريط (الموضوع) هنا من بدايته حيث تفضلت وبدأته وإلى أن وقفنا هنا. هل رأيت ما تسبب به موضوعك في إيذاء مشاعر الأخت نضال؟ هل هذا هو تصورك لحرية التعبير؟ تصورك خاطيء يا عزيزي. ما تقوم به أنت هو الإمساك بساطور كبير وتقوم بتجريح مشاعر البسطاء من جهة وأيضا إزكاء مشاعر التطرف الإسلامي ممن لديهم ميل لتأجج الحمية الدينية.

كان بإمكانك أن تصبح رسول سلام ولا تستمد مادة الضحك من خلال السخرية بمقدسات الآخرين.

لي شخصياً اعتراضات ليست بقليلة على الإسلام ولكني أعلم علم اليقين أن الإسلام ليس مجرد عقائد ولكنه ضمير إنساني وجداني حيّ يحيا به ما لا يقل عن بليون مسلم. أديانهم ليست لوائح ولكن بالنسبة لهم أديانهم هي أعز عليهم من أبناءهم وأبائهم وأعز مما يملكون.

ما قمت به أنت هنا في هذا الشريط الحواري يا سيدي العزيز وخاصة ما تسببت فيه من جرح تجاه الزميلة "نضال البال" هو أمر لا يغتفر.

Absolutely Unforgiveable.

وفهمك لحرية التعبير يجب أن يرتكز على الشعار الدائر في الثقافة الأميركية حيث يقول المثل كما علمتني إياه زوجتي:

`Your Freedom Ends Where My Nose Begins'

ابحث عنه على جوجل وحاول أن تستوعب مسألة الحرية من جديد.

كل دين لنا تحفظات عليه "من هنا للصبح"؛ ولكن هناك الدين كـ "نصوص ولوائح" وهناك الدين بما يحمل من حس عاطفي. أذكر أيام رمضان وكنا نسمع مسلسل "محمد رسول الله" وبصوت ياسمين الخيام. أذكر طريقة إلقاء ياسمين الخيام وهي تقول في الأغنية "ترنيمة داود... وبشارة عيسى... فصلى الله على محمد.. محمدُ رسولُ الله".

لو سألنا ياسمين الخيام عن رأيها في هذا النص أو ذاك لأجابتنا صريحة أنها لا تعرف سوى محمد صلى الله عليه وسلم الذي تصلي وتسلم عليه ويحتل مساحة كبيرة جداً في قلبها.

حيال هذا: هل هناك مطلوب الجدل؟

حيال هذا: هل هناك مطلوب السخرية أو التجريح؟

في الكنيسة الإنجيلية يقولون ترتيلة سمعتها وكثيرا ما رنمتها وفيها يقولون: "الفرس وراكبه قد طرحهما في البحر".

الآن لا تروق لي كلمات كهذه بالمرة وأنا إنسان إنتقائي ولكن من يقول هذه الترتيلة يشعر بنشوة أورجازمية روحانية ويجب احترام ذلك. لا أريد إله يطرح أحد في البحر ولكن يكفي أنه هو "إلهـه".

التركيز هنا ليس على "إله" وإنما بالأحرى قطعاً على "الهاء ضمير الغائب" المتصل بكلمة "إله".

وبس.

أحزنني كثيراً أن أرى ما عليه الزميلة "نضال البال" من حزن. المسيح يقول كلمة جميلة: من يستبب في عثرة إنسان فأهون عليه أن يلف حجر على رأسه بحبل ويرمي نفسه في البحر.

وأنت تسببت في عثرة نضال وعليك ينطبق كلام المسيح في الإنجيل: أهون عليك أن تلف حبل بحجر ضخم حول عنقك من أن تتسبب في عثرة لأخيك/ أختك الإنسان/ الإنسانة.

ودمتم بخير؛ وكل عام وأنتم بخير.

أعود للراحة في السرير إلى أن تعبر هذه الجراحة في الأنف عندي.