السيد طريف ساردست
تحياتي
لا يتعارض القران الكريم مع اي حقيقة كونية و لكنه قد لا يتفق مع بعض الفرضيات و النظريات , و السبب في ذلك راجع الى ان الفرضية او النظرية لم تتوفر لها الشروط المفروضة لتصبح حقيقة ( اي قانونا كونيا).
الضوء هو اكبر سرعة معروفة لدينا و لكن هذا لا يعني شيئا الا اننا لا نعرف سرعة اكبر منه فقط.
الاشكاليات التي عرضتها هنا لا تعدو ان تكون اشكاليات متوهمة السبب فيها التفاسير القديمة, و هي لا تُلام على كل حال لأنها تعكس السقف المعرفي لزمن كاتبيها , و لكنها لا تحتكر المراد الالهي من النصوص التي أوردتها.
و لنقرب المسالة دعنا نضرب مثلا باحد النصوص التي اوردتها:
{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ(10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12) } فصلت
فالاشكالية في تفسير هذا النص هو انك اعتبرت بان المقصود بالسماء هنا الكون , لهذا بدا لك بانه من غير المنطقي ان يحتاج خلق الارض فقط و تقدير اقواتها الى اربعة ايام من ايام الخلق الستة بينما خُص كل الكون بيومين فقط :
ا
اقتباس:ن اشارة الله الى زمن محدد على التعيين لخلقه السموات والارض لاقيمة معلوماتية لها لينقلها الينا الا على سبيل اظهار عظمته إذا كان اليومين من ايام الارض.. مع ان ذلك يعطي قيمة لانتاجية العمل التي تتناقض مع قيمة انتاجه للسموات بالمقارنة مع الارض،
و لكن الواقع هو أن السماء التي سُويت سبع سموات أو قُضيت سبع سموات المقصود بها سماء الارض و ليس الكون.
و يتضح المعنى المقصود بالسموات جليا عند قراء آية سورة التوبة :
{ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين } .
فهذه العدة خاصة بسيار الارض وحده حيث تبلغ السنة اثني عشر شهرا ,عليه فالاستنتاج المنطقي هو ان المقصود بالسموات هنا سموات الارض و ليس الكون , لانه لا يوجد في اي مكان غير الارض تكون فيه السنة اثني عشر شهرا.
و كثيرة هي الايات التي يخبرنا فيها القران الكريم بان الله بعد ان خلق لسيار الارض سمائه سوى هذه السماء سبع سموات:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:29)
(رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) (النازعـات:28)
و الاختلاف في طول اليوم الوارد في الايات أدناه :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (الحج:47)
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (السجدة:5)
( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج:4)
اختلاف متوهم و سرعان ما يتبدد عند تدقيقك في كل نص .
فالنصان الاولان يذكران بان مقدار اليوم الف سنة بحساب الارض ( مما تعدون)
أما النص الثالث و الذي يقدر اليوم بخمسين الف سنة فلا ينسبه للمقياس الارضي بتاتا.
تبقى كلمة ( عند ربك) محتاجة لتوضيح و هو ان هذه العندية لا تعني مكانا و جهة فالله تعالى منزه عن الجهة و المكان و لكن العندية تعني في عرفه مثل قوله تعالى ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ
عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:94)
اقتباس:عدا عن ان كليهما يتناقضوا مع قدرته على الخلق بمجرد "كن فيكون".
المعنى المقصود بقوله ( كن فيكون) هو مضاء الامر و حتمية تحققه و ليس فورية حدوثه , فانت قد تعطي الكومبيوتر امرا لينفذه و يكون حتما على الكومبيوتر تنفيذه و لكن ليس بالضرورة ان يكون التنفيذ فوريا .
الله تعالى يصدر أمره ليصير ما يريد و لكن هذا الامر هناك من هم موكولون بامر تنفيذه و هم الملائكة:
(مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6)
فرق بين اصدار الامر و بين تنفيذه فكل منهما عملية مستقلة.
اذا قال الله تعالى:
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (صّ:71)
فهذا يعني بانه قضى امرا بخلق بشر من طين و لكن لا يعني بأنه من سيقوم بعجن هذا الطين و تشكيله بنفسه.
عليه فلا تناقض بن قوله تعالى ( كن فيكون) و بين استغراق خلق الارض بسماءها ستة ايام.