عزازيل ***
صفحات مجهولة من تاريخ المنطقة (الشرق الأوسط) قبل الإسلام وفي عز الصراعات البيزنطية الفارسية وبالأحرى: التاريخ الديني للمنطقة
الراهب المصري هيبا الذي يهج من مصر و كنيستها الكبيرة في الاسكندرية حيث المجازر ترتكب باسم الدين الذي يستغل الغوغاء ويلهب الحماس الديني.. وكأني به في أيامنا هذه غير بعيد عن هذه الجغرافيا
هيبا الطبيب الراهب الشاعر قادما من أعماق الصعيد من مدينة اخميم التي قتل قربها ابوه الوثني على يدي أنصار الديانة الجديدة بتحريض من أمه المسيحية وأخواله المؤمنين هاربا إلى الأسكندرية العاصمة الكبيرة التي يملكها بيد من حديد الاسقف الرهيب كيرلّس فيها سيعايش الناسك الشاب ويلات الدين الجديد حيث تحطم المعابد القديمة على رؤوس الوثنين وتطمس معالم الرسومات بحرقها وتشوه واجهات المعابد والتماثيل الوثنية (وكأننا أمام طالبان اليوم) أما هو فيبحث عن ايمان حقيقي عن طريق سلك الرهبنة الذي نجد به تناقضا مع السلك الكنسي.. فاراً من المدينة (عاصمة الملح والقسوة) بعد أن شاهد بأم عينيه مجازرا تقض مضجعه شرقا باتجاه مدينة القيامة أورشليم/ سالم التي سيقيم بها لسنوات ثلاث لن يجد فيها راحة الروح التي يبحث عنها ليقضي بعدها سنوات تنسّكه الحقيقي في دير غير بعيد عن سهول حلب (الرها) يخط فيه رقوقه هذه ويدفنها عند العتبة الحجرية للدير قبل أن يغادره لمجهول روائي بعيد
عزازيل كتاب يلامس دون تعمق كبير الخلافات المسيحية المسيحية في المائة الخامسة من الميلاد والخلاف بين كنيستي الاسكندرية وانطاكية حول مفاهيم اللاهوت المسيحي وعلى رأسها الأقانيم والتثليث.. طبعا يذكر له صنيعا في تعريفنا باسماء لا يعرفها غير المتعمقين في الدين المسيحي او الفلسفة اوالثقافة بشكل عام أسماء مثل : نسطور والنساطرة ... الأسقف تيودور المصيصي- من مصيصة في بلاد الشام.. آريوس والآريوسين...الأسينين في مغارات البحر الميت وقديسهم خريطون.. أوريجين والأخوة طوال القامة.. جورجيوس الكبادوكي اسقف الاسكندرية و مقتله المأسوي بالسواطير على يد اتباعه.. هيباتيا العالمة اليونانية التي لا يزال أقباط مصر حتى إلى اليوم يعتبرونها ساحرة وعاهرة على عكس كتب التاريخ ومقتلها وسحلها وسلخ جلدها ومن ثم حرقها بعد تحريض البابا كيرلّس على ذلك جموع غوغاء المؤمنين على رأسهم بطرس القارئ الذي صار فيما بعد اسقفا للاسكندية باسم مونجوس..
شخصيات كثيرة قادمة من التاريخ ومن تاريخ الكنيسية تحديدا اضافة الى شخصيات مخترعة من رهبان وكهنة والخ ابتدعتها مخيلة الكاتب لتأتي رقوقه (التي ادعى أن كاتبها هو الراهب هيبا ) مزيج بين الرواية التاريخية المتخيلة والبحث الثيولوجي السريع (اذ لم نقل السطحي: وحسنا فعل لأن تشويق الرواية لن يحتمل تفاصيل لاهوتية او تاريخية أكثر)
هذه الرواية التي صنعت إشكالات واسعة منذ صدورها حتى اختيارها في القائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية 2009 (البوكر؟؟) لا تزال الكنيسة المصرية والقبطية حتى الآن تهاجمها رغم أن مطرانا يدعى: يوحنا جريجوريوس؟؟ كتب في غلاف الطبعة الخامسة(خلال سنة واحدة) ما يلي:
يوسف زيدان هو أول روائي مسلم يكتب عن اللاهوت المسيحي بشكل روائي عميق، يحاول أن يعطي حلولا لمشكلات كنسية كبرى.. إنه اقتحم حياة الأديرة ورسم بريشة راهب أحداثا كنسية حدثت بالفعل و كان لها أثرا عظيم في تاريخ الكنيسة القبطية.
لن أتطرف في إبداء الرأي بهذه الرواية لانها تقرأ على عدة مستويات وهذه ميزة لها فانا لايهمني رضاء الكنيسة القبطية او غضبها او حتى تاريخها يكتبه مصري مسلم أم مسيحي وكل هذه الضوضاء التي تثيرها الكنيسة القبطية وأتباعها الأوفياء حول مثل هذه القصص وغيرها.. لا تزيد إلا من غربتها وغرابتها عن الحياة المعاصرة
سأحاول ان أن أستشف الأبعاد الرمزية في هذه الرواية هل هناك ترميز ما؟؟ هل هنا تعصير ما (من المعاصرة)؟؟
هل يريد الكاتب أن يوجه الخطاب الى الجارة كي تسمع الكنّة؟؟ هل بالأحرى يخاطب الكنيسة القبطية كي يسمع الأزهر السني؟؟؟
أسئلة لابد أن أعود لأخوض وأغوص فيها
فيديو متعلق مباشرة ورأسا بالموضوع هنا: