(09-16-2009, 08:22 PM)neutral كتب: أنا أعنى برأسمالية القرن التاسع عشر أنها رأسمالية بلاضوابط أو قيود كما هو الحال اليوم فى الرأسماليات الغربية.
أشياء مثل تحديد عدد ساعات العمل ووضع حد أدنى للأجور والأجازات مدفوعة الأجر والضمان الإجتماعى وإشتراطات السلامة والصحة فى مكان العمل وإشتراطات الحفاظ على البيئة ومنع عمالة الأطفال إلخ إلخ إلخ ليس لها وجود يذكر فى الصين...... هناك مثلا هيئة حكومية بأمريكا تسمىOSHA , هذه الOSHA ممكن تشمع أى بزنس بأمريكا كبر أو صغر بالشمع الأحمر فى حالة الإخلال بإشتراطات السلامة والصحة ناهيك عن الغرامات المهولة التى توقعها على المخالفين.
هذه الأمور لا تستطيع أن تطبقها الدول في مرحلة النهوض الصناعي ... والغريب أنني في كل ما قرأته أو سمعته عن شيوعية الاتحاد السوفيتي (مثلاً) تجد عندما تدقق أن لا فرق في شكل النهوض الصناعي بين الشيوعية والرأسمالية في بدايات القرن 20 وأواسطه ... وإذا ما استبعدنا أراء المغشوشين والمنظرين والبروبوغندا الاعلامية الرأسمالية ... يصبح الفرق الحقيقي في توجهات السوق ، فبينما حاولت الدولة في النظم الشيوعية أن تتحكم بتوجهات السوق وتخلق التوجهات من خلال تعميم ثقافة تنظيم السوق (أو تنظيم الاستهلاك وتقنينه ) ، كانت الشركات الكبرى في النظم الرأسمالية تماشي فوضوية السوق بل وتشجعها وتخلق التوجهات من خلال تعميم ثقافة الاستهلاك ، والفرق في هذه الجزئية شاسع .... وهذا لا يعني أن أحدهما أفضل من الآخر فلكل حسناته وسيئاته ...
وهنا لو توسعنا قليلاً في الشرح للآخرين لنسألهم سؤال مهم ، مالفرق بين العامل في النظام الرأسمالي ، وبين العامل في النظام الشيوعي السوفيتي (مثلاً) من ناحية الحاجات الأساسية ... ؟
في الحاجات الأساسية لا فرق ، بل تجد العامل في النظام الشيوعي (السوفيتي) أكثر استقراراً وأماناً من كل النواحي ... يبقى رفاهية الاستهلاك في النظام الرأسمالي التي تشبه إحلال سلطة رأس المال بدل سلطة الدولة
فقد كان العامل في النظام السوفييتي مدين بالتبعية للدولة ، وفي النظام الرأسمالي مدين بالتبعية للمال ، أو لكمية الاستهلاك التي رتبت عليه أمور والتزامات لا مناص منها ...
طبعاً نظام العمل في النظم الرأسمالية الحديثة قد يبدو أنه قد تطور لإنصاف الطبقة العاملة بعض الشيء لكن هذا في العمق سراب ....
مما تقدم نأتي للصين ، سنجد أن العامل في الصين مدين بتبعيتين على العكس من العامل في النظام الشيوعي السوفييتي السابق أو الرأسمالي الحديث .
فالعامل الصيني مدين بتبعية للدولة كونها تحكم التوجهات الداخلية ، ومدين بتبعية لرأس المال .
وهذه الإشكالية أو الظاهرة التي لم أستطيع الإحاطة بتفاصيلها لاستشراف مستقبلها .
هل تستطيع الصين أن تستمر في هذا النظام الهجين... ؟
فهي شيوعية كنظام سياسي من ناحية ولكن نظامها الاقتصادي أقرب للاشتراكية من ناحية أخرى ، وطبعاً شتان بين النظم الاقتصادية الاشتراكية وبين النظم الاقتصادية الشيوعية (البعض لا يعرف الفرق) .
أيضاً هي رأسمالية في طريقة الانتاج والأسلوب في القطاع الخاص ولكنها شيوعية في ملكية الطبقة العاملة ... !!
والسؤال ماذا سينتج هذا الهجين العجيب ... ؟
أي بصيغة أخرى ، ما الذي سيتمخض عن هذا الهجين من ناحية شكل العلاقات الاجتماعية التي يرسمها الاقتصاد ... ؟
هل سيتطور النظام الاجتماعي لينتج نظام سياسي يؤدي بدوره إلى تغيير تبعية الطبقة العاملة (كونها تدين بالتبعية من ناحيتين ) بحكم التطور الاقتصادي ... أم مشكلة التعداد السكاني سوف تفرز حالة سياسية واجتماعية فريدة تحكم الطبقة العاملة وتبقيها على شكلها الحالي ، حتى ولو كانت الحالة الاقتصادية هجينة غير فريدة ... ؟
بالنسبة لجزئية الكوارث البيئية فكل الدول الصناعية الكبرى هي مصدر كوارث بيئية حقيقة ولا يفوتنا أن الولايات المتحدة هي أكبر كارثة بيئية للكوكب شهدها التاريخ بالتوازي مع تطورها الصناعي والتقني .
أيضاً جزئية أخيرة ... الطبقة العاملة لن يكون لديها كبير أثر في المستقبل كون الثورة التقنية سوف تترك أثراً على تهميش هذه الطبقة وتقزيم دورها المفترض أكثر وأكثر . ... وماذا سيكون دور هذه الجزئية في تشكيل الواقع الصيني ...؟
هذه بعض الأسئلة التي تراودني وتحتاج إلى نظرة معمقة كي تكون الإجابات أقرب للحقيقة ...