محمد حلمى

عندما تصل لحظات التعصب والتطرف في أمور الدين يصبح الناس في حيرة من أمرهم بسبب حالة العشوائية التي تحيط بهم فيما يتعلق بالتأويلات الدينية المختلفة، ففي محافظة المنوفية والتي تعد المعقل الرئيسي لجماعة التبليغ والدعوة في مصر والتي دخلت في مواجهة مع الجماعة السلفية هناك تخللها نوع من العنف كان آخرها منذ عدة أيام في أحد مساجد مدينة تلا.

هناك نشبت مشاجرة بين مجموعة من التابعين للجماعتين علي إمامة الناس في الصلاة تحولت إلي معركة بالأيدي وتراشق بالألفاظ أدت إلي تلقين أحد التابعين لجماعة التبليغ والدعوة ويدعي مصطفي عوض علقة ساخنة في ساحة المسجد لأنه تجرأ وطلب من شاب سلفي عدم أحقيته في إمامة الصلاة وعندما جذبه من يديه بغرض إمامة شخص آخر تابع للمسجد هجم عليه مجموعة من الشباب السلفي وأوسعوه ضربا.

وهو ما دفعه لتحريره محضراً تم تقديمه لمحكمة شبين الكوم منذ عدة أيام لكل من وزير الإعلام والداخلية والأوقاف ووكيل وزارة الأوقاف بالمنوفية ومدير أمن المنوفية يطالبهم بإصدار قرار يمنع بث القنوات الفضائية التي تروج للفكر السلفي الوهابي علي أرض مصر والتي يتم بثها علي القمر المصري النايل سات كما طالب وزير الداخلية بإصدار قرارات اعتقال لجميع السلفيين في مصر لكونهم - علي حد وصفه- يكدرون الأمن والسلم الاجتماعي وفقا لأحكام قانون الطوارئ وحرصا علي الصالح العام حتي لاتلحق مصر بباكستان والصومال وأفغانستان والصومال وأخيرا طالب وزير الأوقاف بإصدار تعليماته لأئمة المساجد والخطباء بأن يتولوا هم الإمامة في الصلاة وعدم تركها للسلفيين لفرض أفكارهم بالقوة.

اتهم البلاغ الجماعة السلفية في مصر بإثارة روح الفرقة بين المصريين واعتبارهم مجموعة من عباد القبور والأصنام استنادا إلي أن كل شيء لديهم أصبح بدعة تؤدي بصاحبها إلي النار فالمسجد والجلباب الطويل بدعة والنقاب فرض وتركه فسق وكل ألوان الصور الفنية والتماثيل بدعة منكرة ومرتكبها فاسق حتي المأكولات الحديثة كما اعتبرها - أي السلفيين- بأنهم يعملون ضد مصالح الدولة والأمن القومي المصري،واتهم البلاغ الشرطة بعدم التحرك فور علمهم بالواقعة التي حدثت علي مرأي ومسمع من الأهالي إلا أنها وبعد تحرير المحضر أجبرت السلفيين علي الاعتذار للمعتدي عليه فقط دون مساءلتهم، وهو ما أثار لدينا عدة تساؤلات حول تصرفات السلفيين في المنوفية ودفعنا لزيارتها للتعرف عن قرب عما يحدث هناك.

ما تنتهجه جماعة التبليغ والدعوة لا يلقي قبولا لدي السلفيين وهذا أمر معروف للمتابعين لفكر الجماعات الدينية خاصة أن الجماعة الأولي لديها ثلاثة قناعات رئيسية وهي عدم الخوض في مجال السياسة أو الجدل في الأفكار الأخري المخالفة لهم في العقيدة الإسلامية وعدم الخوض في إبراز عيوب الآخرين.

وهو تماما ضد مايسلكه السلفيون لذلك دائما مايتهمونهم بالجهل ويشعرون بالغيرة في تواصلهم مع الناس العادية لليونة أسلوبهم في جذبهم بالإضافة إلي إعتراضهم في الاساس علي فكرة مايسمي بالخروج والتي تتبعها جماعة التبليغ حيث يزورون مسجداً ما في أي مكان ويمكثون فيه لمدة 3أيام في الشهر و40 يوماً علي مدار السنة.

لذلك يمكن توصيف مايحدث من السلفيين تجاه جماعة التبليغ والدعوة بأنه نوع من المطاردة الفكرية علي أساس تفسير إسلامي صائب من وجهة نظر كلتيهما ولكن مايحدث في المنوفية يدخل في نطاق التحول من فكرة المطاردة الفكرية إلي التصدي واستخدام العنف إذا لزم الأمر في تعامل السلفيين مع جماعة التبليغ.. إلا أن السطوة تأتي في صف الجماعة السلفية هناك حيث يسيطرون علي 8 مساجد علي مستوي مركز تلا أشهرها مسجد أبو بكر الصديق وعمربن الخطاب و30 مسجداً علي مستوي المحافظة إلا أن مركزهم الرئيسي في مسجد قباء في طنطا بالغربية.

أما جماعة التبليغ والدعوة فتتركز في محافظة المنوفية وبالتحديد في تلا، الطريف أن السبب الرئيسي لحالة الغضب التي تتملك جماعة التبليغ تجاه السلفيين هناك هو أنه بعدما تقوم الجماعة في جذب البعض لها واعتناق أفكارها يتربص بهم السلفيون ويجذبونهم إلي مذهبهم بل وتعبئة عقولهم بفكرة أن أهل التبيلغ ليسوا ذا صفة في الإسلام ولايأخذ بما يقولون والأكثر من ذلك التشكيك الدائم فيما يرددون من تعاليم دينية.

ولكن الأقاويل المنتشرة هناك ويتداولها الأهالي والتي تأتي دائما ضد السلف ومن أبرزها أن أحد شيوخهم والمتزوج من 4 نساء دفعة واحدة قام بتكفير والده واتهامه بالفسق لكونه شيخاً أزهرياً ومعلماً للقرآن الكريم ومدخناً في الوقت ذاته لذلك أفتي بتحريم مايفعله والده وتكفيره.

ومن أبرز روايات التشكيك ضد العلماء المسلمين مايروجونه ضد أفكار الشيخ الشعراوي ذاته حيث يصفونه بأنه ليس مرجعية دينية وضعيف في فقهه ولديه أخطاء في دعوته.

وهناك شيخ آخر في قرية هناك تسمي كفر شحاتة طالب المصلين بعدم قراءة إحدي سور القرآن القصيرة بعد الانتهاء من الصلاة فتركه الناس وحيدا ولم يتردد أحد علي الصلاة في المسجد من الأهالي مرة أخري.

أما الواقعة الأكثر انتشارا فكانت علقة ساخنة تلقاها شيخ صوفي في أحد مساجد مركز الشهداء من قبل السلفيين بل وكفروه علنا أمام الأهالي وكان كل ذنبه في ذلك أنه أفتي في أمر من أمور الدين لبعض الأشخاص الموجودين في المسجد ولم يعجبهم ذلك لكونهم ينظرون أيضا إلي أتباع الفكر الصوفي بأنهم من الكفار المخالفين لتعاليم السنة. اللافت للنظر هناك هو كم الكتب الهائل للسلفيين والتي توضح مدي تشددهم في التعامل مع الناس ولعل أبرزهم كتاب (يشركون وهم لايعلمون) والذي يحدد فيه عدداً من السلوكيات المجتمعية والتي تعد من وجهة نظرهم كفراً أو فسوقاً.

http://www.elfagr.org/NewsDetails.aspx?nwsId=14234&secid=3388