عزيزي فلسطيني كنعاني :
أنا لم أطرح الأحداث كي تبررها لي من وجهة تظرك .. بل لأحفزك على قراءة التاريخ من عدة زوايا ...
لفت نظري أنك دائماً ترى الفلسطينيين على حق ... وهو شعور وطني ... لكن أن تبرر كل أفعالهم فهذه مأساة ..
إن الشعب الفلسطيني شعب مظلوم ... وقد ظلم من العالم أجمع ... ولكن هذا لا يعطيه الحق بأن يكون كل ما يفعله هو الصواب فعلاً ..
وسوف أحاول أن أذكرك بما تحاول أن تنساه و تتناساه أو تتعامى عنه بحكم العاطفة ....
اقتباس:السؤال الاول :- نعم بدات شرارة هذه الحرب من قبل الكتائب المسيحية حيث تم قتل عشرات الفلسطينيين المدنيين في ما عرف بجريمة بوسطة عين الرمانة ...
نعم بدأت هذه الحرب بهذه الجريمة البشعة ولكن لا تنسى يا عزيزي ماذا حصل قبلها من سلسلة أحداث وماذا فعل الفلسطينيين في الداخل اللبناني ... حتى نكون منصفين ونقرأ التاريخ بكلتا العينين لا بعين واحدة ...
اقتباس:السؤال الثاني :- من غير مسميات ، اليمين اللبناني الكتائبي معادي للفلسطينيين منذ نشأته ، و هو من بدا الاعتداء على الفلسطينيين و الفلسطينيين لم يجروا بقية اللبنانيين للحرب على الكتائب بل على العكس رأى بقية اللبنانيين في ذلك فرصة للتخلص من الكتائب و السياسة المارونية بشكل عام و كانوا يريدون تورط الفلسطينيين معهم في الحرب.
عزيزي تذكر أن الفلسطينيين كانوا يحاربون أصحاب الأرض (اليمين اللبناني) ، وتورط الفلسطينيين بالداخل اللبناني ، يذكرنا بتورط الفلسطينيين بالداخل الأردني أي بداخل أي دولة سلطتها المركزية ضعيفة ...
ورغم تناقض مشروع الثورة والدولة .. إلا أن الفلسطينيين في كثير من الأحيان لم يقدروا ولم يراعوا أنهم موجودين على أرض الشعوب التي ينطلقون منها لعملياتهم الفدائية وأن عليهم أخذ خيارات الآخرين بالاعتبار ، ولا داعي لأن أذكرك بالتاريخ فأنت تحفظه .
اقتباس:السؤال الثالث :- الدولة اللبنانية ضعيفة ، و هذا ليس خطا الفلسطينيين بل خطا اللبنانيين ... خطا الفلسطينيين هو دخول هذا المستنقع الطائفي الازلي.
عزيزي كون الدولة المستضيفة ضعيفة لا يعني أن أفعل ما يحلو لي وزيادة الفوضى فوضى ... يعني عندما يستضيفك أحدهم في بيته ليس من الضروري أن يحق لك النوم مع إمرأته لمجرد أنه أضعف منك ... أم "ماذا رأيك" ..؟
اقتباس:السؤال الرابع :- وجهة النظر السورية يجب ان تهتم بتحرير الجولان بدلا من أن تدس انفها في الحرب اللبنانية. و و مقولة الطريق إلى القدس كان يمر من جونية لأن جونية كانت مصدر تمويل الكتائب اللبنانية بالسلاح الإسرائيلي ..
عزيزي سوريا مضطرة لأن تتدخل في الحرب اللبنانية شاءت أم أبت ذلك ...
إن امتدادات المشكلة اللبنانية تؤثر على الداخل السوري ... فأنا مثلاً جزء من عائلتي موجود في سوريا وفي لبنان وفي فلسطين ... تصور ذلك ...!!
وبعد كل هذا تقول لي تدس أنفها ... إن الجغرافيا السكانية وغير السكانية تفرض نفسها ... وفهم التاريخ لا يأتي من مراقبة وحفظ الأحداث فقط يجب علينا التدقيق في المعطيات التي أدت إلى هذه الأحداث حتى نفهم التاريخ ...
أما من قررتم أن تجعلوا طريق القدس من عندهم فتذكر أنهم يشكلون جزء من أصحاب الأرض الحقيقيين التي أنتم ضيوف فيها وإن اختلفتم معهم ..
اقتباس:السؤال الخامس :- لا يعنيني .... رغم اني اعتبرها من اوسخ السياسات "فهي التي تقتل القتيل و تمشي في جنازته".
عزيزي كلمة لا تعنيني تدل على ضعف واضح في قراءة التاريخ ... عرفات في أحد اجتماعاته مع الرؤساء العرب أحب أن يزايد عليهم وقال لهم أني أملك 4 آلاف صاروخ أوجههم إلى المستعمرات الاسرائيلية الشمالية والموضوع يكلفني مجرد رفع سماعة التليفون ... وتبين فيما بعد أنها عنتريات فارغة جرت المنطقة إلى حرب لا قبل لسوريا بها بسبب انعدام التوازن الاستراتيجي ..
اقتباس:السؤال السادس :- أعرف ان الجولان أهدا منطقة حدودية في العالم منذ احتلالها و اعرف أن الخارجية السورية اكبر بياعين حكي و علاك مصدي في التاريخ الحديث و عندهم بنك " لحفظ حق الرد" ، في اللحظة التي تعلن إسرائيل انها ستنسحب من كامل الجولان لن استغرب إطلاقا إتفاقية سلام إسرائيلية سورية يعقبها ايضا إسرائيلية لبنانية.
عزيزي لا تنسى حرب 73 و حرب 74 وعمليات المقاومة في الجولان التي توقفت فيما بعد ...
أما قضية حفظ الرد عزيزي فكلنا نعلم أن سوريا لاتملك سلاح قادر على مواجهة إسرائيل ومع ذالك لا تريد الاستسلام للشروط الاسرائيلية فما الحل ... العنتريات الفارغة ومن ثم دفن السلاح في الأرض عند المعركة ، أم أن تدعم كل حركة وكل مقاتل يقاتل إسرائيل ...إلى أن يتغير الحال ...
أنت تنسى أن سوريا دولة لا تستطيع التصرف بمنطق الثورة ... كن منطقياً ولو لمرة واحدة واقرأ التاريخ والسياسة بعيداً عن العاطفة ..
اقتباس:صراعات ما تسميها النفوذ .. هي صراع يقوده النظام السوري لتركيع منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح كلبا ياتمر باوامر حاكم دمشق
عزيزي بعيداً عن الشعارتية أنت تقر أنها صراعات نفوذ بين الجهتين ، أما من كان محقاً ومن كان على خطأ فهذه لوحدها يلزمها موضوع كامل ، وعلى كل حال تعلّم أن لا أحداً يملك كل الحق إلى جانبه ...
اقتباس:2- كيف تفسر غباء و تخبط "الجحش" الذي كان يحكم دمشق حين دعم الكتائب ضد الفلسطينيين و لاحقا صار يحاربهم ؟؟
عزيزي هذه الجملة تدل على فهمك الانفعالي وأحكامك الانفعالية الناتجة عن هذا الفهم ،ويظهرأنك تقرأ تناقض حوادث التاريخ بعواطفك لا بعقلك...
وحتى نوضح لك أن فهم التاريخ يستلزم أكثر من مجرد قراءة أحداث تاريخية ، ويتعدى إلى الربط بين هذه الأحداث في حيثياتها وجزئياتها وكلياتها ...
لقد رفض حافظ الأسد "هزيمة" المسيحيين في لبنان كي لا يفتح طاقة جهنم لتدخل إسرائيل والغرب في لبنان ... وهذا ما لم يدركه الأخرين ، وهذا ما حصل فعلاً فيما بعد (الاجتياح الاسرائيلي والمارينز وقوات المظليين الفرنسيين )نتيجة الطيش السياسي الفلسطيني ولليسار اللبناني ..
بعد خروج مصر خارج معادلة الصراع العربي الاسرائيلي وتمترس اليمين اللبناني مع إسرائيل ضد سوريا بوضوح اضطر إلى أن يحاربه والتحالف مع اليسار والفلسطينيين ورفض هزيمة المسيحيين في نفس الوقت ... وقد نبهتك إلى أن المشكلة اللبنانية لم تكن اليد السورية هي الوحيدة التي تشكلها ، وغالباً كانت تتبع سياسة رد الفعل لأن هذه الساحة كانت ملعباً مفتوحاً للسياسات الدولية قاطبة ...
اقتباس:4- لن اتحدث عن العروبة ، فهي كائن وهمي يخطىء المحللون عند إضافتها لحساباتهم .... و نستطيع ان نستدل من الواقع على تفاهة تأثير هذا البعد الوهمي على واقع القضية الفلسطينية.
عزيزي العروبة ليس "كائناً" وإنما مفهوم وانتماء يتعدى المفهوم المادي البحت من جينات وصفاء العرق كنعاني يهودي عرباني ... إلخ وما هنالك من كلام فارغ ... كنت أقول يتعدى هذه المفاهيم نحو الجغرافيا و"اللغة" والتاريخ المشترك والمصالح المشتركة ...
أما بالنسبة لتفاهة هذا التأثير ... فأنت مجحف جداً بحق المنطق وعاطفي جداً في حكمك ... إن ما قدمته بعض الدول العربية للقضية الفلسطينية يجب أن يذكر ولو لم يكن إلا في "أمرين اثنين" ... فلا تنسى أن "مصادر تمويل" ياسر عرفات أكثرها كانت باسم العروبة ... ولن نذكر من "استشهد" في سبيل القضية الفلسطينية في قلب فلسطين حتى لا يتحول الموضوع لتحميلكم الجميل والمن ... ولكن وجب تذكيرك لأنك تنسى أو تتناسى ...
اقتباس:و قضيتنا شبيهة بالهنود الحمر أصلا و هذه حقيقتها احتلال استيطاني و سكان أصليين. و الصمود الفلسطيني لا يستند سوى على الارادة الفلسطينية في الصمود على الارض .
عزيزي شبيهة ولم تصبح قضية هنود حمر ... أما بخصوص الصمود الفلسطيني فله الدور الاساسي في عدم تحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية لاجئيين ....
عزيزي قد ترى الوضع العربي متردي جداً وهذا صحيح ...
وقد ترى أن الدول العربية في بعض المراحل تصبح عبئاً على القضية وهذا صحيح
وقد تجد أن الأوزان الدولية للدول تهبط وتصعد وهذا صحيح
ولكن أقل مبادئ الالتزام الأخلاقي هو التعاضد عند الضعف والقوة ، فلا أستطيع أن أحب العرب عندما يكونوا أقوياء وأمقتهم عندما يكونون ضعفاء ...
إن العروبة التي أراها هي التزام بالنهوض الشامل ، فسوريا لن تنهض بدون فلسطين ولا مصر ولا العراق ولا ولا ... والعكس صحيح ...
وهذا الكلام ليس ارتكاس عاطفي ، هذه حقائق التاريخ والجغرافيا إذا أحببت أن تقرأها ...
سوف أكتفي إلى هنا لضيق وقتي
شكراً للجميع