إبراهيم
بين شجوٍ وحنين
    
المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
|
RE: ظاهرة التديّن البديل في النظام الاستبدادي- **أعجبني كثيراً هذا المقال***
أخي بهجت:
مساءك ورد أستاذنا؛
نعم هناك مجموعة ترفض الدين كأساس لإقامة مجتمع بشكل قاطع ولا أعتقد أن المطلوب هو أن يقوم المجتمع أو لا يقوم على الدين. في مجتمعنا العربي عامة المجتمع لا يقوم فقط على الدين بل الدين متوّغل في المجتمع وهو جزء من المنظومة الاجتماعية وهوّية المجتمع وكيانه. بصورة شخصية أتمنى لو أن هذا لم يكن هو الحال ولكن هذا هو الحال ومن العقل القبول بالواقع كما هو الواقع. من العقل في اعتقادي الشخصي الانسجام مع ما هو جزء من منظومة المجتمع. وجود عدد من الشباب الثائر هنا وهناك لا يشكل المجتمع بأسره. سيظل هناك صديقي فلان وعلان ممن يخرجون سجادة الصلاة من الدولاب ويسترجعون الذكريات ويتواصلون مع ماضيهم؛ لا ماضيهم هم فحسب ولكن يتواصلون مع أجدادهم وأجداد أجدادهم في الهوّية التي تربطهم.
النموذج الراقي للدين حاضر في جدي وجدتك عندما نتحدث عن الدين على أنه الهوية؛ على أنه المعاملة؛ الحياة اليومية.
من حيث صاحبك إبراهيم الذي ترك هذا الدين فهو لم يخطر بباله أن يترك هذا الدين ولكنه أثار تساؤلاك واعترض جملة من الاعتراضات واتخذ موقف شخصي. بالنسبة لي الهوية ما يربطها هو أكثر من الدين ولكني في الوقت ذاته مقر بمسلمة ارتباطه القوي بالمجتمع وبالأخص المجتمع المصري. الشعب المصري يميل بشدة للتدين إلا فيما ندر. الشوام ليسوا كذلك. في الأردن تعلمت ممازحات مثل: يا زلمة اللي خلقك كان شارب ١٦ كاسة ويسكي. وتعلمت: يعلن ربك يا زلمة. سمعت كل هذه وكنت أضحك وأضحك وأستغرق في الضحك لأني أحلم بالحرية وأن لا تحكمني عقلية التابو. وفي الوقت الذي قد أعترض فيه اعتراضاتي هنا وهناك على الدين فإني أيضا لا أنسلخ من الجماعة التي أنجبتني ولا من همومها بل بالاغتراب شعرت بالتصاق أكبر بهذه الجماعة العربية المسلمة وغير المسلمة. يبحث الإنسان عن هويته ويبدأ ينبش في ماضيه وحاضره ويعرف أن جذوره والتي يراها في الحاضر تعود به لهذه الجماعة. لن يكون كل الناس مثلي. أنا الاستثناء للقاعدة. ولكن عوام الناس شيء آخر تماماً. وأنا متعاطف ومتضامن مع العوام لأنهم يمثلون الإنسانية بالنسبة لي ولا أملك من خيار سوى أن أتضامن معهم بأكبر قدر مستطاع وأن أضع جانباً أفكاري وثوراتي ونوبات التمرد لدي.
مادام الدين إذن هو مكون رئيسي فنحن بحاجة لإزكاء ما هو لخير الناس والعمل بمعطياتهم لديهم وتقوية ما هو حاضر بشكل إيجابي لديهم لأن المراد هو خيرهم.
هل يغير النمر جلده يا أخي "بهجت"؟ وهل ينسلخ اليهودي من يهوديته؟ لي صديق مصري يهودي لا ديني تقريباً ومع ذلك فهو حزّان في معبدهم التابع لطائفة القرائين اليهود في كاليفورنيا. هو لاديني ولا يحب المناقشات الدينية ولكن اليهودية بالنسبة له ليست مجرد دين. والإسلام بالنسبة للمسلم ليس مجرد دين. صاحبي اليهودي حقاً هو لا ديني ولكن الويل كل الويل لمن يسخر من التوراة. ذات مرة عرفته بصديق لاديني مثله وقام بالسخرية من التوراة فعاتبني وقال لي يا إبراهيم لا تعرفني بأحد من اللادينيين فيما بعد... مع أنه لا ديني لا أدري أجنوستي كما قال لي "بعضمة لسانه" في أول مراسلة لي معه. ولكن دينه = هويته. وعندما يفعل المسلم ذلك يا أخي "بهجت" أنستكثر هذا عليه؟ أنطالبه بالتمرد على كيانه؟ أنطالبه أن ينقض على كيانه؟ وهذا وجه من وجوه اعتراضي الشخصي على التيار العلماني الحديث وما يحمل من سخط تجاه الوضع القائم وهويته.
ودم بكل خير.
|
|
09-28-2009, 04:10 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}