عزيزي الحكيم:

أعتقد أن المسألة مرتبطة بتكوين المجتمع. المجتمع المصري متدين من البداية. كل أدبياته تدور حول الموت والخلود.

المجتمع الأميركي عمره قصير ولا يزال يعيش ما عاشته أوروبا في العصر الفيكتوري وما قبل. انكلترا تجاوزت هذا العصر كما هو واضح ولكن أميركا لا تزال تحياه. لهذا- من رأيي- يكون التدين في أميركا ظاهرة شعبية في حين في أوروبا هو ليس كذلك. في أوروبا هناك سخط على الكنيسة ولم تعد أيام الذهاب للكنيسة موضة كما كانت من قبل.. وفي أماكن كثيرة من أميركا لا يذهب إلى الكنائس سوى الكبار في السن. لكن الشعب الأميركي عاطفي كالعربي ولذا من الطبيعي أن تجد في الكنائس ناس على مختلف الأعمار ومن مختلف المراحل الاقتصادية. أعرف واحدة زوجها كان يعمل في بناء المساكن... تصور.. أعطت الكنيسة التي تذهب إليها مبلغ قدر ١٧ ألف دولار. كانت تناقشنا في أفكار لشراء الأسهم واستثمار المال. هذه مثلا ليست معدمة حتى نقول إنها تذهب للكنيسة كسلوان لها؛ بناء على التفسير الماركسي للدين والذي يرى الدين أنه سلوى الفقراء والمعدمين ويفسر الأمور من زاوية اقتصادية بحتة. هي أعطت مبلغ كهذا واليوم زوجها عمله أفسل بسبب الضربة التي تعرض لها الاقتصاد الأميركي والآن هي تعمل ٣ أيام في الأسبوع وخارج الولاية... وما أريد أن أقوله هو إن الدين في أميركا يقبل عليه الأثريا وغير الأثرياء. مثلا خد عندك ظاهرة انتشار أديان الهند الشرقية.. ذهبت إلى سان فرانسيسكو ولاحظت انتشار غير عادي لمحلات تبيع كتب وبخور وعطور ومواد خاصة بأديان الهند الشرقية والـ New Age. هناك يكرهون المسيحية بشدة ويعادونها على أساس أن التيار الإنجيلي المحافظ لم يحسن الأدب مع المثليين وعلم المثليين يرفرف على الجسر في مدينة سان فرانسيسكو. لكن هناك عطش روحاني وبما أن المسيحية ليست خيار لديهم فسيتجهوا إلى "البديل" ويبحثون عن "تدين بديل"؛ والبديل هنا كان أديان الهند الشرقية. المسألة مرتبطة بتكوين الناس النفساني والمسألة دي تكلم فيها الدكتور محمد كامل حسين في كتابه "الوادي المقدس":

http://www.4shared.com/file/109491588/b8..._.html?s=1

كمثال: جبران كان متمرد بشدة على الدين وهذا أثار سخط رجال الكهنوت في لبنان.. بينما لبنان كان منسجم مع منظومة الدين والروحانيات ولنا أن نرى أثار هذا واضحة مثلاً في كتابه مرداد وغيرها. روحاني حتى النخاع.. بوعي مش بعبط طبعاً.

مساءك سعيد.