أخي بهجت:

اسمح لي بالتجاوب مع ما تفضلت وقلت:

١. تقدم البشرية هو أمر لا صلة له بالدين أو عدمه. تقدم البشر هو بقدر إنتاجهم وخلقهم وإبداعهم. لا نقدر أن نقول إن الدين بحضوره يعوق التقدم مثلا ولا أظنك تقول بذلك.

٢. أنا مثلك أقرّ بانتماء الإنسان "للإنسان وحضارته". وفي بعض الأحيان يكون الدين هو أحد هذه المكونات الحاضرة التي يمكن التعاطي معها كواقع يجب تهذيبه وهندمته حتى ما يعيش الإنسان بانسجام مع ذاته كإنسان ومع الآخر كإنسان.

٣. نعم نخدم الناس بأن نساعدها على الفهم والتحرر ولكن ألا يقتضي ذلك أن يكون الناس داخلياً مستعدين لكل هذا؟ في أماكن كثيرة من أميركا... ماذا أقول لك يا صديقي! عمة زوجتي مثلاً لا تؤمن بالأطباء وتراهم رجس من عمل الشيطان وهي ابنة مجتمع متحضر كـ أميركا وينتج في شتى العلوم. كم من الناس في أميركا مثلا... وأقول هذا فقط على سبيل المثال.. كم من الناس ينظرون للأطباء على أنهم أدوات الشيطان وينهرون غيرهم ممن يلجأون للأطباء عوضاً عن أن يلجأوا للمسيح؟ إذذاك يا صديقي فأنت تتحدث عن قسط كبير من المجتمع وهم في غالبيتهم ينتمون إلى التيار المسيحي المحافظ وبالأخص طائفة الخمسينيين Pentecostal Christians. كيف تقنع هؤلاء بأهمية مواكبة العلم؟ أليست أميركا بلد علماني؟ وأين العلمانية من عقول مظلمة كهذه؟ أين نور العلمانية في من يقاومون الأطباء؟


٤. ضع عنك الإسلاميين جانباً فهم أقل من إقامة اعتبار لهم. أتحدث عن عوام الشعب البسيط الطيب الذي يحيا على سجيته. وماذا عن ديك سقراط؟ ألم يقل في وصيته الأخيرة لتلميذه إنهم مدينون بـ ديك لـ إسكولابيو؟ هذا الديك يشبّ برأسه من حين لآخر ونحن نحاول حسم معضلاتنا العقلية ونعتبر الديك جزء من منظومة الحياة. يجب تقديمه كقربان لـ إسكولابيو وترك هذا جانباً والانشغال بما هو أهم ألا وهو الخلق والابتكار والانتاج.