صحف: التغييرات في العالم العربي لا علاقة لها بامريكا ولكن بتطلعات اجيال الانترنت والاعلام الفضائي
2005/03/06


لندن ـ القدس العربي :
جدد الرئيس الامريكي حديثه في خطابه الاذاعي الاسبوعي عن التطورات التي تشهدها المنطقة العربية، وقال بعد ان عدد انجازات الادارة في افغانستان وفلسطين والعراق وتطرق الي التظاهرات التي جرت في لبنان الاتجاه واضح: في الشرق الاوسط كما في باقي انحاء العالم ان الحرية تتحرك. والطريق لن تكون سهلة والتقدم يكون احيانا بطيئا، الا ان امريكا واوروبا وشركاءنا العرب يجب ان يواصلوا العمل لقهر الارهاب ودعم الاصلاحات الديموقراطية .
ويسود حس انتصاري متفائل داخل البيت الابيض عبر عنه مسؤول امريكي قائلا ان الحرية قوة لا يمكن ايقافها وعندما يفلت الجني من القمقم فلا احد يستطيع السيطرة عليه.
واشارت صحيفة نيويورك تايمز الي ان الامريكيين مندهشون من اثر ما حدث في اوكرانيا علي الاحداث في بيروت، والتي تبعت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الشهر الماضي.
وفي الوقت الذي تحاول فيه ادارة بوش استثمار الاحداث المتصاعدة والتي تدخل المنطقة العربية في وضع غير معروف او مجهول، يري محللون ان ما يحدث في العالم العربي، لم يكن نتاجا لاحتلال العراق، حيث وجدت تصريحات الزعيم اللبناني وليد جنبلاط صدي واسعا في كل التعليقات التي كتبت في الصحف الامريكية والبريطانية عندما قال انه شك بالانتخابات العراقية ولكن عندما شاهد الملايين يشاركون فيها انهار جدار برلين.
وابعد من تصريحات جنبلاط والادارة الامريكية، يعتقد محللون ان ما يحدث هو مزيج من الكثير من العوامل، ومعظمها داخلي، فالجيل الجديد من الشباب العربي، الذي رفضت الانظمة الاتوقراطية والشمولية الاستماع اليه، خاصة في السعودية ودول الخليج، بدأ يعرب عن استعداده لمواجهة الضغط والاضطهاد الشمولي العربي. والجيل الجديد، علي خلاف الاجيال التي سبقته يعتبر نفسه محظوظا نظرا لاطلاعه علي الاعلام الفضائي، الذي يعتبر عاملا مهما في كسر حاجز احتكار الاعلام الرسمي للاخبار والنقاشات، ومن خلال برامج قناة الجزيرة ، المتعددة، فتح اعين الكثيرين من المواطنين العرب علي اشكاليات الحاضر وامال المستقبل.
[SIZE=6]كما لعبت الانترنت والاعلام الالكتروني، اضافة للهواتف النقالة دورا في كسر حاجز الرقابة التي فرضتها الانظمة علي انتشار المعلومات.

:nocomment:
وتضاف الي ذلك الدعوات التي اطلقها الرئيس الامريكي جورج بوش حول الحرية والديمقراطية، مع ان عددا من المحللين يشيرون الي سجل الادارات الامريكية المختلفة في الماضي، حيث لم تتدخل لانقاذ دعاة الديمقراطية او المعارضين للانظمة الشمولية العربية لانها غلبت المصلحة الاقتصادية علي حقوق الانسان والديمقراطية.
وفي هذا الاطار يقولون ان سجل امريكا هو انتقائي. وما حدث في داخل المجتمعات العربية هو انفجار عام للمشاعر والاحباطات، التي جاءت بفعل التطورات في فلسطين والعراق، ومعظم المعارضة العربية خاصة المصرية، حاولت بناء مسافة بينها وبين الولايات المتحدة. فحركة كفاية المصرية التي حاولت التغلب علي تواجد قوات الامن الداخلي وشرطة مكافحة الشغب كانت تتذرع بدعم الانتفاضة الفلسطينية للتظاهر ضد نظام الرئيس حسني مبارك الطويل. ويعتقد ان ما حدث يجب ان يفهم في سياق افلاس النظام العربي، ورفض الاجيال الجديدة للقيادات العربية. والتجليات الجديدة للوضع العربي ليست حدثا بسيطا، ففي مصر لم يكن احد يتوقع ان يقوم الرئيس مبارك بالاعلان عن انتخابات تعددية، وعلي الرغم من رمزية الخطوة التي قد تؤدي لانتخابه او تعبيد الطريق لنجله جمال الا انها علامة علي ما يحدث، وبنفس الاطار يفهم ما تم في السعودية من انتخابات جزئية محلية. وما يثير في رد الشارع العربي هو عفوية الاحداث وتسارعها، وبدون رد فعل ايجابي من الانظمة العربية فالمواجهة قد تحدث. وما يرفضه المعلقون العرب هنا هو الدور الامريكي والمثال العراقي، فهم وان اعجبوا بحماس العراقيين للانتخابات الا انها انتخابات تمت وسط العنف والترويع والتهديد، والعراق بحسب نيويورك تايمز ينظر اليه كنموذج مهدد اكثر منه نموذجا يحتذي. فالشارع العربي يتساءل عن الثمن الفادح الذي دفعه العراقيون، من المال والارواح والتدمير الكامل لبنية المجتمع من اجل حرية فرضتها امريكا بقوة السلاح.
وتظل مشروعيتها بل بقاؤها رهنا بهذه القوة. فالتغييرات الحاصلة في المجتمع العربي بدأت بفترة طويلة قبل ان تبدأ الدبابات الامريكية زحفها نحو العاصمة العراقية بغداد. فالقوة الامريكية التي اصبحت قريبة من العواصم العربية لم تخف الا الانظمة العربية ولكن الاجيال الجديدة الطالعة من رحم العولمة والانترنت والرسائل الهاتفية، والتي تعرف الديمقراطية هي التي تساهم فيما يحدث، فلا الدبابات الامريكية ولا مؤسسات المجتمع المدني او مؤسسات الدولة. بل ان المشروع الامريكي لنشر الديمقراطية في الشرق الاوسط، ينظر اليه الوطنيون والاسلاميون علي انه خطوة لبناء شرق اوسط يخدم المصالح الاسرائيلية، وهو مؤامرة لاضعاف العرب، واحتلال العراق ليس عن الحرية والديمقراطية ولكن عن التسيد الامريكي. كذلك فالعلاقة المضطربة بين الادارة الامريكية وقناة الجزيرة التي كانت من معالم التغيير في العالم العربي اشارت الي ان امريكا لا تدعم الا حرية بمقاييسها الخاصة، ولهذا السبب، انتقد كل اركان ادارة بوش القناة، فيما كانت تتعرض للضغوط من عدد من الانظمة العربية، واغلق مكتبها اكثر من مرة في العراق.
ولهذا فالتغيرات الحالية هي معقدة ولا يمكن نسبتها لعامل واحد، ربما كان للضغط الامريكي اثره علي الطريقة التي تتصرف فيها بعض الانظمة العربية، ولكن ليس هو العامل الوحيد، المهم ان قطار التغيير بدأ ولكن وجهته القادمة غير معروفة!