اقتباس:راح اكلمك بالانجيل يا ابراهيم اللى بتؤمن بيه وبالقرآن لو عاوز
ارجع لحكاية يهوذا الاسخريوطى ، ونبؤات العهد القديم عنها ونبؤات العهد القديم عن المسيح ، حتعرف انها تمثيلية احنا مجرد بيادق فيها ، مشكلة حرية الارادة وتعارضها مع القدر الالهى ليست سهلة حتى الخصها فى كلمتين ، فى الواقع انا اشعر باندهاش من الزملاء الذين يسترسلون هنا فى الكتابة ، لانى افتقدت القدرة والخُلق على ذلك ، مبقاش عندى صبر اكتب ربما لاننى فقدت معنى ما اكتب

أخي وحيد:

شكراً جزيلاً على تفاعلك وردك الجميل.

الوجود كله يا صديقي أحياناً تمثيلية. انظر مثلاً لجبرية الجذب والاستقطاب الفيزيائية. هناك جبرية من نوعٍ ما في الكون وفي قوانين الفيزياء. نعم هناك حرية إرادة ولكن هناك أمور محتومة لا نفسرها وتحدث رغماً عن أنوفنا. هناك أشياء كثيرة تحدث في الوجود ولا تفسير لها بالمرة.. رغم ما قد نتحذلق به من تفكير مادي منطقي نقدي محض. قالوا لنا إن الوجود أبعاد ثلاثة ومن حين لآخر نتفاجيء ونكتشف بوجود بعد رابع دوماً يصدمنا في منطقيتنا ونقديتنا.

بالنسبة لسفر التكوين فهو ليس كاتالوج تلاجة أو كتاب يشرح بالتفصيل المدقق كيف يحدث الخلق وإنما هو يقدم نظم شعري لاهوتي لنشأة الكون. لو قرأت الأسفار الثلاثة الأولى في سفر البداءة أي التكوين وكأنك تتعاطى معها بعقلية "التنزيل الحكيم" فلا ألومك لو ألحدت. ولكن لو نظرت إلى هذه الأسفار كقصيدة شعرية وتذوقتها كمن يتأمل خلق الله لربما زاد إيمانك.. من يدري؟ فلربما بوسعك أن تضيف إليها أنت الآخر أسفارًا وأسفارًا بحسك الروحي الملهم وإعلان الله على مدى التاريخ لا يقف عند هذه الأسفار بل هو إعلان ديناميكي مستمر. الله خلق ولا يزال يخلق والإنسان يشاركه عملية الخلق هذه. اقرأ هذه الأسفار وغيرها لا بعين الشك ولكن بالبحث عن الله نفسه. هذا ما يجب أن تفعله تماماً أمام الوردة الجميلة والمرأة ذات النهدين البارزين كاملة السحر والفتنة. كل هذه يجب أن تدفعك إلى هذا الصانع المبدع والذي جعل في كل شيء كود أو شفرة ولا نعرف تفسيرها الكامل على وجه الدقة. في سفر الطبيعة أو إنجيل الطبيعة تجد إعلان لا ينقطع عن الانبلاج يوماً تلو يوم. كونك ترفض أن لا تستوقف ذاتك أمامه فالخسارة هي خسارتك وتفوتك أعظم فرصة لإلتقاط أجمل مشهد في الوجود: التمتع بغنى الحياة؛ أتيت لتكون لهم الحياة؛ فيض الحياة المتدفق من الله فيك الآن وفي هذه اللحظة وفي ذاك المكان الذي تقرأ فيه هذه السطور. اغتنم هذه اللحظة.

---

(10-18-2009, 05:17 PM)AhmedTarek كتب:  

اقتباس:ارجع لحكاية يهوذا الاسخريوطى

أعتقد أنها التخريجة الوحيدة للمعضلة الدرامية في القصة الإنجيلية...يعني إذا كان الرب قد ظهر في الجسد ليفدينا بدمه ويموت على الصليب...فلماذا نعتبر تصرف يهوذا في إعمال فعل الرب فعلاً دنياً..؟ 

بعمل يهوذا أو بدونه الرب دائماً يفدي الخليقة. ولكن بحدث الصلب عمل الفداء اكتمل وأخذ معنى جديد يضاف إلى عمل الخالق الفادي على مدى التاريخ. في التاريخ العبراني هذه الحفنة المتجولة في الصحراء عرفوا الرب على أنه "جوئيل" أي الفادي وهو هنا يقوم بدور "الضامن". مع مجيء المسيحية الفكرة لم تختفي بل استمرت في اللاهوت وصار الله أيضا هو الـ جوئيل أي الفادي.

صحيح أن عمل يهوذا شرّ وشر لا مثيل له ولكن من وراء هذا الشر جاء خير للبشرية. هذا ما قال عنه القديس توما الإكويني بعبارته اللاتينية البديعة "فيلكس كولبا" Felix culpa أي "الغلطة اللي كانت قدم السعد علينا". كثيرًا ما تعبر علينا في الحياة أمور قاسية نجزع لها ولكن لولاها لما نصبح لما يؤول حالنا إليه من خير وفير. وهذا لغز آخر من ألغاز الوجود الكوني. رملة تأتي بجوار الصدفة وتستفز الحيوان البحري ومن وراء وجع كهذا تخرج لنا اللؤلؤة. آلام تصيب الأم في المخاض وعنها تتفتق الحياة بطفل مولود.. في البداية كله دم وحالته حالة! ولكن فيما بعد يصبح آية في الوسامة والجمال..

لذا آن لنا أن نقول مع القديس توما الإكويني:

"O happy fault that merited such and so great a Redeemer."

يا لها من غلطة سعيدة جلبت لنا فاديًا عظيمًا كهذا.