لم أكن يوماً مشجعاً لكرة القدم ولا أزعم أنى عارف ببواطن الأمور فيها ، ولكن مايحدث الآن يجعل الحجر ينطق أو بالأحرى يجعل عابدى الأوثان من أمثالى أن ينطقوا
فى الأيام الأخيرة لاحظت اهتماما كبيرا من والدى بكرة القدم ، يجلس بالساعتين يتابع برامج رياضية على قناة مودرن سبورت وغيرها وأحيانا أجلس لأتابع معه ، لم يكن يوماً مهتما بهذه اللعبة وأظن أننى خرجت للحياة لأصبح مثله
أتذكر أننى ومنذ سنوات أعتدت ان كلما تأتى سيرة المباريات المهمة والحساسة فى مصر كالأهلى والزمالك ويتم النقاش فيها أمامى كنت دائماً ماأردد كلمة واحدة مالفائدة من الجرى طوال 90 دقيقة وراء كرة والقذف بها بين ثلاث خشبات ، وجمهور عريض يتابع ، ملايين وملايين كأن الحياة توقفت بين أرجل هؤلاء اللاعبين
أذكر أننى شاهدت مبارة منذ عدة أشهر ولا أتذكر بين مصر ومن ولكنها كانت مبارة سيئة جدا ، حتى أننى مللت من المشاهدة فسألت المتابعين من أبناء عمومتى ، هل المبارة جيدة أم سيئة ، فقال لى أحدهم إنه تكتيك فنى وضعه المدرب لتمويت المبارة وأن اللاعبين الذين يتساقطون على الأرض يضيعون الوقت لتنتهى المبارة بهذه النتيجة ، و صاح آخر نعم إنها مباراة سيئة ، فصحت أنا الآخر إذن لماذا نبقى نشاهد شيئاً سيئاً لنشاهد فيلما ، نخرج نتمشى شوية أو نفض القعدة وكل واحد يروح بيته
فلم يحرك أحدهم ساكناً وكأننى لم أقل شيئاُ ورد أحدهم قائلاً أنه لابد أن يعرف نتيجة المباراة لأنها مهمة
وهنا بيت القصيد!!!
مهمة لمن ؟
للاعبون الذين يتقاضون ملايين الجنيهات مقابل هذه اللعبة
أقسم أن والدى قال لى أن هناك لاعب لا أتذكر اسمه وهو لاعب مصرى يتقاضى ثلاثة مليون جنيه فى السنة
نعود لموضوعنا لماذا كرة القدم مهمة بهذا الشكل ، أنا أتفهم أن الممثل يتقاضى أموالا لانه يمتع المشاهدين بما يؤديه من أدوار درامية ، ولكن بالتأكيد إذا شاهدت فيلما له فإنك ستحكم على مستوى جودة الفيلم بعد مرور ربع ساعة على أقصى تقدير فإن وجدته سيئاً فسوف تغادر السينما إذا كنت تشاهده فيها أو تغلق التلفاز إذا كنت تشاهده عليه
ولكن لماذا لم يرد أقربائى التوقف عن مشاهدة المباراة وعدم إضاعة الوقت فى مشاهدة شيئا مملاً !!
أقول لكم من وجهة نظرى إنه رغبة الناس بصنع آلهة من لاشئ والتعلق بسوبرمان بطولى أو أى شخصية خيالية أخرى تحقق ماجال وصال فى خيالهم ولا يستطيعوا تحقيقه أو هكذا يعتقدون
إنها الرغبة فى مشاهدة البطل أو السوبرمان دون مشاهدة كرة القدم ، ومايحقق لكرة القدم هذه الشعبية الكبيرة هو أن هذا البطل حقيقة وليس خيالا كما فى الأفلام والمسلسلات أو هكذا يعتقدون ،،
لذلك تجد مباريات الفرق التى لاتحتوى على لاعب سوبرمانى لا تحقق أى مشاهدة ولا يتابعها أحد لافتقادها الإله الكروى ، ومباريات الفرق الكبرى تحقق أعلى مشاهدة حتى ولو كانت المبارة سيئة ومملة لتواجد ال idol المعبود داخل الملعب.
أمر آخر مهم وهو كرة القدم والتعصب الدينى والمذهبى ( فرقتى وفرقتك مش ملتى وملتك )
أمر شائع جدا وهو تعصب كل شخص للفريق الذى يشجعه ويتمثل هذا فى التريقة على كل من يشجع فريقاً اخر غير فريقه والتحيز والتعصب له وكأن كرة القدم تحولت لأصحاب أديان متنافرة كل منها يدعى أنه الأفضل وأن فريقه هو المدعوم من الإرادة الإلهية ..........إلخ
لا يكتفون فقط بالتعصب ولكن بالسباب الجماعى وتفريغ شحن الكبت والغضب كما هو واضح فى الجملة المشهورة ( كس أمك ياكذا .....)
أمر آخر وهو التعصب الدينى من اللاعبين ، لا أعلم لماذا يسجد المسلم بعد إحرازه هدفا أو إحراز فريقه بطولة ، ويثلث المسيحى بعد إحرازه هدفا أو بطولة
هل الله هو الذى أحرز له الهدف أم أن مهارته أو أخطاء المنافس هى التى سمحت له بالتسجبل؟!!
وماذا إذا هُزم فريقه ، هل الله رأى مثلاً أن الفريق المنافس أقوى إيمانا فأهداه النصر والتوفيق؟!!
منتهى التناقض والعبط ومع كل ذلك تزدهر كرة القدم كما تزدهر الأديان وتجذب لها مشجعين مثل والدى ، تجذبهم لأنها تنمى روح العنصرية والتحزب والأفكار المعلبة والشخصيات الخيالية البطولية التى تمتلئ بها الأديان وكرة القدم