اقتباس:لهذا كانت الثورة الجنسية ممكنة بينما الكنائس عامرة بالمؤمنين ، إذا المشكلة كلها في الثقافة ،وهذه قضية دائمة التردد في مناقشاتنا هنا في النادي خاصة مع الزملاء الغائبين الآن مثل وليد و نبيل حاجي نايف و فرعون مصر أوارفي ، و لكنها لم تحسم أبدا ،

مساء الورد أخي بهجت.

الفكرة يا صديقي هي إن الثورة الجنسية عندما جاءت هذه الشعوب لم تستبد "الأمة" بخصوصية الفرد وبالتالي انطلقت الثورة الجنسية وغيرها من الثورات وتنفست وانتعشت وكان لها من الإيجابيات ما لها وأيضا لها السلبيات كذلك وهذا طبيعي في أي ثورة عمومًا.

في الكنائس يؤمنون بخصوصية الفرد عموماً. نعم هناك حالات تطرف ولكن المجتمع عامة مصمم على أنه يحترم حق فلانة أن تنام مع من تريد دون أن يهجموا على دارها ويحاربوها على أنها فاسقة الحيّ.

كون مجتمعاتنا يا أخ بهجت شمولية totalitarian هي أكبر طامة لها. الإسلام يدعم العقلية هذه وللأسف لأنه في الأساس منتوج رعويّ للبيئة الرعوية الشمولية. لابد أن يتخلخل الإسلام ويتفكك من الداخل. لا أعرف كيف يحدث هذا ولكن لابد من شيء يساهم في إرخاء هذه القبضة الحديدية التي فيها يحكم الإسلام قبضته على "الأفراد" وما يريدون أن يفعلوا بأجسادهم. المسيحية إجمالاً ليست لها قبضة مماثلة. المسيحية ضرب من ضروب الروحانية كالبوذية وغيرها. نعم أقر وأعترف ان هناك ثورات من عوام المسيحيين في أميركا على نظام التعليم والسياسة إلخ ويريدون إقحام الثيوقراطية في هذه الأنظمة؛ ولكن تبقى هذه الحفنة المسيحية لا تمثل عوام الشعب.

تصور.. للأسف ذات مرة قرأت من صديق نابغ هنا يرد على محاوره مدافعًا عن "شرفه" وأنه ليس "معرّص" إلخ. زعلت. هو لم يكن يحتاج بالمرة للدفاع عن أي شيء ولو أن الأخ الآخر لا يعجبه الرأي فأعلى ما في خيل خيله يركبه ويخبط دماغه في أجمدها حيطة. شرف الزميل الليبرالي ليس محل نقاش أو دفاع أو يجب أن يرد بالمرة لطاولة المحاورات والمناقشات. لكننا نعيش في مجتمعات تحكمها هذه المنظومة الشرفية الشمولية بكل ما فيها من قهر لنفوس الأفراد.

اقتباس:فالثقافة ليست نتاج للعقيدة الدينية فقط ، بل هي نتاج للتدفقات الثقافية الخارجية كما هي نتاج لعوامل تاريخية محلية ، و لكن هذه قضية لن يمكن استجلائها الآن بشكل عرضي .

الحقيقة الأمر صعب علي استيعابه تمامًا- وإنْ اتفقت كثيرًا في ما تفضلت وذكرته أعلاه- لأن الإسلام في نظري هو مفرز لهذه الثقافة culture وقد انثقفت هي به وخرج هو حتمًا من أحشاء هذه الثقافة مع بعض التحبيشات العقائدية الشرعية ولكنه في الإسلام- من وجهة نظري الشخصية- انتكاس لبداوة القرن السابع.

وأميل للاتفاق- بصراحة ربما على مضض- بأننا لا يمكن أن نطلق أحكام مطلقة على الثقافة الإسلامية في صورتها الحاضرة. ولكن ماذا تعمل لو انتعش الإسلام الأصلي وحدثت "صحوة إسلامية" Islamic resurgence ؟ سأعطيك مثال آخر يا أخ بهجت: في طاجكستان المسلمون هناك منذ عشر سنوات أو أكثر كانوا مسلمين عاديين وكانوا طاجيك أولاً وأخيرًا. الآن تغير الوضع وتم استيراد اللحى الكثيفة والنقابات والوجوه العابسة إياها. ماذا حدث؟ حدث ما حدث ولكنها مسألة وقت وانتعشت بذرة الإسلام وما تحمل فيها من دمار وإقصاء ومن ثم "الصحوة الإسلامية". تأججت الروح الإسلامية والتي أرتعب شخصيًا منها وأخشاها.

بدون شك أحلم يا أخ بهجت بمجتمعات عربية مسلمة متسامحة تأخذ من الدين روحه كما يقول فرح أنطون وسلامة موسى وغيرهم. ولكن البندول يتأرجح وما كان معتدلاً بالأمس ربما لن يكون اليوم معتدلاً بالغد.... تصور نفسك مثلاً قاعد على الحصيرة معي ونشرب الشاي ومعنا بعض الناس المثقفين ومتوسطي الثقافة وربما البصمجية.. هذا في الثمانينات وما قبل.. هل كان أحد يجروء يا أخ بهجت في ذلك الزمان أن يمتدح الحجاب والنقاب؟
بل بالعكس.. كانوا يتندرون بالمتدينين وتسمع التلميحات هنا وهناك.. الآن الوضع وبكل أسف تغير وصارت البنت الغير محجبة في مصر هي البنت القبطية والتي يقولون عنها إنها "غير طاهرة" و"ليست متطاهرة" و"نجسة" بالتالي إلخ.


أعتذر عن أي سوداوية قد صاحبت ردي عليك ولكني أحببت أن أسطر ما أراه وربما.... كمعظم الأحيان.. ربما أنا مخطيء.