(10-24-2009, 06:01 AM)ابن نجد كتب:  استاذ بهجت :
هل ترى ان المجتمع الياباني مع العصر ام ان الزمن تجاوزه وسينقرض ؟

الأخ ابن نجد .
يا صديقي هناك اختلاف شاسع بين موقف اليابان من التراث و موقف الدول العربية خاصة السعودية و مصر منه ، كي تلج باب الحداثة لم تقم اليابان بعملية تغريب Westernization كاملة كما فعلت مجتمعات أخرى مثل المجتمع التركي أو الروسي مثلآ ، و لكنها أيضا لم تحتفظ بكل تراثها القديم ، لأن اليابانيين أدركوا أنه لا يمكن أن يتحدث المجتمع بالتناقض و المفارقة مع قيم الحداثة ، وهذا ما تحاوله المجتمعات الأصولية العربية خلال استيراد منتجات الحداثة دون قيمها ، على النقيض تماما مما هو شائع ، قامت اليابان بثورة ثقافية راجعت فيها كل تراثها بهدف تنقيحة و التخلص من المكونات السلبية فيه ، تخلصت اليابان من كل القيم و التقاليد التي تعوق الحداثة ،و لكنها لم تتخلى عن هويتها الوطنية ، بل أعادت اكتشافها لتلائم عملية حداثة عميقة و حقيقية ،وهذا ما نريده لا أكثر .
إن الثقافة التراثية هي التي تحدد ملامح الثقافة القومية لأي شعب من الشعوب ، وقد يكون التراث حافزا على الحداثة أو معوقا قويا لها ، إن ذلك يتطلب تواجد استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع التراث بهدف تطوير الجوانب الإيجابية فيه و تأصيلها ،وفي الوقت نفسه عزل الجوانب السلبية و تهميشها ، و ذلك بالقطع لا يعني عزل التراث كله و إلغائه أو القفز عليه .إن المصلحين اليابانيين أولوا التراث عنايتهم الكبرى إبان عملية التحديث ، و رفضوا التحديث الذي يقود إلى التفريط بالثقافة التراثية باعتباره نوعا من التغريب لا يقود أبدا إلى الحداثة الحقيقية ، وتعرف هذه النظرية في الثقافة اليابانية ب the nihonjinron school .
أما على الجانب العربي الإسلامي ، فنحن نريد ان ندخل الحضارة (بعبلنا) أي بكل تراثنا المعقول منه و غير المعقول ، بممارسات مثل الولاء و البراء و الجهاد و الحدود و الحريم و ولي الأمر و ... الخ ، نحن نرى كل ذلك ثوابت و دين لا يمكن المساس به ،وهذا يعني اننا نبدد وقتنا و جهدنا وثرواتنا هباء .