عزيزي ألبرت كاموس،

سبب انقطاعي عن الكتابة هو انشغالي ابتداء

على ما يبدو أننا لم نربط القواعد سوية معا كما ينبغي،

العلة هي الباعث على تشريع الحكم، يعني سبب وضع التشريع على هيأته.
حين نريد معرفة علة التشريع، فعلينا أن نسأل المشرع نفسه، وإلا لم يكن ما وصلنا إليه هو العلة، بل قد يسميه البعض الحكمة من وراء التشريع.

الفرق بين العلة والحكمة، أن الحكمة هي زيادة معرفة هنا، لا تؤدي إلى عمل بالضرورة، أما العلة فهي وثيقة الإرتباط بالحكم الذي هو المعلول، تدور معه وجودا وعدما،

في حال انتفاء العلة ينتفي المعلول لزوما.

العلة تتعدى إلى غيرها بما يسمى في الاصطلاح القياس الشرعي، فتعطي الحكم المعلوم لمعلول جديد مجهول الحكم لاجتماع العلة في الحكمين.

مثال تطبيقي:
(ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا)
العلة هي الإضلال عن سبيل الله، ولهو الحديث هو المعلول، فحين يكون القصد من لهو الحديث الإضلال عن سبيل الله تشمله الآية، وإلا فهلا حكم له في هذه الآية تحديدا، لأنها لم تتحدث عن لهو الحديث، بل عن اتخاذه للاضلال عن سبيل الله، وعلى هذه العلة يتعدى الحكم لكل ما من شأنه أن يتخذ للاضلال عن سبيل الله، أكان لهو حديث أم غيره. طبعا حكم لهو الحديث بمطلقه يفهم من آيات أو أحاديث أخر.
(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)
العلة هي أن تعلموا ما تقولون، والمعلول السكر، فأن يعلم المرء ما يقول حين الصلاة هو المطلوب، وضرب له السكر مثالا إذ أنه قمة هذيان المرء حين يقظته، ويعدى الحكم إلى كل ما من شأنه أن يزيل قدرة المرء علمه ما يقول، كأن يقرب الصلاة وهو يدافع الأخبثين، أو وهو يغالب النعاس، أو وهو مطبق الغضب أو الخوف، إلخ....

نأتي إلى العبادات والمطعومات والملبوسات وأنها لا تعلل.

شرعت صلاة الظهر أربع ركعات، والفجر ركعتين، دون علة، شرعت الصلوات خمس في اليوم والليلة دون علة، شرع الصوم من الفجر إلى الغروب دون علة، شرع الحج إلى البيت العتيق دون البيت الأقصى أو مسجد الرسول دون علة، شرع تحريم شرب الخمر لأنها خمر دون علة، شرع تحريم لحم الخنزير لأنه لحم خنزير دون علة، شرع تحريم لبس الحرير للرجال دون النساء دون علة، شرع تحريم أكل ما ذبح ولو على شبه الطريقة الشرعية إن ذكر اسم غير الله عليه دون علة.

من يريد أن يفرض علة على مطعوم أو مشروب أو عبادة دون دليل شرعي يفيد من أين استحضر العلة، عليه أن يعلمني كيف عرف ما الذي أراده الله حين تشريع هذا الحكم؟