الأخ عاشق الكلمة .
أنت تتصور أن مداخلتي خارج الموضوع فقط لأنها لا تلائمك ، إني في المداخلة التي تشير إليها في صلب صلب الموضوع ، لقد تحدثت عن مقترب آخر لفهم أعمق للثورة الجنسية ، هذا الفهم أكثر ملائمة لشعوب لم تمر بالتطورات التي أفرزت تلك الثورة بالشكل الذي حدث في الغرب في الستينات و السبعينات من القرن الماضي ، كما أوضحت لك أن ما يروق لك و تعتقده زواجا إسلاميا هو زواج مدني مستمد من التقاليد الغربية مع تطعيمه ببعض قوانين الفقه الإسلامي التي شوهته .
أردت في الأساس أن أبلور جوهر الثورة الجنسية ( التي أذكرك أنها هي موضوعنا ) ، هل تعرف ما هو ؟.. تحرير المرأة و تمكينها أن تعبر عن ذاتها الإنسانية بلا وصاية من ثقافة ذكورية ، لدينا العديد من الأنبياء و الفلاسفة و المصلحين الذكور ، و آن أن يكون لدينا نبيات !.
يا سيدي الرجل تاريخيا هو الذي اختار .. اختار شكل الأسرة و المجتمع ، و اختار وظيفة المرأة و حدودها ،و اختار أن يسمح بالثورة الجنسية في الغرب ،و اختار أن يسجن المرأة ( و الرجل أيضا ) في معتقل الدين الأبدي في الشرق الإسلامي البائس ، أما آن و على سبيل التغيير أن تختار المرأة لنفسها على الأقل ، مهما كانت لدينا النوايا الحسنة و مهما آمنا بوحدة الجنس البشري ،ومهما ارتقت أكارنا و مشاعرنا بفعل الحضارة المعاصرة ، سنبقى أسرى لتراث ذكوري لا شعوري ولو كرهنا ذلك ، هكذا أرى إذا الثورة الجنسية ، تحرير المرأة بشكل حقيقي و نهائي ، فلندعها تختار و تقرر فهذا سيساعدنا على اكتشاف عالم جديد نحن في امس الحاجة إليه .
هذه يا عاشق ثورة جنسية .. هي ليست بورنو كما تأمل ، فالجنس الحر قد يكون عبودية جديدة ، ما أتمناه أعمق من ذلك كثيرا لو أدركت ما أقصده .
أما عن دفاعك عن تكريم المرأة في الإسلام ( الذي هو خارج الموضوع بالفعل !) ، فما أسهل أن أضع هنا مداخلة من 3-4 صفحات تدحض ذلك بلا هوادة ، و لكني هنا أريد أن أتوقف قليلآ لأسأل : "أي إسلام تتحدث عنه؟" ، فلدينا عشرات منه بمقدار تنوع التجارب التاريخية للإسلام و المسلمين ، حسنا لو تحدثت فقط عن النبي محمد و هو حالة فردية ، سأقول لك بايجاز أنه من المستحيل الحكم على النبي خلال معاييرنا المعاصرة ، كما لا يمكننا استيراد ممارسات النبي لأنها لا تلائم هذا العصر و ثقافته ، بمقياسنا المعاصر فالنبي محمد ليس بالزواج لمثالي أو حتى الصالح ، فتعدد الزوجات بهذا الشكل الكبير يعني أنه لن يحقق لأي من زوجاته احيتاجاتها الجسدية أو الروحية و النفسية ، و لكن لو دققنا قليلآ سنجد أن تعدد الزوجات كان ضرورة وجودية ، فلا يوجد سبيل آخر كي يوفر البدوي للنساء مأوى و غذاء ، فالإستقلال الإجتماعي و الإقتصادي كان مستحيلآ ، كل المجتمعات البدائية غير المنظمة تعرف تعدد الزوجات و ليس الإسلام فقط ، نحن في حاجة ماسة بالفعل أن نودع القوانين الإسلامية و ممارسات المسلمين التاريخية بلا تردد ، فإكرام الميت دفنه بهدوء و بسرعة .
..................................................

---

(10-26-2009, 07:56 PM)هاله كتب:  ..............
المشكلة يا أخ مروءة ان كل الاصوات الرجعية ستتخذ من الحادثة اسطوانة "ضد" قضية المرأة فأقل ما سيقال و ستحشى به أدمغة الناس هو ان المراد بقضية حقوق المرأة هو السفور و التعري و ان الاسلام اعطاها حقوقها كاملة و اكرمها و ليس هناك حقوق أخرى. لكن المرأة تريد اقتفاء أثر الكفار و الغرب الاباحي الفاجر و من هالكلام.... و هكذا يتم وأد قضية المرأة و تزوير الوعي بها. و هذا ما يجعلني أولي الخبر اهتماما و ليس لاني ضد حق الانسان في اختيار لبسه و مأكله و مشربه فهذه أمور مفرووووووغ منها و ليست بحاجة لكلام فيها.

هالة .
أعتقد يا صديقتي أنك مثل د. نوال السعدواي متأثرة بالرؤية الماركسية تجاه المرأة في الغرب ، و أنها تحولت إلى سلعة في السوق ، لهذا أراك تتخذين موقفا قاسيا تجاه السيدة التونسية .
شخصيا أعجب كيف لم يلاحظ أحد أن هذه السيدة التونسية تبدوا متأثرة بسابقة تاريخية شهيرة ارتبطت بالثورة الجنسية في الغرب ، هذه السابقة عندما خرجت مظاهرات نسوية تاريخية لسيدات و قد كشفن صدورهن ( عام 1968) ، و هي ما عرفت باسم مظاهرات السوتينات المحروقةBra-burning demonstrations ، و هناك مظاهرة محددة شهيرة باسم احتجاجات Miss America ، عندما مزقت المتظاهرات الملابس النسوية كالسوتينات و الجوارب و الشدادات ... الخ ،و ألقين بها في صناديق القمامة ، تلك كانت رسالة للمجتمع تقول إذا كانت تلك الصدور ستسجننا فسوف نحررها أيضا ، خلال تلك الفترة كانت هناك ممارسة شائعة بين ناشطات حقوق المرأة بعدم ارتداء السوتينات ،و قد ارتبط تعبير حرق السوتينات بالسيدة روبن مورجنRobin Morgan ، في شعار أطلقته لصحيفة نيويورك تايمز .
إنني أتفهم بواعث السيدة التونسية و أقدر شجاعتها ، كما أقدر السيدة التركية و أثمن جرأتها ، إنهما تريدان أن تقوما بصدمة كهربائية لأعصاب مجتمع يحتضر لعله يفيق ، إن الكلمات لم تعد كافية ،و نحن من لا نفعل سوى أن نلوك الكلمات نشعر بأهمية أن يتحرك البعض ولو بإصدار الكتب أو خلع بعضا من الثياب أو كلها .