يـا لـهـذا الـشـوق الـذي يـُـشـعـِـل الـنـيـران فـي أحـشـائـي !

ضـدّ مـَـنْ سـوف تــُـسـجـَّـل هـذه الـحـرائـق ؟

أهـي حـقـَّـاً ضـدّ مـجـهـول ؟


* * * * *


أيـتـهـا الـبـلاد الـتـي لـم تـعـد تـعـرفـنـي

و مـا عـادَ لـي فـيـهـا رقـم هـويـّـةٍ

ولا سـطـر صـغـيـر فـي سـجـلّ مـدنـيّ

أو عـقـاريّ

أو جـنـائـيّ

يـا بـلادي

لـعـنـة ُ الـقـلـبِ عـلـيـكِ .

* * * *


الـفـقـراء الـذيـن " يـدعـكـونَ " ثـدي الأرض بـأيـديـهـم الـخـشـنـة

يـغـسـلـونـهُ بـالـدمـع الـمـالـح

لـيـتـزاوج مـلـح الأرض بـمـلـح الـعـيـنِ .

الـذيـن يـُـهـَـدْهـِـدون أكـتـاف الـسـنـابـل

يـُـمـَـشـِّـطـون شـَعـر الـقـمـح

الـذيـن تـَـنـحـنـي لـهـمُ الـغـِـلال بـاحـتـرام

مـُـعـتـذرةً عـن الــقــِـلــَّـةْ .

أولـئـكَ أصـدقُ عــُـشـَّـاق الـكـون

أولـئـكِ الـذيـن أنـحـنـي لـهـم كـسـنـبـلـةٍ

هـذا الـصـبـاح .


* * * * *

أيـّـهـا الـمـطـر

أمـَـا اّنَ أنْ نـلـتـقـي يـا صـديـقـي الـقـديـم

تــَـمـرُّ مـمـتـطـيـاً صـهـوةَ الـغـيـم

كـفـارس ٍ إغـريـقـيّ عـتـيـق

يــسـتـكـشـفُ الـمـكـان و يـغـادر

أنـا طـروادة أيـّـهـا الـمـطـر

و قــد شــَـرَّعـتُ أبـوابَ روحـي

فـاغـسـلـنـي بـالـدم إنْ شـئـت

بـالـخـمـر

بـالـمـاء

بـالـزمـهـريـر

تــَـرجـَّـلْ أيــّـهـا الـلـّـعـيـن ...

تــَـرَجــَّـلْ ..

يـا لــقـسـوة الأصـدقـاء الـقـدامـى .


* * * *


أيـتـهـا الـمـنـاجـل الـمـُـشـرعـة فـي وجـه الـريـح

احـصـدي عـشـبَ روحـيَ الـضـّـار

أيـتـهـا الـمـطـارقُ الـمـصـقـولـة بـغـضـبِ الـثـورة

اضـربـي بـقـوّةٍ عـلـى مـسـامـيـر قـهـري

و يـا ســيــوف

" يـا سـيـوفَ خـُـذيـنـي " .


* * * *


حـَـنــَّـا يـُـلاعـِـبُ نـهـدَ لـيـلـتـِـهِ

و يــفـركَ حـِلـمـة الـوقــتِ الـطـويـل

حـَـنـّـا يــَـمـدّ لـسـانـهُ لـلـعـتـم ِ

يـلـعـقُ شـهـوة ً مـُـلـْـقـَـاة َ فـوقَ الـتـاءِ فـي "لـيـلـة ْ "

حـنــّـا يـُـداعـِـبُ فـخـذ وحــدتــِـهِ

و يـصـفـع وركـهـا بـهـدوءْ

حــنــَّـا يــُـقــَـبــِّـلُ رقــبـة َ الـظـلـمـة ْ

حـنـّـا يــُـراودُ نـجـمـة ً عـن نـفـسـهـا

فــوقَ الـســريــر

حـنـَّـا خـطـيـرْ .


* * * *

هـنـاكَ عـاشـقـانِ يـسـرُقـانِ بـعـضَ الـوقـتْ

يــُـخـطـّـطـانِ لـقـُـبـلـةٍ فـي صـمـتْ

فـلا تــُـنـَـبـِّـهـوا الـسـاعــة

أعـطـوهـمـا وجـه الـحـيـاة

و عـرض أكـتـاف الـزمـــان

أعـطـوهـمـا

طـول الـشـفـاه ِ و عـرضـهـا

و كـلّ شـهـيـق ٍ مـمـكـن ٍ

يـكـفـي لــكـلِّ الـوقـتْ .



جـو غـانـم

28 \ 10 \ 2009

---

2009, 04:43 مساء
مـنـذ عـشـرات الـسـنـيـن , و اسـرائـيـل تـخــاطـبـنـا بــلـغــة الـحـديـد

و الــنـار , تــقـفـز فــوق الـجـثـث كـحـيـوان قــُـطـعـت إحـدى سـاقـيه

مـنـذ زمـن طـويـل و لا أحـد يـعـلـم مـن قـطـعـهـا , ولا زال يـنـتـقـم

مـنـذ مـوسـى وهـارون و يـسـوع بن مريم , يــُـمـلي عـلـى الله شـروطـه

وعـلـى الـنـاس بـنـود مــوتــهـم , دون قـيـد أو شـرط , و دون وعـد ٍ

بـإعـطـاء أنـيـابـه فـرصـة لاسـتـراحـة قـصـيـرة .

و مـنـذ اسـتـقـرّ بـيـنـنـا عـلــى هـذه الأرض الـتـي وجــدهـا تــعــجّ

بــالـطـرائـد , أخـذ يـسـبـح بـيـن الـدمـاء مـن مـجـزرة إلـى مـجــزرة

يــشـرب الــدم و يـقـول هــل مـن مـزيـد .

ثـم يـجـلـس فـوق الأشـلاء لـيـبـكـي سـاقـه الـمـقـطـوعـة .

أيـهـا الـنـــّـاس :

مـن مـنـكـم قــطـع ســاق الـوحـش ؟؟

تــُـقـسـمـون انـكـم لا تـعـرفـون , وأن الأنـبـيـاء الـذيـن قـتـلـهـم بـنـي

اسـرائـيـل لـم تـكـونـوا أنـتـم مـن أرسـلـهـم , أو مـن أوحـى إليهم

بـرسـالاتـهـم أبـداً , وأن نـبـوخـذ نـصـر لـم يـكـن مـن قـانـا ولا مـن

ديـر يـاسـيـن ولا مـن قـبـيـة و لا بحـر البـقـر ولا مـن غـزة أو جـنـيـن .

و تـقـسـمـون أنه لـيـس هـنالـك أيّ صـلـة قـربـى بـيـنكم و بـين هـتـلر .

مـن مـنـكـم قـطـع سـاق الـوحـش أيـهـا الـنـاس ؟

و لـمـاذا لا يـنـتـصـر هـذا الـوحـش ؟

لـمـاذا بـعـد كـل مـجـزرة يـرتـكـبـهـا, يـشـعـر بالـخـوف أكـثـر , فـيـقـتـل

أكـثـر و يـذبـح أكـثـر , و يـــُـلـقـي خـوفـه فـي وجـوه الـنـاس أكـثـر ؟

أنـتـم تـقـولـون أنّ صـواريـخ حـمـاس لا تــقـتـل أحـداً , فـلـمـاذا إذن

يـخـاف الـوحـش مـن قـوم لـيـست لـديـهـم الــمـقـدرة عـلـى الـقـتـل ؟

لـمـاذا يـتـمـلــّـكـه كـل هـذا الـرعـب فـيـفـتـك بالـنـاس بـهـذه الـطـريقة

الـتـي لـو قـصـصـتـهـا عـلـى الإنـسـان الـبـدائـيّ لـمـا صـدّق روايـتـك .

هـل هـذا الـوحـش قـضـاء و قـدر ؟

هـل عـدتـم فـي الـتـاريـخ إلـى عـهـد عـبـادة الـتماسيح و الـوحـوش

لــتـــُـقــدّمـوا لـهـا أنـفـسـكـم كــقـرابـيـن لـتـأكـلـكـم , كـي لا تــأكـلـكم ؟

ألـسـتـم مـأكـولـيـن مـأكـولـيـن ؟

إن عـقـدتـم اتـفـاقـيـات الـسـلـم مـعـه , يـأكـلـكــم , و إن ألـمـحـتـم

بالـحـرب أو بالـصـراخ أو رفـعـتـم الـصـوت , يـأكـلـكـم , و إن

صـادقـتـمـوه يـأكـلـكـم , و إن عـشـتـم يـأكــلـكـم أحـيـاء , و إن

مــتــّـم مـِـيـْــتـة ربــّـكـم , يـحـرث الأرض و يــنـبــش قــبـوركــم

لــيــأكـلـكـم مـن جـديـد .

أيـهـا الـنـاس , ألا لـعـنـة الله عـلـى الـجـهـل و الـجـاهـلـيــن

ألــسـتـم مـأكـولـيـن , مــأكـولـيـن ؟

و نــســأل مـن قـطـع ســاق الـوحـش ؟

لا أحـد قـطـع ســاق الــوحــش أيها الناس , إنـّـه يــبــتـرهــا بـنـفـسـه

كــل يــوم كـي يــنــتــقـم لـهـا , ثـم يــُـعـيـدهـا فـي الـمـسـاء , كـــي

يـــركــض بـهـا وراء خـوفـكـم , هـذا الـوحـش لـن يـنـتـصـر , و ليس

بـاسـتـطـاعـتـه أن يـنـتـصـر , لأنـه لـم يـؤمـن يـومـاً أنــه انـتـصـر أو

سـيـنـتـصـر , مـئـات الـمـجـازر , مـلايـــيـن الــقـــتـلـى و الـجـرحـى

و الـمـهـجـّـريـن و الأسـرى و الـنـازحـين , و لـم يـقـتـنـع يـومـا أنـه

انــتـصـر , فـالـوحـش لا يـنـتـصـر, الـوحـش يـقـتـل و يـأكـل فـقـط

و يـظـلّ خـائـفـاً مـذعـوراً لـو دبــّـت نـمـلـة عـلـى الأرض حـولــه .

و أنــتـم , أمـا اّن لـكـم أن تــُـلـقـوا الـقـبـض عـلـى هــذا الــوحـش

فــتـقـطـعـوا يــديـه و سـاقـيـه , كـي تـنـتـصـروا لأنـفـسـكـم و لـلـنـاس

أجـمـعـيـن ؟

أمـا اّن لـكـم أن تــقـتـنـعـوا أنّ بـإمـكـانـكـم أن تــنــتـصــروا . عـكـس

هـذا الـوحـش الـذي لـن يـنـتـصـر طـالـمـا هـنـاك حـيـاة عـلـى هـذه الأرض .

و أنْ تـقـتـنـعـوا بـأنّ الـسـلام مـمـكـنٌ مـع الـبـشـر , لا مـع الـوحـوش .

أيـهـا الـنـاس :

إنّ الــنــاس نـاس , و الـطـرائــد طـرائــد , فـعـيـشـوا بـكـرامـة كـمـا

يــنـبـغـي لـلـنـاس أن تـعـيـش , و لا تـمـوتــوا بـلا ثـمـن كـالـطــرائــد .




.................


ــ مقطع مـن خـطـبـة لـ ( جـو ابـن غـانـم الـعـربـي ) بـمـنـاسـبـة أنــّـه

لا زال عـلـى قـيـد الـحـيـاة فـي بـدايـة الـعـام 2009 و هـذه عـجـيـبـة

و مـعـجـزة . و قـد ألـقـى الـخـطـبـة هـذا الـصـبـاح , عـلـى نـفـسـه

و لـنـفـسـه , و بـحـضـور نـفـسـه الأمـّـارة بالـسـوء , و غـيـاب نـفـسـه

الـمـطـمـئـنــّـة الـتـي اعـتـذرت عـن الـحـضـور .



بقلم: جو غانم