كان عندي ضيفة يمنية يهودية مواطنة إسرائيلية. قصت لي قصتهم وأنه في أيام زمان كان الجميع يأكل من طبق واحد سواء كانوا عرب أم يهود ولم تكن هناك أي تفرقة. كانت الجارات تتبادلن الأطعمة والبيوت كأنها بيت واحد مشترك حيث الود والوئام... كل هذا كان حاصل بين العرب واليهود إلى أن قامت دولة إسرائيل. وجدت نفسي بعفويتي أقول لها: ليته لم تقم دولة إسرائيل والناس يستمرون إخوة ويأكلون من طبق واحد وتربطهم جماعة إنسانية مشتركة.. طبعًا لم يعجبها كلامي وقامت بتأنيبي بلطف قائلة: اسمع لما تقول.. أنت تقرأ الكتاب المقدس وتعرف أن قيام إسرائيل كان لابد أن يتم... بابتسامة دبلوماسية جاريت الحديث ولكن لسان حالي- منذ ذلك الحديث الذي كان قد دار في مطبخ البيت عندي- وإلى يومنا الحالي وإلى لحظتنا الحالية لا يزال يقول: ليته لم تقم دولة إسرائيل والناس قد استمروا كما كانوا من قبل: إخوة تربطهم الجيرة وعلاقة حسن الجوار لا إقحام وطن على الوطن القائم عنوة وخلق المشاحنات... طبعًا ما أقوله هنا وهو لسان حالي الداخلي "ليته لم تقم دولة إسرائيل" لا أجروء على أن أقوله في بلد تعتبر إسرائيل ولاية من الولايات فيه حيث أن إسرائيل تعتبر تقريبًا ولاية أميركية أخرى وكلنا يعرف ذلك وعلى الناس أن تعرف أصول اللعبة والفولة وما فيها ولا تتخطى الخط الأحمر. لكني من حين لآخر ألتقي أصدقاء وصديقات فلسطينيات وأسمع قصص مرعبة عن عدم قدرتهم للرجوع للبلاد أو أن يفقد أحدهم الهوية "كارت الهوية" أو يقوموا بإرجاعه من المطار قبل أن يذهب لزيارة أهله في بيت لحم أو الناصرة أو غيرها.. عندها تنتابني نوبة غضب عارم وأتأسى بحزن شديد لما يحدث وأقول: كيف لضمير إنساني أن ينتصر للظلم؟ لا يمكن.. لا يمكن.