الذكرى الأكثر تعلقاً بذاكرتي من أيام التدين هي : الصلاة .... لاشئ أثقل منها على النفس و الجسد
تعود متعب من المدرسة لتعيش في ذنب لأنك فوتت صلاة الظهر و عليك أن تقضيها مع العصر و أنت
متعب و جائع ثم صلاة العشاء و انت ميت من النعس و التعب ليبدأ بعدها العذاب على صلاة الفجر
من حرب بين النوم المتعب و صوت المنبه و شعورك الكبير بالذنب حتى أني مرة " أقسم على هذا "
تخيلت أن هنالك شخص يلبس أبيض بغرفتي يوقظني و انت بين الحلم و اليقضة لأقوم مرعباً للصلاة .

في المرتبة الثانية أجد الوضوء و أستغرب من هذا الفرض و علاقته بذهاب الإنسان للحمام أو إطلاق
الريح " أنتو أكبر قدر " أو حتى لمس إمرأة بدون قصد بالأتوبيس كل هذا ما علاقته بحال الإنسان
روحياً أو حتى من ناحية النظافة فأنا شخص أحافظ على نظافتي لكني أجدها جريمة حرب ان أتوضأ
فجر يوم شتوي بالماء البارد لأنه لا تتوفر المياه الساخنة دائماً . و حتى التيمم من يستطيع أن يشمر
عن ساعديه ليمسحهما بالتراب مع وجه ..... هذا للأسف لا أجد له حكمة لا روحية و هم يحزنون .

من الأمور التي لا أنسانها معاناتي مع الصيام رغم أن رمضان كان لا يزال بالشتاء إلا أن كنت أقضي
يومي الدرسي أبلع ريقي من العطش و لرؤية المسيحية يأكلون و كانوا يأكلون أكثر برمضان من كثرة سفالتهم
ثم أعود للبيت لأتشاجر مع أخوتي من طفري و هكذا حتى وقت الأذان لنأكل مثل البهائم من كثرة الجوع .

أذكر أيضاً رائحة البول و الغائط الملازمة لكل حمامات مساجد المدينة و التي تمتد لمسافة عدة شوارع
و تجعلك تفكر في تغيير طريقك أو عدم الذهاب للمسجد من أصله . أما عن حكايات المسجد فأذكر منها
الحرارة المرتفعة و رائحة العرق التي تجعلك بعالم أخر و أنت تصلي كما لا أنسى بداية و خاتمة الخطبة
التي هي نفسها نفسها بكل جمعة ومن الأمور الطريفة هي زحام الخروج كأن الناس تهرب من حريق و عن
نفسي كنت أستمتع بمراقبة صلاة البعض و التي تجعلك ترغب بشد شعرك من كثرة الأخطاء و السرعة .

هههههههههههه تذكرت نفسي لما كنت ألبس أبيض في أبيض و أنزل على الجامع للأذان لأن المؤذن أما نائم
أو عنده عمل لأفتح المكريفون و يبدأ مسلسل الجعير حتى أن أهلي نفسهم سخروا مني على ما هو صوتي من
نشاز رغم أن نيتي صافية لكني لم أكن أمتلك الموهبة حالي حال الكثيرين من مؤذني هذه الأيام .

لا أنسى جلسات السلف الصالح للحديث عن النساء و السبي و الغزو و الموت في سبيل الله في ذلك الوقت
لو كان عندنا سلاح كان صار مجازر و يمكن حتى إنقلاب بنظام الحكم من شدة شراستنا تلك الفترة .

و من يستطيع أن ينسى سيطرتي السلفية على قنوات الستلايت من حذف للقنوات و بالجملة حتى لم يبق
إلا قناة الجزيرة و سبيس توون و التي كنت سأشفرها تحت تأثير فتوى تحريم البوكيمون . حتى الجزيرة
لما كانت تطلع الجميلة إيمان بنورة كنت أغض بصري و أسمع صوتها فقط .

يعلق بذاكرتي ليلة أردت الذهاب للعراق مع أصدقائي .... هذه الليلة كانت فظيعة : أمي لم تصدقني فذهبت
للنوم أبي السافل ليس موجود لأنه هجرنا من زمن و أنا بلباسي الكامل أنتظر صلاة الفجر ولو سألتني اليوم
ما الذي جرى فأني لا أذكر . كل ما أذكره هو أستيقاظي ظهراً و بعدها بساعات شاهدت سقوط بغداد على التلفاز .

عطور المشايخ لها أثرها بالذاكرة كما أثرها على الأنف ..... كنت أضع المسك و العنبر و العود و كانت
الرائحة ثقيلة و غريبة حتى سمعت أحدهم يقول بالسرفيس مرة : في أحد حاطط ريحة ذهب . سخرية منه
على رائحتي التي ملئت المكان و زكمت الأنوف .

لا أنسى أيضاً نظرات الناس لي " و أن بثوبي القصير كما أهل السلف " و خاصة نظرات جيراننا المسيحية
كانت نظرات مليئة بالريبة و الحذر و الفضول معاً و مرة كان جار لنا " شماس " الكنيسة المجاورة ماشي
بلباسه الأسود و أنا بلباسي الأبيض لنتبادل نظرات الإحتقار و العدوانية حتى مر بأخر الشارع .

قد يتبع لا أعدكم .....