(1)
أعمل منذ أيام لتحصيل موافقة أمنية لعمل ولقمة عيش، يتقاذفني فرع أمني تلو الآخر، فمن الأمن العسكري إلى فرع فلسطين لأمن وظيفتي، وأمامي عناصر أمنية لم يحصل أصحابها على شهادة ثانوية وشبه أميين يتحكمون بلقمة "عيش" رجل اقترب من الأربعين حصل على خمس شهادات في فرعين علميين، وتعامل في عمله مع رؤساء شركات أوروبية كبرى.
عندما يعلم سائق التكسي الذي يوصلني من فرع أمني لآخر بأني ذاهب للفرع الأشهر بسوريا يبدأ بوصلة مديح للمعلم (الرئيس بشار الأسد) لم أفهم سببها وسياقها ومناسبتها.أعود منهكاً في المساء لأرى الأصحاب والأصدقاء من أصحاب العقول الكبيرة، تتناوش و"تتهاوش" حول مبارة كرة قدم بين فريقين "شقيقين"، تشعر لحدتها بأن الحرب العالمية الثالثة على وشك النشوب أو تكاد.
تبدو ابتسامة ساخرة من طرف فمي، إذ أن شر البلية ما يضحك.
لا أعتقد أن بلداً من بلادنا العربية يمكنه أن يحسد غيره على ما ابتلي به، ولكن في هذه اللحظة فجل ما يهم نخبنا العظيمة حول التنمية والمدنية والعلمانية، هو مبارة كرة قدم، سفك من أجلها دماء شهداء، أين منها دماء شهداء الحرية والاستقلال.
سيعود شعبنا في اليوم التالي لشتم نظامه أو التهليل لزعيمه القائد، كيفما اتفق، ثم خفض العيون أمام أي عنصر أمني يمر أمامه، ليمشى عدة خطوات أخرى، ويعدل قامته، ويتذكر أنه سليل العمالقة صناع الحضارة وهو يتباهى بمشيته الملوكية بأنه واثق الخطوة وأن الآخرين "غجر" وبرابرة "أوباش".

ولا عزاء للإنسان

يتبع ...

مودتي
طارق