أخي العزيز الفكر الحر:

أباؤنا النصارى الأوائل لم يتنكروا للفكر الوثني كما يحدث حاليًا ولك أن تقرأ كتابات Justin Martyr أي يوستين الشهير ودفاعياته وكذلك إكليمندس السكندري والذي رأى أن الله عندما خاطب العبران بالتوراة فهو يخاطب الإغريق هذه المرة بالفلسفة عوضًا عنها. الوثنية تعني ببساطة ثقافة مجتمعنا الدنيوي والمسيحية تنشأ في هذا السياق الدنيوي وتستخدمه كوسيلة للتعبير عن المقاصد الإلهية الأزلية. لذلك ستجد في نصرانيتنا الكثير من الاستعارات مثل هذه السمكة واستعارة القديس بولس من الشعر الوثني والفلسفة الوثنية بشكل بديع يجعلك تشعر وكأن هذه المسيحية جامعة علوم واسعة الأطراف. عبرة المسيحية الأولى ليست بالنصوص وإنما بالحياة الإلهية التي يبثها الباريء جلّ علاه في خليقته فيهبهم حياةً من حياته ويصبحون هم بالتالي متشاركين معه في ما هو له تبارك اسمه؛ يأخذ هو ما لهم من آدمية ويعطيهم ما هو له من ألوهة ويرفعهم من وحل الخطيئة لمصاف بنات وأبناء الله الذي يتقدسون بالإقامة فيه والسكنى فيه وتلك هي سكنى الله شخصيًا وسط شعبه. لذلك ولكي يتم ذلك ستستخدم المسيح ما شئنا من الرموز والعناصر للتعبير عما هو أهم منها وهو سكنى الله سبحانه وتعالى في خليقته حيث يهبهم الخليقة الجديدة ويخلقهم خلقًا آخرًا على مثاله كبنات وأبناء له سبحانه وتعالى.