ما تفضل به الزميل 'بني آدم' صحيح (نسبياً) من وجهة نظر الطبيعة التي أوجدتنا إذا افترضنا أن الطبيعة تسير باتجاه معين لتحقيق هدف ما. ولكن لا أظن أن السؤال المطروح هنا يناقش هذه القضية من وجهة النظر تلك، وإنما يناقشها من وجهة نظر الملحد نفسه: ما الهدف الذي تسعى لتحقيقه من حياتك؟ وهذا السؤال يجرنا إلى سؤال آخر: لماذا تستمر بالتنفس والأكل والشرب وممارسة جميع الأنشطة الحياتية إذا كنت لا ترى أي هدف لحياتك؟

دعونا ننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى.
لماذا نشغل أنفسنا بمثل هذه الأسئلة؟ لماذا نفكر بها؟ بل لماذا نفكر أصلاً؟
إذا كنا نستخدم التفكير كوسيلة لحل المشاكل التي تواجهنا فما هي تلك المشكلة التي نريد حلها عندما نفكر في قضية الوجود والعدم (الحياة والموت)؟
أظن أن المشكلة التي تدفعنا إلى التفكير في مثل هذه الأمور هي أننا نحاول أن نرسم لأنفسنا دوراً أكبر من دورنا الحقيقي في الوجود، فنتوهم أن لحياتنا هدفاً أو حكمة ونسعى لتحقيق ذلك الهدف أو إدراك تلك الحكمة بكل ما أوتينا من قوة، وحتى عندما نكتشف بطلان ما نسعى إليه نستمر باختراع أهداف أو حِكم جديدة لنبرر تمسكنا بالحياة. بل حتى عندما نعترف (لفظياً) بعبثية الحياة فإن هذا الاعتراف يغذي غرورنا بأننا أدركنا ما لم يدركه الآخرون، وهو ما يشعرنا بالتفوق والتميز ويعيدنا إلى دائرة الأوهام مرة أخرى.
برأيي أن لهذه المشكلة حلين:
1. إما أن نستسلم لقدرنا ونقنع بدورنا المحدود في الوجود فنمارس حياتنا كما تمارسها بقية الكائنات الحية متخلين عن غرورنا ومبتعدين عن أوهام التميز والتفرد. في هذه الحالة سنتوقف عن التفكير في الحكمة أو الهدف من حياتنا، لأننا سندرك أنها بلا حكمة ولا هدف.
2. أو أن نختصر الطريق فنستعجل النهاية المحتومة. وهذا حل جذري وسريع للمشكلة. ولكن، كيف نستفيد من حل المشكلة ونحن غائبون عن الوجود؟