( ليس في كل مرة تسلم الجرة )
في قصة وضع خاص حاول الزميل / spring456 أن يصنع قصة من أربعة مشاهد قصصية وكل مشهد منها صحيح أنه جيد التصوير فيما يخصه من أدوات البناء القصصي وأولها التصوير الفني وكأنه لوحة ولكنه جاء كاللوحة المعلقة ضمن أربع لوحات في معرض نتنقل بينها ونحس أن كل لوحة منها لا علاقة لها باللوحة الأخري ولكن بالنهاية فهي تصدر من كاتب واحد , وبالتأمل أكثر نجد أن ما يضمها في عقد واحد هو مجموعة من الخيوط الواهنة , أول تلك الخيوط هو الحالة التي ينتج منها النص وأقصد الجو الذي يحاول الكاتب أن يشكل فيه تجربته فقد جاء ذلك الجو غرائبيا يكسر مفهوم الترابط المنطقي بين عناصر الزمان والمكان وروابط السببية التي تجعل إنتاج الدلالة عملية سلسلة , العقل الإنساني بوضعيته يجفل من مجرد كسر أي روابط لا تضعه في الوضع المعتاد لوجوده الإنساني ويري هذا الوضع غير معقول ولكن في الفن ونتيجة لقدرة أخري في العقل الإنساني – هي الخيال - يستطيع أن ينشئ روابط بين عناصر متباينة ولذلك استطاع الفن بتلك الحرية أن يمتلك التجاوز , ولكن كما أن للفن القدرة علي إنشاء تلك العلاقة بين العناصر المتباينة فإنه ليس حرا كل الحرية بل هو حرا بما يضفيه من معني علي تلك العلاقة , ومن هنا تنشأ إشكالية يجب علي الكاتب أن ينتبه إليها فحريته مشروطة بإنتاج الدلالة . ثاني تلك الخيوط التي نجدها في مجموعة المشاهد أن العاطفة أو الحالة الانفعالية المسيطرة علي المشاهد هي حالة خيبة الأمل أو الإحباط يصاحبها حالة عقلية من عدم فهم بطل المشاهد نتيجة تلك الأوضاع المنقلبة رأسا علي عقب التي تسود عالمه . ثالث تلك الخيوط ناتج من أحد أدوات تشكيل التجربة وهو استعمال اللون وتركيزه علي اللون الأصفر والأسود في كل المشاهد وإن كان اللون الأصفر هو السيد دائما , فهل تكفي تلك الخيوط لإنتاج دلالة لدي القارئ , قد يقول البعض أنه يمكن إنتاج دلالة تتفق مع الدلالة الشعرية ولكن أقول أنني لست من هواة تجاوز الأجناس الأدبية والانطلاق من مفهوم النص بصرف النظر عن الجنس الأدبي فطالما أن لكل جنس أدبي شروطه وارتضي الكاتب أن ينتج فيه فعليه أن يحاول إنتاج الدلالة بشروط هذا الجنس الأدبي , كما أن كاتبنا وبما له من المقدرة علي صنع المشهد القصصي بطريقة جيدة فلماذا لا يستغل تلك القدرة بتطويع المشهد ولو بكلمات بسيطة يمكن أن تنتج الدلالة في الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي , وقد أشرت وفصلت الزميلة / هالة في نقدنا لقصته السابقة عوامل الواقع التي تمتح منها قصته والتي حركت عناصر القص بدءا من العنوان مرورا بالتجربة وحتي أدوات السرد , بينما جاء هذا الواقع بطريقة إشارية باهتة في هذه القصة ولم يدخل في نسيج القص بشكل عضوي إما لغياب رؤية كلية إدراكية للواقع لدي الكاتب أو لقصور عناصر التشكيل التي بثها عن توصيل هذا الإدراك .

يتبع


كوكو