{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
موسوعة قذارات أمريكا
مجدي نصر غير متصل
بأرض العدم
*****

المشاركات: 795
الانضمام: May 2009
مشاركة: #13
RE: موسوعة قذارات أمريكا
قراءات
كريستان دو بري
الإبادات والجرائم وغيرها من "المجازر الجماعية" (مُقتطف)

-----------
في الأميركيتين، حرب بيولوجية من الطراز الأوّل: جدري وحصبة وتيفوئيد

وحتّى ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل، الأسلحة الكيميائية والجرثومية فيما عدا الأسلحة الذريّة، فهي ليست من خصوصيّات القرن العشرين. فتسميم الآبار وإمدادات المياه كانت دائماً أكثر الممارسات شيوعاً؛ وكان الغزاة يعلمون أنّهم يستطيعون الاعتماد على تفشّي الأوبئة لإبادة السكّان الذين يضعفهم الجوع جرّاء الحصار الطويل للمدن. أمّا بالنسبة لتدمير هنود أمريكا في إبادةٍ جماعية لم يسبق لها مثيلٌ في التاريخ، فمن المعروف أنّها لم تنجم عن مذابح وحشيّة ونظام الاستغلال الاستعماري بقدر ما جاءت من "الصدمة الجرثومية" التي تسبّب بها الغزاة الأوروبيون.

ففي غضون قرنٍ ونصف من 1492 إلى 1650، اختفى 90 في المئة من سكان العالم الجديد لينخفض عددهم من خمسين/ستين مليون إلى خمسة/ستة ملايين؛ وقد قضوا جرّاء الأمراض المعدية القاتلة المستوردة: الجدري والحصبة والأنفلونزا والسلّ، والدفتيريا والتيفوئيد والحمّى الصفراء والملاريا... هكذا تدنّى عدد السكان في المكسيك من 15/20 مليون نسمة إلى مليونٍ واحد، أما في البيرو فتدنّى العدد من 6/9 ملايين إلى 600 ألف؛ وفي منطقة البحر الكاريبي: من ثلاثة ملايين إلى... صفر.

هنود أمريكا الشمالية الذين تم تجنيبهم هذا المصير في البداية، تلقّوا في وقت لاحق الكوارث نفسها لينخفِض عددهم من 4 ملايين إلى 400 ألف في أواخر القرن التاسع عشر، كما روى بودا اعتماد في "جرائم وتعويضات، الغرب في مواجهة ماضيه الاستعماري". قد يقال أن هذه الحرب الجرثوميّة لم تكن متعمّدة ولم يرد لها الاستمرار؛ ولكنّ المستعمرون سرعان ما أدركوا أن الدمار الذي يتسبّبون به يسهّل إلى حدٍّ كبير فتوحاتهم، ولم يترددوا، عندما سنحت لهم الفرصة، في استخدامه. في أيّ حال، لم يغيّر ذلك من مصير الضحايا. فقط أنّ الهنود الذين "اكتشفوا" كولومبوس وخلفائه لم يتقصّدوا الكارثة التي سوف تدمّرهم.


http://www.mondiploar.com/article.php3?id_article=2393&PHPSESSID=64b28f14f3d1afc3aa947dab55d6b0e9
أرنو ج. مايّر
الرؤساء يتغيّرون، لكن الامبراطورية الاميريكية تدوم

لما هو أبعد من انتخابات تشرين الثاني الرئاسية
----------------------------------------------
عرّف المرشّح الديموقراطي باراك أوباما، وهو يتوجّه إلى مئات آلاف الألمان، حلف شمال الأطلسي بأنّه "أكبر تحالفٍ تشكّل حتّى اليوم دفاعاً عن أمننا المشترك". ويتمنّى المرشّح الجهوري جون ماك كاين من جهته أن ينخرط هذا الحلف أكثر في النزاع المتفاقم في جيورجيا. هكذا بالرغم من اختلافاتهما، يتوحّد الحزبان الرئيسيان حول مفهومٍ واحدٍ لمكانة الولايات المتحدة في العالم.

قطعًا، لم يعُد الطعن بالرئيس جورج بوش، وهو قد أضحى " بطةً عرجاء"، شيئاً مستحبّاً. بل ترتكز الرياضة الجديدة الرائجة على المراهنة على الطريقة التي سيُعيد السيد جون ماك كاين أو السيد باراك أوباما بها رسم السياسة الخارجية الأمريكية. لكن هذا التمرين ليس أكثر إنتاجيّةً.

كان كاليغولا، ثالث أمبرطورٍ في روما، طاغيةً فظّاً. مع ذلك، يُحكى بأن فكرةً كانت راودته، تدلّ على قلّة احترامه لما تمثّله شخصيته العامة: تعيين حصانه المفضل، أنسيتاتوس، أولاً في مجلس الشيوخ، ومن ثم حاكماً. ربّما كان كاليغولا يعني بهذا بأنّ آليّة الأمبراطورية الرومانية كانت تعمل من تلقاء نفسها، فما أن انطلقت تستطيع الإستغناء حتّى عن قياصرتها. اليوم، حيث تجِد الولايات المتحدة نفسها في مأزقٍ في العراق والقنابل الموقوتة كامِنة في الشرق الأوسط الكبير وفي القوقاز، ليست المشكلة في رداءة بوش الكارثية أو في حماسة الرئيس المقبِل، بل في المشيئة الخاصة لإمبراطورية ولِدت من الحرب ضد إسبانيا (1898) ونظّمت "السلم الأمريكي" بعيد الحرب العالمية الثانية.

تخطّت الولايات المتحدة المغامرة الفيتنامية، وتستطيع عمليّاً الخروج سليمةً من الإخفاق العراقي. فرُغم تشوّشها المؤقت، ستُكمل الأمبراطورية طريقها وسط الثنائية الحزبية، وضغوط أوساط الأعمال والتبريكات الإنجيلية. إن هذا الإستعداد لتعريض النفس لأخطاءٍ مكلِفة - ليس للنخب بل للفئات الشعبية - يميّز الدول الإمبرطورية التي بلغت مرحلة النضج. بالتأكيد ستؤول الإمبراطورية الأميركية يوماً إلى الإنهيار، لكن التنبؤ بانحدارها الوشيك مبالغٌ فيه. فمن دون وجود منافسٍ عسكريّ على مستواها، ستبقى الولايات المتحدة، لبعض الوقت أيضاً، هي القوة العظمى الوحيدة في العالم.

لكن، من فرط مصارعتها للتآكل، تقوِّض الامبراطوريات التوسعيّة المزهوّة قدراتها وهيبتها. إذ تتنامى عصبيّتها، وكذلك شراستها. نراها عندئذٍ تضرب الأرض برجليها تذكيراً للعالم بأنّها ليست نمراً من ورق. هكذا، نظراً لوضعها في العراق وتداعيات هذه الأزمة على المنطقة، هل ستختار الولايات المتحدة التصعيد في إيران، أو سوريا، أو لبنان، أو أفغانستان، أو باكستان، أو السودان، أو الصومال، أو جورجيا، أو فنزويلا؟ تختلف وجهات نظر السيدين ماك كاين وأوباما حول مكان التدخّل وحول التكتيكات الواجب اعتمادها. لكن لا هذا ولا ذاك يشكّك في إلحاحيّة وشرعيّة هكذا عمل. يضع الأول خطّ الجبهة "للحرب على الإرهاب" في العراق، والثاني في أفغانستان وباكستان.

تمتلك الولايات المتحدة أكثر الجيوش قوّةً في العالم. وهي تتجاوز من بعيد كل جيوش الإمبراطوريات القديمة. متواجدة بكثافة في البحار، وفي الأجواء، وفي الفضاء والفضاء الافتراضي، تستطيع واشنطن نشر قوّاتها بسرعةٍ قياسية على مسافاتٍ كبيرة. هكذا، مثل شرطيٍّ نصّب نفسه، يُسرِع من أوّل الكرة الأرضية إلى آخرها، للتحكّم او لاستثمار أزماتٍ حقيقيّة أو مزعومة. فقد أكد السيد دونالد رمسفيلد، وزير الدفاع السابق [1] قائلاً: "ما من زاويةٍ في العالم أبعد، ولا جبلٍ أعلى، ولا مغارةٍ ولا تحصينات تحت الأرض أعمق، من أن تجعل أعداءنا خارج متناولنا...". وتخصّص امريكا أكثر من 20 في المئة من ميزانيّتها السنوية لجيشها، ممّا يعادل كامل الإنفاق العسكري لبقيّة العالم. لا يهمّ إن كان هذا يضرّ بالمجتمع. ألا تُجري مصانع التسلح مبيعات مربحة إلى الخارج؟ ففي الشرق الأوسط الكبير، تشتري منها دول الخليج - وعلى رأسها العربية السعودية - وسائل دفاع متطوّرة [2] بمليارات الدولارات. وبدلاً من إنشاء مستعمرات تقليديّة على الأرض، تؤمّن الولايات المتحدة هيمنتها عبر إقامة قواعدٍ عسكرية، بحريّة وجوّية. يوجد منها في أكثر من مئة بلدٍ، الأحدث هي في بلغاريا، وجمهورية تشيكيا، وبولونيا،ورومانيا، وتركمانستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وإثيوبيا وكينيا. 16 وكالة استخبارات، تنتشر مكاتبها حول العالم، تُشكّلُ سمع وبصر قوات هذه الإمبرطورية بلا حدود.

تمتلك واشنطن 12 حاملة طائرات؛ ثلاثٌ منها فقط غير نووية. تنقُل هذه السفن الكبيرة ما يصِل إلى ثمانين طائرةٍ أو مروحية، كما العديد من الجنود ومن البحّارة ومن الطيّارين. تدور حول هذه السفن الهائلة طرّادات، ومدمّرات، وغوّاصات أغلبها موجّهة ذاتياً ومجهّزة بالصواريخ. وتسهر البحرية الأمريكية في قواعدٍ منتشرة على سطح الكرة الأرضية، وتسيّر الدوريات في الطرق البحرية الرئيسية. إنّها العامود الفقري وشريان الدم لإمبراطوريةٍ من نوعٍ جديد. تنقل السفن الطائرات التي هي المموّن الرئيسي للجنود، بالعتاد وبالذخيرة. وفي واشنطن، في البنتاغون، تقدّمت أهمية الأسطول مؤخّراً على أهميّة القوّات البرّيّة والجويّة [3].

ديمقراطية، حقوق... ورأسمالية
يشهد الحضور الأمريكي، بين 2006 و2008، في شرق المتوسط، والبحر الأحمر، والخليج والمحيط الهندي، على رغبة واشنطن في إظهار قوّتها في كل مكانٍ من العالم [4]. وتسلّم عند الحاجة المساعدات الإنسانية على أفواه البندقيّات، بانتظار مغانمٍ سياسية. وهناك حالياً حاملتيّ طائرات على الأقل متوقّفتان بين البحرين، وقطر ودجيبوتي، تحملان آلاف الجنود والبحّارة وفرق العمليات الخاصة، ومجهّزتان بالكامل بالمعدّات البرّية والعربات البرمائية. إن عملاقتي البحر هاتبن موجودتان هناك لتذكّران، كما أعلنه في كانون الثاني/يناير 2007 وزير الدفاع روبرت غيتس، بأنّ الولايات المتحدة "ستُبقي طويلاً على وجودها في الخليج [5]".

وبعد أسبوعٍ من ذلك، قدّر وكيل وزارة الخارجية المكلّّف الشؤون السياسية السيد نيكولاس برنز، بأنّه "لن تكون لإيران الهيمنة على الشرق الأوسط، ولن تكون لها السيطرة على مياه الخليج. لذلك أوقفت الولايات المتحدة وحدتين مقاتاتين في المنطقة [6]". وكان يمكن لأقوال السيدين برنز وغيتس أن تصدران عن أيٍّ من وزراء الدفاع، أو من وزراء الخارجية الأميريكيين، أو من مدراء وكالة الاستخبارات المركزيّة ((CIA، أو من رؤساء الجمهورية في الستين سنة الأخيرة. ففي الخطاب الذي ألقاه في كانون الثاني/يناير سنة 1980، بعد حوالي عامٍ على اتفاقية كامب ديفيد، وبعد بضعة أسابيعٍ فقط على أزمة الرهائن في طهران والغزو السوفييتي لأفغانستان، كان الرئيس جيمي كارتر واضِحاً للغاية: "إن أيّ محاولة من قوّةٍ خارجيّة للسيطرة على الخليج الفارسي سيُنظر إليها على أنّها هجومٌ ضد الولايات المتحدة. وسيتمّ استخدام كل الوسائل المناسبة، بما فيها استعمال القوة، لردّ هذا الهجوم [7]". وأضاف بأنّ وجود الجيش الروسي في أفغانستان "يشكّل تهديداً" لمنطقةٍ "تحتوي على ثلثيّ الموارد النفطية القابِلة للتصدير في العالم" وتقع "على بعد ثلاثمئة ميلٍ من المحيط الهندي ومن مضيق هرمز، وهي الطريق البحريّة التي يمر عبرها الأساسيّ من الموارد النفطية في العالم".

بعد ذلك بربع قرن، يُعيد السيد هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق، إلى الضوء مقولة كارتر ناقلاً التهديد من موسكو إلى طهران: "إذا كانت إيران مصرّة على مزاوجة التوجّه الإمبرطوري الفارسي التقليدي وحمّية الإسلام المعاصر(...)، فلن يُسمَح لها، بكلّ بساطة، بتحقيق حلمها الإمبريالي في منطقةٍ بمثل هذه الأهميّة بالنسبة لبقية العالم [8]".

بالتأكيد، فإنّ الجنود المجهّزين بأسلحةٍ تقليدية شديدة التعقيد هم غير مهيّئين لهذه الحروب غير المتناسقة التي لم تعُد تجري بين دول، بل ضدّ كيانات تلجأ إلى أسلحة وتكتيكات غير تقليدية. لكنّ حاملات الطائرات، والطائرات المقاتلة، والدروع الصاروخية، والأقمار الصناعية العسكرية، والرجال الآليين للمراقبة، والعربات والسفن المسيّرة ذاتياً، كلّها ما يزال أمامها أياماً مديدة.

شكّل التدخّل في الشؤون الداخلية لدولٍ أخرى، منذ 1945، حجر الزاوية للسياسة الخارجية الأمريكية، سواء كان هذا التدخل مباشراً أو غير مباشر، علنيّ أو سريّ، عسكريّ أو مدنيّ. إذ لم تتردّد واشنطن في التدخّل، غالباً بطريقةٍ آحادية الجانب، في أفغانستان، وباكستان، والعراق، ولبنان، وفلسطين، وإيران، وسوريا، والصومال، والسودان، وأوكرانيا، وجيورجيا، وقازخستان، ةنيكارغوا، وبنما...، مدافعةً دون كلل عن المصالح الأمريكية، مرّوجةً في الوقت عينه لما تستنسبه من الديمقراطية، والرأسمالية، وحقوق الإنسان.

ابتكر المتحمّسون للحرب "العالمية الجديدة على الإرهاب" آليات معادِلة لنماذجٍ أُطلِقَت خلال حقبة الحرب الباردة كالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (Usaid)، وبرنامج منح فولبريت [9] والمؤتمر من أجل حريّة الثقافة [10]: حسابات تحدّي الألفية Millenium Challenge Account، ومبادرة الشراكة مع الشرق الاوسط MEPI، وكلاهما صادرٌ مباشرة عن وزارة الخارجية. متذكراً الأيام المجيدة للـRand Corporation، ولمعهد التحليل الاستراتيجي ومنابر الدراسات السوفييتية، قام وزير الدفاع بتجنيد جامعيين في برنامج Minerva لكي يساهموا في المعارك الجديدة المعادية للتمرّدات.

اقتصاد أمريكا الفائق القوّة، وثقافتها التوفيقية وعلمها، كلّها على صورة قوّتها العسكرية: إنّها لا تضاهى. فإذا وضِع جانباً عجز موازنتها وتجارتها الهائل، الذي يُصيب أحياناً نظامها المالي ويهزّ اقتصاديات الكرة الأرضية، فإن الإقتصاد الامريكي يبقى قويّاً ويغلب عليه إيقاع "التدمير الخلاّق [11]"، دون الأخذ بالاعتبار كلفته الإجتماعية، في الولايات المتحدة كما في الخارج.

ويشكّل الإنكماش في قطاعها الصناعي والمهني الحلقة الضعيفة. مع ذلك، لاتزال الولايات المتحدة في أعلى السلّم في مجالات البحوث والتطوير، وفي براءات اختراع علم التحكم، والبيولوجية الذريّة وأبحاث الأعصاب. وتتعزّز هيمنتها العالمية من خلال القروض الحكوميّة، والهبات الخاصة ورعاية المشاريع التي تستفيد منها جامعاتها ومراكز أبحاثها التي تقيم فروعاً لها في الخارج، وتجتذِب في نفس الوقت أدمغة العالم بأكمله. من جهةّ أخرى، فإن الشغف بالمتاحِف الإجمالية، والهندسة المعمارية لمقرّات المؤسّسات الكبيرة وشمولية إستراتيجيات التسويق السياسي أو التجاري تجبِر الذين ما زالوا يشكّكون، على التسليم بأن النموذج الأمريكي مستمرٌّ في واقع الحال.

التجنيد بأسعار مخفّضة
إذاً، ليس من العجب ان تحصد البلاد عدداً متصاعداً غير متناسب من جوائز نوبل للإقتصاد، لكن أيضاً للعلوم الطبيعية. كذلك، فإن اللغة الإنكليزية الأميريكية تفرِض نفسها في العالم بأكمله كلغةٍ عالمية، خاصّةً لدى الأجيال الشابّة ومستخدمي الأنترنت. وتفسّر هذه الظاهرة وتغذّي التأثير الواسع للشركات المتعدّدة الجنسيات، وللمؤسّسات المالية الأمريكية العامّة والخاصة. وتدخل الثقافة الشعبيّة وطرق الإستهلاك الأمريكية أكثر الأماكن تأخّراً في العالم، للسرّاء والضّراء. وتقوم وال-مارت، وماكدونادز، وهوليوود والمسلسلات التلفزيونية، بإشباع الشعوب خبزاً وألعاباً. كما تقوم واشنطن، ووال ستريت وك. ستريت (شارعٌفي واشنطن تتمركز فيه العديد من مجموعات الضغط) بتقديم الدعم إلى الأنظمة والنُخَب المستعدّة للتعاون المتواجدة على الحدود غير المستقرة للأمبراطورية. ليست هذه المقدرة مجرّد نتاجٍ جيلٍ عفويّ، في سعيه الدائم إلى مواردٍ طبيعية، وأسواقٍ جديدة ومواقعٍ إستراتيجيّة؛ فهي تكشف عن تشابهٍ مُقلِق مع أمبراطوريات الماضي. إذ ترى غالبيّة الأمريكيين بأنّ الحفاظ على موقعها المهيمِن يعود عليها بالنفع. بالتأكيد، هناك فئاتٌ إجتماعية تستفيد أكثر من غيرها. لكنّه، في المجمل، الأمبراطورية مربحة لهم، ليس فقط على المستوى الإقتصادي، بل أيضاً على المستوى الثقافي والنفسيّ. وهذا ثمينٌ أيضاً للمثقفين، وللدعاة الليبراليين والصحافة.

تحتفظ الولايات المتحدة بمخزونٍ هائلٍ، عسكريّ وغير عسكريّ، مما يسمح لها بمتابعة تدخّلاتها العالمية. فبإمكانها تحريك الموارد والإرادة اللازمة للخروج من المأزق العراقي. بالتأكيد، يفتقِر الجيش إلى الوحدات المقاتِلة لبعض التحرّكات البريّة الواسعة المدى، وبالإمكان ملاحظة بعض التفكّك الإستراتيجي في العمليّات ضد مجموعات الثوار، والعصابات المسلّحة والقوى الإرهابية. لكن النقص في الجنود لن يدوم؛ إذ تُجنّد مؤسسات خاصّة، بأسعارٍ متدنيّة، مرتزَقة مسلحّين أو مدنيين يُرسَلون إلى مسارح العمليات، ومن المفضّل أن يكونوا من "دولٍ تابعةٍ من العالم الثالث".

حين تبدأ واشنطن بإنشاد لازمة الدفاع النزيه عن حقوق الإنسان، والبرامج الإجتماعية، وتحرّر المرأة، ودولة القانون والديمقراطية للجميع، فالأمر يعني، بجزءٍ منه، مجرّد حيلة. إذ كان لكلّ الإدارات الأمريكية الأولويّة نفسها: ضرب شبح الشيوعية، قبل تفكّك الإتحاد السوفياتي؛ ثمّ خنق أفعى الإسلام المتطرّف منذ 11 أيلول/سبتمبر.

لم يهتمّ تقرير البعثة الثنائيّة بايكر-هاميلتون حول العراق، الذي نُشِرَ في 6 كانون الأول/ديسمبر 2006، بالفوضى على ضفاف دجلة، إلاّ بقدر انعكاساتها المحتملة على الولايات المتحدة نفسها: "يلعب العراق، الضروريّ للإستقرار الإقليمي وحتّى العالمي، دوراً بالغ الأهمية للمصالح الأمريكية. إذ يقع هذا البلد على الخطّ الفاصل بين الإسلام الشيعي والسنيّ، وبين الشعوب الكردية والعربية. ويحتفظ بثاني إحتياطي نفط في العالم. وهو يُستخدَم اليوم كمنطلقٍ لعمليات الإرهاب العالمي والقاعدة. ويؤثّر العراق، وهو جزءٌ أساسيّ من السياسة الخارجية الأمريكية، على نظرة المنطقة والعالم برمّته إلى الولايات المتحدة [12]". في المحصّلة، تتأتّى أهميّة هذا البلد المحتلّ من كون إغراقه في الفوضى يكدّر صورة أمريكا في العالم ...

وبالإتفاق مع عددٍ كبيرٍ من خبراء السياسة الخارجيّة المُخلصين للتوجّه الرسمي، أكّد السيدين جيمس أ. بايكر (جمهوريّ) ولاي هـ. هاميلتون (ديموقراطي)، على ضرورة إستمرار واشنطن في إحلال سلطتها في الشرق الأوسط الكبير: "فحتّى بعد رحيل فرق التدخّل الأمريكية من العراق، سنحافظ على حضورٍ عسكريّ هامّ في المنطقة، من خلال قوّاتنا العسكريّة التي ستبقى على الأرض في العراق، وانتشار قوّاتنا البريّة، البحريّة والجوية إنطلاقاً من الكويت، والبحرين وقطر، وحضورنا المتنامي في أفغانستان. ليس من المفاجيء أن يكون السيدين بايكر وهاميلتون قد طلبا النُصح من ألمع مؤسّسات الأبحاث الإستراتجية "المستقلّة" أو " الثنائية الإنتماء"، وغيرها من "مراكز التفكير" التي ظهرت منذ نهاية حرب فيتنام، إلى درجة أنّها تحوّلت إلى سلطةٍ خامسة. ففي العديد من هذه المؤسّسات، لا يخفي المدراء، والمستشارون والمثقّفون، مشاركتهم هذه. حتّى أنّ بعضهم قد قدّم محصّلات ونصوصاً جاهزة للإستعمال من أجل هذا التقرير عن العراق. وقد شكّل مركز الدراسات الإستراتجية والدولية (CSIS)، المموَّل جزئياً من مؤسسة بيل وميلندا غايتس، أحد ركائز بعثة بايكر-هاميلتون. فهو يجمع وزراءاً وخبراءاً آتين من الخدمة العامة كما من القطاع الخاص. وقد أعلن هدفه: "تحسين الأمن، والسهر على الإزدهار في عصرٍ من التحوّلات السياسية، وذلك بتقديم تحليلاتٍ إستراتيجية وحلولٍ عملية إلى الحكّام، تمكّنهم من تقدير المستقبل واستباق التغيّرات". ويُذكَر من بين أعضائه الرؤساء الحاليين والسابقين لمجالس إدارة تايم انك. ، وكوكا كولا، ومريل لينش، وليهمان برازرس، وأكسون موبيل، ومورغان ستانلاي؛ كذلك المنظّر الأخير "للقوّة الليّنة soft power" الأستاذ جوزيف س. ناي من مدرسة كندي للإدارة في جامعة هارفرد. أما لائحة المستشارين، فتضمّ مجموعةٌ من قدامى مسؤولي الإدارة الديموقراطيين والجمهوريين: هارولد براون، زبغنيو بريجينسكي، فرانك كارلوتشي، هنري كيسنجر، جيمس سليزنجر، برانت سكواكروفت والسيدة كارلا هيلز.

وتستغلّ هيئات نصف خاصّة هذا "الكنز" بذاته. إذ يريد المعهد الجمهوري العالمي، المستقلّ رسمياً، والمهتمّ كثيراً بالعراق (يترأسه السناتور جون ماك كاين) "دفع قضية الحريّة والديمقراطية في العالم من خلال المساعدة على تنمية الأحزاب السياسية، والمؤسّسات العامة، والإنتخابات النزيهة، والحكم الصالح ودولة القانون". وضمن التوجّه نفسه، هناك مؤسّسة أخرى "لا تهدِف إلى الربح"، وهي المعهد الديموقراطي الوطني للقضايا الدولية، الذي ترأسه الوزيرة السابقة مادلين أولبرايت، ويعمل "من أجل تقوية وتنمية القيَم، والممارسات والمؤسّسات الديمقراطية ... في كل انحاء العالم". مع جدول أعمال أكثر تحديداً، تنوي مؤسّسة السياسة الشرق أوسطية، التي أعلنت نسها متعدّدة الإنتماءات، لكنها تجنح بوضوحٍ نحو اليمين، "العمل من أجل إدراك، واقعي ومتوازِن، للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ( ... ) وتنفيذ إلتزامٍ أمريكيّ في المنطقة يرتكِز على تقوية التحالفات، والصداقة التي تأتي بالأمن، والسلام، الإزدهار والديمقراطية إلى الشعوب".

إلتمست بعثة بايكر-هاميلتون أيضاً وجهات نظر أخرى: مجلس العلاقات الخارجية Council of Foreign Relations، ومؤسّسة بروكنغز، وشركة راند، ومعهد البرنامج الأمريكي American Enterprise Institute. ومهما كانت نزعاتهم السياسية، أحياناً إلى اليمين، وأحياناً في الوسط، لا يتساءل خبراء، أو شركاء أو مانحو هذه "المكاتب"، قط، حول ما تعود به الأمبراطورية من مغانمٍ وأثمان، سياسية واقتصادية واجتماعية، على الولايات المتحدة وعلى بقيّة العالم. وتتناول الخلافات والنقاشات دوماً الطريقة الأمثل لتوفير الأمن، ولاستثمار وحماية السيطرة الأمريكية، أكثر مما تتناول القيَم، والأهداف والمُثل المفروض أنّها تكفلها. فحيث يبشّر المحافظون الجدُد من دون عقد بوجوب إكمال مهامّها بنشر الحضارة، يقول المعتدلون "التعدّديّون" الشيء نفسه لكن بصوتٍ خفيض. مذكّرةً بأن دور الولايات المتحدة "متميّز وأوحد"، في عالمٍ حيث "القليل من المشاكل يمكن معالجتها من دوننا"، أعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ببراءة :" نحن الأمريكيون ننخرِط في السياسة الخارجية لأنّه يتوجّب علينا ذلك، لا لأنّنا نريده. إنّه موقفٌ سليم، موقف الجمهورية وليس الأمبراطورية [13]".

مع ذلك، تتجنّب حتى انتقادات المعتدلين لسياسة إدارة بوش الخارجية مساءلة واشنطن حول دعمها غير المشروط لإسرائيل. ومثل المحافظون الجدد، يرفض المعتدلون ربط الكارثة العراقية بالمأزق الاسرائيلي- الفلسطيني. ويعبّر التيّاران عن تحفّظاتٍ حول إحدى خلاصات تقرير بايكر-هاميلتون، تلك التي تطرح بأنّ الولايات المتحدة " لن تتمكّن من تحقيق أهدافها في الشرق الأدنى، ما لم تعالج مباشرةً الصراع الاسرائيلي-العربي وانعدام الإستقرار الإقليمي الناتج عنه". ويمكّن للديموقراطيين والجمهوريين، فيما يتعلّق بالمسألة الإيرانيّة، التكلّم بصوتٍ واحدٍ، لفرط ما يتّفقان عليه حول التخطيط لتدخّلات سرية في هذا البلد، ملوّحين ومهدّدين بحصارٍ إقتصاديّ مشدّد أو بعملٍ عسكريّ.

لا ترتبِط -ولم ترتبِط يوماً- الأمبراطورية الأمريكية بشخص السيد بوش. وغداً، لن تتماهى أكثر مع شخص السيد ماك كاين أو السيد أوباما. فقد تمكن المرشح الديموقراطي من التحدّث باسم الحزبين معاً، حين أعلن في آذار 2008: "أريد لسياستي الخارجيّة أن تعود إلى سياسة الثنائية التقليدية والواقعية لجورج بوش الأب، ولجون ف. كندي، وفي بعض المظاهر، لرونالد ريغن [14]". ولم يعرُض أحدٌ من المرشّحين للرئاسة بديلاً عن المهمّة الإمبرطورية للولايات المتحدة، ما عدا إخفاء الخطاب العادي المسيحيّ مانح الدروس في الصلات النزاعيّة مع إيران، والصين، والهند، دون نسيان روسيا المنتعِشة. حيث تحاول هذه البلدان الأربعة وضع أشكالٍ من الرأسمالية الوطنية. فخلال حملةٍ إنتخابية تخطّى رهانها الحدود الأمريكية، حوّل المرشحان العواصم الخارجية إلى منابرٍ أعادوا من عليها التأكيد على تصميمهم. لكن عندما حان موعد خطاب الترشيح، فضّل السيد أوباما ترك مركز "بيبسي" في مدينة دانفر، مكان اجتماع الحزب الديموقراطي لاختيار المرشّح الرئاسي، لصالح مدرّج دانفر برونكوس. وهي حلبة تتسع لـ75 ألفٍ من الحضور، بزيادة 25 ألف عن الكوليزيوم الروماني...





* أستاذ شرف في التاريخ في جامعة برنستون





[1] خطابٌ لرونالد رامسفلد، "Transforming the Military" كانون الثاني/يناير 2002، نشر في Foreign Affairs, نيويورك، آيار/مايو- حزيران/يونيو 2002.

[2] إقرأ موريس لوموان، "هيا إلى المعركة"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، ايلول/سبتمبر 2007.

[3] الأميرال مايك مولان هو رئيس أركان الجيوش؛ الأميرال اريك ت. اولسون هو على رأس قيادة العمليات الخاصّة التي تخطّط وتنسَق العمليّات السرّية ضد الإرهاب في العالم؛ الاميرال وليم ج. فالون يدير القيادة الوسطى، التي تحمي المصالح الامريكية في منطقة تحتوي على اكثر من ثلاثين بلداً، من رأس هورن إلى آسيا الجنوبية، ومن الخليج وشبه الجزيرة العربية إلى آسيا الوسطى.

[4] في 24 نيسان/إبريل 2008، أعلن الاميرال غاري روغهيد إعادة الاسطول الرابع (كان قد ألغيّ سنة 1950) إلى العمل؛ وسيكون مسرح عملياتهأامريكا الجنوبية، وأمريكا الوسطى والحيّز الكاريبي.

[5] إعلان تمَ في بروكسل، 15 كانون الثاني/يناير 2007.

[6] خطابٌ في دبيّ، 23 كانون الثاني/يناير 2007.

[7] خطابٌ حول حالة الإتحاد، 23 كانون الثاني/يناير 1980.

[8] International Herald Tribune، نيويورك، 2 آب/أغسطس 2006.

[9] نظام من المنح تموّله وزارة الخارجيّة.

[10] جمعيات تضمّ مثقّفين، هدفها مكافحة الشيوعية. العديد منها مُموّلٌ من الـ CIA.

[11] تعبيرٌ وضعه الحائز على جائزة نوبل للإقتصاد جوزيف شوميبتر من أجل وصف الرأسمالية.

[12] جيمس أ. بايكر ولاي هـ. هاميلتون (رؤوساء البعثة)، تقريرٌ إلى الكونغرس، "مجموعة العراق للدراسات"، واشنطن، 6 كانون الاول/يناير 2006.http: //www.usip.org/isg/iraq_study...

[13] كوندوليزا رايس: "Rethinking the National Interest. American Realism for a New World"، Foreign Affairs، نيويورك، المجلد 87، رقم 4، تموز/يوليو-آب/أغسطس 2008.

[14] خطاب في غرينسبورغ، بنسيلفانيا، 28 آذار/مارس 2008.


http://www.mondiploar.com/article.php3?id_article=2249&PHPSESSID=64b28f14f3d1afc3aa947dab55d6b0e9
قراءات
موريس لوموان
قانون الصمت داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA

استخبارات أم أنشطة شبه عسكريّة؟
---------------------------------------
على الجدار الأيسر في بهو مدخل المركز الرئيسي لوكالة الاستخبارات المركزية "CIA" في لانغلي (فرجينيا)، تمّ حفر عبارة ضخمة من آيةٍ في إنجيل يوحنا: "تعرفون الحقيقة والحقيقة تحرّركم".

الأمر ليس مؤكداً... ففي 18 أيلول/سبتمبر، توسّل سبعة مدراء سابقين لوكالة الـ "سي أي آي" - مايكل هايدن، بورتر غوس، جورج تينيت، جون دويتش، جايمس وولسي، وليم وبستر وجيمس شليسينغر - الرئيس باراك أوباما إقفال التحقيق الأوليّ بحقّ موظّفين في وكالة الاستخبارات بتهمة "تجاوزات" ارتكبوها خلال عمليات استجوابٍ في مسائلٍ تتعلّق بالإرهاب في عهد الرئيس جورج والكر بوش. إذ أنّ تحقيقاً من هذا النوع، في نظرهم، سيعرّض بجديّة أمن الولايات المتحدة للخطر.

منذ تأسيسها من قبل الرئيس هاري ترومان في العام 1947، وحوليات الوكالة تزخر بالأفعال الشنيعة. هكذا يذكّر الصحافي في "نيويورك تايمز"، تيم واينر، أنّه منذ تصميم هذه الوكالة رَسَمَ البريغادير جون ماغرودر خطّ عملها: "تتطلّب عمليات الاستخبارات السريّة باستمرار إلى تجاوز جميع القواعد (...) فلا وزارة الدفاع ولا وزارة الخارجية قادرتان على تغطية مهمّات كهذه، والمطلوب هو تكليف جهاز عملٍ سرّي جديد بالقيام بها" [1]. وقام آلان دالس، أحد صقور الحرب الباردة والذي رأس الوكالة من 1953 إلى 1961، بتفصيل هذه العقيدة عندما يقول: "الاغتيال السياسي جزءٌ من أساليبنا(...) إذا ما وافق عليه الرئيس. وفي هذه الحالة، علينا عمل الممكن لتأمين "الإنكار القابل للتصديق"؛ فإذا انكشف تورّط الوكالة في عملية اغتيال خارج الحدود، عليها حماية الرئيس بأن تسمح له الادّعاء بأنّه يجهل كل شيء حول العملية" [2].

هكذا طالت العمليات السرية - اغتيال قادة أجانب، زعزعة أنظمة، انقلابات، تهريب أسلحة ومخدرات - بلداناً عدّة؛ علماً بأنّها قلّما ساهمت في السعي إلى الديموقراطية التي تدافع عنها واشنطن؛ إلى درجة أنّ "الوكالة" تتسبب دائماً بالفضائح؛ وقد انكشف قسمٌ كبيرٌ من أعمالها الشائنة بفضل الصحافة ولجنتي التحقيق البرلمانيّتين "تشورش وروكفيلر" في السبعينات. كما امتدّت إليها أصابع الاتهام من جديد مع الكشف عن فضيحة "إيران غيت" المتعلّقة ببيع أسلحة إلى ايران بصورةٍ سريّة بغية تمويل الثورة المضادة (الكونترا) في نيكاراغوا عام 1986. وما زاد الطين بلّة، هو صدور "جواهر العائلة" في صيف العام 2007، وهي حزمةٌ من الوثائق الأكثر إرباكاً من بين محفوظاتها. لكنّ الأمر في كل مرّة يتعلّق بفضائح تعود إلى "زمنٍ مضى".

ولكنّ جون برادوس، وعلى غرار سائر الكتّاب المذكورين في هذا المقال، وبعد مراجعته دفقاً يتواصل من الوثائق السريّة التي أفرج عنها حديثاً، يلاحظ: "قبل 30 عاماً، كانت مشكلة الـ"سي آي أيه" تبدو مرتبطة بوضعها كـ"فيلٍ مستوحِد"، متفِّلت من أيّة رقابة، يجول في كافّة أرجاء العالم مدفوعاً بتهويماته الخاصة. لكنّه يتّضِح اليوم أنّ الوكالة وكتائبها كانت تستجيب في الواقع للأوامر الرئاسية (...). هكذا تبدو المشكلة مرتبطة أكثر بـ"رئاسة مستوحِدة" أكثر منها بوكالة استخبارات متحرّرة من أيّة رقابة" [3]. وفي المحصلة، فإن السيد جورج والكر بوش هو الذي وقّع في شباط/فبراير 2002، مذكّرةً تحدّد أن "أيّاً من تدابير معاهدات جنيف لا تنطبِق على نزاعنا مع تنظيم القاعدة".

يلحظ ويانر أن الأميركيين يطرحون على أنفسم منذ ذلك الحين، أسئلةً وجودية.. "هل يمكن قيام جهازٍ سرّي للاستخبارات في مجتمعٍ ديموقراطيّ حقيقيّ؟ وهل يمكننا القيام بعملياتٍ سرية مع احترام القانون؟ نريد "الأمن والحرية سويّةً"، لكن "كلّما أعطينا سلطةً لحكومةٍ سرية، كلما ضاق هامش حريّتنا".

إنّه لوضعٍ مربك، خصوصاً أنّ الـ"سي آي أيه"، و"هذا أكبر أسرار هذا الجهاز السري"، لم تكُن مرّةً على مستوى تحقيق مهمّتها الرئيسيّة: أي إعلام الرئيس الأميركي بما يحدث في العالم. فهي لم تستبِق مجيء الثورة الخمينية في إيران ولا تفكّك الاتحاد السوفياتي ولا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر، كي نكتفي بتلك القضايا فقط... ويذكِّر غوردون توماس، فيما يخصّ الاتحاد السوفييتي: "أن الوكالة لم تنجَح أبداً في تجنيد جاسوسٍ عالي المقام داخل الهرمية السوفييتية، فاضطرّت للاكتفاء بفرضياتٍ حول أوضاع البلاد وسياساتها للتسلّح. وفي عهد رونالد ريغان، لم يأبه (مدير الوكالة) وليم كيسي بذلك، بل راح يغالي على الدوام في التقديرات المقدّمة إلى البيت الأبيض".

فلماذا عجز 11 رئيساً للولايات المتحدة وثلاثة أجيالٍ من عملاء الـ"سي آي أيه" عن فهم العالم؟ هذا ما يتساءل عنه واينر. "لماذا كان كل مديرٍ للوكالة يتركها في حالٍ أسوأ مما وجدها فيه؟". ربّما لأنّه وكما فعل السيد بوش، أفرطت الإدارة في استخدامها لأغراضٍ شبه عسكرية بدلاً من جمع المعلومات.

سؤالٌ لا يُطرح على السيد غوس أحد مدرائها السابقين. فبعد صرفه من منصبه مباشرةً، في 5 آيار/مايو 2006، ألقى خطاباً في جامعة تيفن (أوهايو) قال فيه متوجّهاً إلى الطلاب: "لو كنتم قد تخرّجتم ككوادر في وكالة الاستخبارات المركزية، لكانت نصيحتي لكم مقتضَبة ودقيقة: لا تعترفوا بشيء، أنكروا وأطلقوا اتهامات مضادة" [4].





* رئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك





[1] Tim Weiner, Des cendres en héritage. L’histoire de la CIA, Editions de Fallois, Paris, 2009, 543 pages, 23 euros.

[2] Gordon Thomas, Le livre noir de la CIA, Nouveau Monde, Paris, 2007, 389 pages, 22 euros.

[3] John Prados, Les guerres secrètes de la CIA, Les éditions du Toucan, Paris, 2008, 842 pages, 29 euros.

[4] Tim Weiner, op. cit.


http://www.mondiploar.com/article.php3?id_article=2774&var_recherche=%26%231575%3B%26%231604%3B%26%231608%3B%26%231604%3B%26%231575%3B%26%231610%3B%26%231575%3B%26%231578%3B+%26%231575%3B%26%231604%3B%26%231605%3B%26%231578%3B%26%231581%3B%26%231583%3B%26%231577%3B&PHPSESSID=64b28f14f3d1afc3aa947dab55d6b0e9
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 12-10-2009, 01:52 AM بواسطة مجدي نصر.)
12-10-2009, 01:42 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 02:04 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 02:17 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 02:37 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 03:09 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 04:04 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 04:15 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 04:26 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-09-2009, 04:39 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة Zeyad A - 12-09-2009, 09:47 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-10-2009, 12:40 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-10-2009, 01:42 AM
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-10-2009, 01:56 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-10-2009, 02:10 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-15-2009, 07:42 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-15-2009, 07:57 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-15-2009, 08:52 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-18-2009, 08:28 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-19-2009, 03:50 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-19-2009, 04:50 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-20-2009, 01:06 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة القمر المر - 12-20-2009, 10:25 PM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 12-23-2009, 01:54 AM,
RE: موسوعة قذارات أمريكا - بواسطة مجدي نصر - 01-05-2010, 10:50 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  شكراً أمريكا العلماني 44 2,777 09-27-2014, 12:06 AM
آخر رد: الإبستمولوجي
Big Grin "الأسد" سيتعاون مع أمريكا التي تقود المؤامرة على سوريا لمحاربة داعش الأداة الأمريكية؟ الإبستمولوجي 2 370 09-24-2014, 01:01 AM
آخر رد: الإبستمولوجي
  شو بالنسبة لعدوان أمريكا على شمال العراق؟ خالد 15 1,097 08-12-2014, 07:06 PM
آخر رد: خالد
  شو بالنسبة لعدوان أمريكا على شمال العراق؟ خالد 0 277 08-09-2014, 11:53 PM
آخر رد: خالد
  الهند تلقن أمريكا درساً في الديبلوماسية والمعاملة بالمثل الإبستمولوجي 6 1,167 01-20-2014, 08:40 AM
آخر رد: على نور الله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS