أما العزيز نيوترال

عارف يا نيوترال إنت بتفكرني بإيه في موقفك بتاع إن حب المراهقين يفرق عن حب الكبار ؟
بتفكرني بالحكومات العربية لما تتكلم عن أن المانع الذي يمنعنا عن إقتناص العلمانية هو الخصوصية الثقافية و إن ما ينفع للغرب ليس شرطا أن ينفعنا.
نفس الفكر الذي يقصي الديموقراطية بحجة التمايز هو الذي تستعين به لكي تقصي الحب بحجة التمايز برضة ..
يا عزيزي ..
الحب كما أفهمه و أعرفه هو العلاقة الحلوة الإنسانية بين الناس و هذا لا يعتمد على مفاهيم كل سن لان مفهوم الحب (العلاقة) لا يتغير ..
الحب هو الحب ... معروف ولا يحتاج إفتاءا

و كلامك عن الحب الرومانسي الساذج بتاع عبد الحليم حافظ و الأفلام المصرية القديمة الأبيض و أسود.
لن تعرف كيف أمقت تلك الأفلام ....
أمقتها لأنها شوهت تلك العلاقة الحلوة و لخصتها في كلام فارغ ...
الحب الرومانسي الساذج الذي تتكلم عنه هو حب التنهدات و التأوهات و سهر الليالي و سهد العيون ..
الحب الساذج هو الحب بتاع النجوم و الكواكب و المذنبات بتاع عبد الحليم ...
هو حب الجناين و المراجيح و التمشية على الكورنيش ...
هذا هو ما فعلته بنا تلك الأفلام.
في ثانوي كنت كافرا بالحب .. و ده لمعلوماتك الخاصة يعني.
كانت كل معلوماتي عن الحب هو هذا الكلام الفارغ الذي أشاهده مما جعلني أجزم بأن الحب كائن خرافي مثله مثل العنقاء و الرخ الأسطوريين ..
و كل هذا لم يكن صحيحا ..
للأسف (أو من حسن الحظ لا أعرف) أنا لم أعش مراهقتي و لم أقع في الحب و لو لمرة واحدة حتى الآن ..
أنا أحب الناس و أهلي و أصدقائي ... و لكن علاقتي بالجنس الآخر تعبانة.
و كلمة "بحبك" ديه عندي كبيرة قوي و يصعب عليا أقولها لأي حد ..
طبعا أنا أستطيع أن أقول تلك الكلمة لأصدقائي الأولاد أو لإخوتي و لكني لا أستطيع أن أقولها لفتاة تربت في مجتمعنا و لن تفهم ماهية الحب بين الناس و ما هية العلاقات الخاصة بعيدا عن النجوم و الكواكب و القمر و الصواريخ بتاعت عبد الحليم.

خلاصة القول هو ان الحب الذي أتكلم عنه لم يكن أبدا هذا الكلام الفارغ بتاع " الهوى هوايا أبنيلك قصر عالي و أخطف نجم الليالي و أشغلك عقد لالي ... "
و إلي آخر الكلام الهجس ده فتبقى غلطان ..
أنا لست مخدوعا به و حتى كل المصريين لم يعودوا مخدوعين بهذة التفاهات ..
عادل إمام كان يسخر من كل الكلام الكبير بتاع جيل الستينات ..
و الجيل الذي أتى بعده كان يسخر من كل القيم التي آمنت بها الأجيال السابقة حتى الحلو منها ..

صدقني ..
حتى لو لم يكن للحب وجود حقيقي في حياتنا ... علينا إختراعه.
كلنا نحتاج الحب أكثر ألف مرة من إحتياجنا للجنس ...
أنا لم أعتقد أنني أكثر منك صراحة مع النفس و أعرف الفرق جيدا بين الميل الجنسي و الحب و هما مختلفان حتما ..
طبعا قد يأتي عليك الوقت الذي تحب فيه ان تتخلص من هذا الشعور بالإثارة تجاه إمراة ما و تحصل على لذتك معها و هذا هو الجنس ..
و لكن هناك الكثير من الأوقات التي تنتظر فيها من فتاتك أن تضمك ضمة قوية أن تحتضنك إحتضانا جسديا و معنويا .. أن تشعر معها بالتفاهم و الألفة.
أن تخاف عليها و تتمنى لها كل خير و سعادة و تسعى جاهدا من أجل إقتطاف بعضه من أجلها ..
كل هذا له وجود حقيقي بين الناس ..
و لو كانت تلك النوعية من العلاقات قد ماتت فإن علينا إحياءها.
صدقني ..
قبل أن تصحو يوما لتجد برودة موحشة قد نمت بداخلك و حياة كئيبة قضيتها هباء دون ان تشاركها مع أحدهم يعلمك كيف تحب بصدق.
ربما انت تحتاج لمن تحبك فعلا لتعلمك ان الدنيا لسه بخير ..
و إن لسه في مشاعر جميلة في حياتنا ..
صدقني لو لم يكن الحب موجودا فقد آن أوان إختراعه.

و سلامي لك.