لم أدخل إلى موضوعك لأجادلك بل لأقول ما أعلم في هذه المسألة ليقرأه الأعضاء العقلاء والزوار، أما الذين حشيت جماجمهم بالخرافة فلن يتعرفوا على الحق ما دامت أفئدتهم تحتضن نقيض الحق، فهل يرجى ممن يقول إن الله هو المسيح أن يؤمن بمحمد رسول الله وفي نفس الوقت يظل مؤمنا أن الله هو المسيح !!
كذلك من رضع الخرافة حتى صار لحم أكتافه منها وأشرب في قلبه المهدي الأسطورة الذي تجاوز عمره عمر نوح عليه السلام ، ومن ينادي من لا يستجيب له بيا مهدي ويا علي، ومن يفسر الزجاجة بالحسين والكوكب الذري بعلي ابنه والشجرة المباركة بجعفر الصادق من الصعب أن يتعرف على الحق لأنه بعيد عنه بعد المشرقين (180درجة) ، فهل يلتقي خطان زاويتهما 180 درجة!!
أما النسخ فهو ما شرحته سابقا ، وحرف (أو) قد يأتي للتنويع مثل الآية التي استدللت بها يا أخ علي، أما إذا كان في جملة شرطية فإن ما بعد حرف التخيير (أو) يكون مضادا له، كما هو الشأن في حرف العطف (الواو)، فقد يعطف للتنويع، وقد يعطف شيء على ضده.
الواقع أن القرآن جاء واليهود والنصارى موجودون ، وخاطبهم القرآن بيا أهل الكتاب، فالكتاب هو نسخة من الآيات التي أجراها الله على يد رسله ليؤمن بها الخلف إيمانا بالغيب بعد أن آمن بها أسلافهم المعاصرون للرسل إيمان شهادة.
لو كان المسلمون هم الوحيدون أهل الكتاب ولا وجود لليهود ولا للنصارى فإن تفسيري للنسخ يعد تفسيرا خاطئا.
والله تعالى أنزل القرآن بلسان كلماته لا تتغير معناها من زمن لآخر، فنحن لا نعرف في عصرنا الحالي معنى آخر لكلمة (نسخ) إلا معنى واحد هو الإثبات، هل قرأت كتابا من قبل أو سمعت أحدا استعمل كلمة (نسخ ) وأراد بها الإزالة!!؟
سبب تفسير النسخ تفسيرا خاطئا هو رواية الغرانيق التي ألقاها الشيطان في أفواه من صدقوها، فالرواية تزعم أن (تمنى) معناها قرأ، وأن الشيطان ألقى في قراءة النبي كلاما يمجد آلهة القوم، فطبعا مصدق الرواية أو المتأثر بها سيفسر (نسخ) بمعنى أزال لأنه لا يمكن أن يلقي الشيطان في قراءة النبي كلاما يمجد آلهة القوم ولا يزيله الله، مع أنه يجب علينا أن نؤمن أن الشيطان يستحيل أن يتلاعب بلسان نبي من الأنبياء ليقوّله ما لا ينبغي أن يقوله.
وهكذا يتسبب معنى خاطئ لكلمة (تمنى) في تفسير النسخ تفسيرا مضادا لمعناه الأصلي.
وأما كلامي عن المعاجم فهي ألفت بعد القرآن، ومؤلفوها استعانوا بكلام الأدباء والشعراء وبالقرءان وكلام المفسرين لوضع معاني للمفردات، وإذا كنت يا علي قد فهمت من جملة ( نسخت الشمس الظل) أنها تعني أزالته، فإني فهمت منها أن ظل أي شيء هو نسخة منه إذا تعرض لأشعة الشمس.