بالنسبة لجدل ناصر/ السادات الذى يظهر على السطح كل مدة ويتم التعامل معه غالبا بأسلوب الأهلى/ الزمالك وبعيدا عن التناول الشخصى لكل منهما كثيرا مايغفل طرفى الحوار عن شئ مهم جدا وهو حجم ونوع المتغيرات والمستجدات التى دخلت على المعادلات الداخلية والإقليمية والدولية بين العهدين وهو الشئ الذى سيؤدى بالتأكيد لتغير السياسات فى التعامل معها.

عبد الناصر تسيد الجزء الأكبر من عقدى الخمسينات والستينات والسادات خد السبعينات من طقطق لسلام عليكم ولاأعتقد أن حجم الإختلاف بين الحقبة الأولى والثانية يخفى على أحد.

كلمة الخمسينات والستينات عندما أسمعها يقفز إلى ذهنى التلفزيون الأبيض والأسود .... الخمسينات كانت العقد الذى تلى مباشرة العقد الذى حدثت به أضخم حرب عرفتها الإنسانية وتلك الحرب رغم أنها توقفت فى صيف 1945 بإستسلام اليابان إلا أن تبعاتها وأثارها بالتأكيد أمتدت لعقد الخمسينات- لاجئين, ترسيم حدود ومناطق نفوذ, مدن مدمرة, معسكرات إعتقال, تطهير عرقى, مذابح جماعية, إعادة إعمار, ترتيبات دولية وأقليمية إلخ إلخ إلخ-

الخمسينات كان لسه البنسلين مكتشف منذ سنوات بسيطة والكورتيزون المخلق كان بمثابة ثورة علمية هائلة واللى معاه قرص أسبرين بيفرجه للحته والسرنجات زجاج وشبه الأر بى جى واللى عنده صورة أشعة بيعلقها فى الصالون بجانب صور الهالكين من أسلافه والمراجع الطبية كانت أشبه بتذكرة داود وكثير من الأمراض لم يكن لها علاج والتى لها علاج كله غلط ولو دكتور عمله النهاردة يخش السجن والميكروسكوب الألكترونى وعلم الأحياء الجزيئى بمثابة سينس فكشن ومعامل وأجهزة تذكرك بالديناصورات وأدوات طبية تشعر أنها أدوات تعذيب.

فى الخمسينات لم يكن هناك تلفزيون فى معظم دول العالم وحتى فى دولة كأمريكا اللى كان عنده تلفزيون كانت الناس بتتلم عنده لمشاهدة هذه الأعجوبة وكانت التلفزيونات بتشتغل بالمنفلة وعلشان تتفرج علي برنامج به لازم تشغله قبلها بثلاث أيام وكانت أداة الإتصال الجماهيرى السائدة هى الصحافة والراديو الذى كان يعمل بالمنفلة أيضا.

الخمسينات شهدت صعود أسطورى للإتحاد السوفيتى وتحوله لقوة عظمى وأفول نجم بريطانيا وصاحب ذلك تصاعد فى حركات التحرر الوطنى بكل أنحاء العالم والتى أعتمدت فى حالات كثيرة على الدعم السوفيتى لها...... لو أسترسلت فى شكل الحياة أثناء الخمسينات لن أنتهى ولكن أظن أن ماأريد قوله أصبح واضحا وهو حقيقة كون عبد الناصر إبن مخلص لتلك المرحلة بما لها وماعليها.

عندما أتى السادات فى عقد السبعينات كانت هناك مياه كثيرة جرت تحت الجسور حتى بالنسبة له هو شخصيا فالسادات الذى كان فى العقد الرابع من عمره فى الخمسينات أصبح فى العقد السادس من عمره فى السبعينات ومايصاحب ذلك من نضوج فكرى وتراكم للخبرات والتجارب وإذا أضفت لهذا التغيرات والمستجدات التى طرأت داخليا وإقليميا ودوليا فيمكن ببساطة فهم الخط السياسى الذى أنتهجه السادات بعيدا عن مهاترات الخيانة والعمالة والإنبطاح وإبن ست البرين إلخ إلخ إلخ.