ذا نحن حللنا قضية الدين بالحكمة فإننا سنصل إلى النتيجة التي تتوافق مع الكتاب، ومن خلال ذلك يمكننا أن نتنبأ بما سيأتي به المستقبل من حدث أو أحداث عظيمة بناء على إدراكنا الصحيح لقاعدة البيانات في الكتاب، لنبدأ بسم الله العزيز الحكيم:
القضية الرئيسية التي جاء الإسلام لتصحيحها هي عقيدة النصارى الذين زلوا من بعد ما جاءتهم البينات، والتصحيح لا يكون إلا ببينة، فإذا جئت لأصحح خطأ زميل فإنه يحتاج إلى بينة تقنعه أني على صواب وأنه مخطئ، عندئذ أعتبر منتصرا بالحجة المقنعة، كذلك الإسلام؛ لا يكفي أن يأتي إلى النصارى ليقول لهم : إنكم في ضلال وأن الله أحد صمد لم يلد ولم يولد، بل عليه أن يأتي بالبينة التي تقنع النصارى أنهم مخطئون في عقيدتهم وأن محمدا رسول الله، إذن فبالبينة يتم الإقناع، وهذه النتيجة تعتبر نصرا بالحجة، لأن المنتصر بالبينة يفرض كلامه على المخطيء ولن يجد منه أي اعتراض بعدما تبين له الحق.
كذلك القرآن بعد أن يأتي بالبينة التي تقنع أهل الكتاب أنهم كانوا في ضلال مبين فينفكوا عما كانوا فيه من ضلال ويدخلوا أفواجا في دين الله وذلك هو النصر بالحجة، عندئذ قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد فلن تجد من النصارى معترضا أو مكذبا لمضمون سورة الإخلاص لأنها قيلت بعد النصر بالحجة (البينة)، وكلامي هذا يشهد على صحته أن سورة الإخلاص جاءت بعد سورة النصر وليست قبلها.
ها نحن رأينا كيف وافقت الحكمة الكتاب ، ففرض الحق على من يجهله يكون بعد الإتيان بالبينة التي تقنع المخالف ، إذن فهو نصر بالحجة (البينة)، والمنتصر بالحق يفرض رأيه لأنه حق.
ووجدنا نفس النتيجة في سورة البينة حيث افتتحت بقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، هذا يعني أنهم حين تأتيهم البينة سينفكون عما هم فيه من ضلال ويدخلون في دين الله أفواجا.
إذن فالهدى المتوقع أن يبلغه الإنسان هو إدراك البينة التي يهتدي بها أهل الكتاب والمشركون فيتبين لهم أن الإسلام حق وأنهم كانوا مخطئين في تأليههم للمسيح.
هذا ما سيهتدي إليه المؤمنون ولا يحتاجون إلى الاستعانة بصديق يأتي من الماضي .
وبما أن سنة الله هي أن يختبر الناس بعد هدايتهم فإن الاختبار المتوقع في هذه الحالة هو اختبار يتناسب مع القضية التي صوبت، فكما أن المعلم يصحح للتلميذ المسألة التي أخطأ فيها ثم يعيد اختباره في نفس المسألة التي صححت ليرى هل فهم واستوعب الشرح كذلك بعد أن تصوب عقيدة النصارى في المسيح فيعلمون أن المسيح ما هو إلا عبد الله ورسوله يعاد اختبارهم وكل الناس في هذه المسألة، فيظهر للناس رجل يدعي أنه هو المسيح بن مريم وأنه هو الإله المتجسد في إنسان ... فهل يستوعب الناس الدرس السابق الذي صحح أم سيضلهم الشيطان مرة أخرى!!
إذن كما قلت سابقا : ينسخ الله ما يلقي الشيطان (لا يمنعه من إبداء ضلاله وعرضه على االناس) وبالمقابل يحكم الله آياته ويحفظها من التحريف ومن الزوال، فلا يعقل أن يترك الله للخلف نسخة من الاختبار ولا يترك لهم نسخة من الدرس الذين اختبروا فيه!! فلا يلام الراسب في الامتحان على رسوبه إلا لأنه حضر الدرس أو عنده نسخة من الدرس لم يذاكره فرسب، كذلك ترك الله للنصارى نسخة من الدروس التي حضرها أسلافهم ، وترك لهم نسخة من الاختبار الذي تقدم به إبليس زاعما أنه الحق (تأليه المسيح وعقيدة الفداء...).
إذن نحن لسنا بحاجة لمهدي سابق لزمنه يأتي من الماضي، وما الهدى إلا الاهتداء إلى إدراك البينة.