يا علي هداك الله مرة أخرى.
قال تعالى : قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا
،وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا.
هذه الآية تبين أن الله أعطى مطلق الحرية للشيطان أن يفعل ما يشاء، وكأن كلام الله تعالى للشيطان يشبه ما نقوله بالعامية للخصم (أعلى ما في خيلك اركبه).
لم يمنع الله الشيطان من إضلال آدم وتزييفه للحق ، فالله يأتي بالهدى ويختبر الناس بما يلقيه الشيطان، صحيح أن يهود اليوم لا يقولون إن عزيرا ابن الله لأن هذا الخطأ صحح ، وليس معنى هذا أن قصة عزير هي كل ما ألقاه الشيطان، فقد ألقى إليهم أن لوطا عليه السلام سكر وزنى ببناته، هذه ما زالت مثبتة في العهد القديم، وألقى إليهم أن سليمان أعجب بجمال زوجة أحد قادة جنده فدبر له مكيدة ليقتل في جبهة القتال لكي تخلو له من أعجب بجمالها، هذه أيضا مثبتة في العهد القديم.
ليس معنى نسخ ما يلقي الشيطان أن يبقى بدون تصحيح، فقد يصحح بعضه ، وقد يختلف في بعضه الأخر، فريق يعتبره صحيحا وفريق آخر يعتبره باطلا، فقد يأتي رسول ليصحح ما ألقاه الشيطان، فتؤمن به طائفة وتكفر به أخرى وتتمسك بما ألقاه الشيطان كما حصل للمسيح مع بني إسرائيل، وحتى هؤلاء الذين آمنوا بالمسيح يلقي إليهم الشيطان أباطيل جديدة، وهكذا كلما جاء الحق يأتي بعده الباطل يزعم أنه هو أيضا حق، ولا يخلو زمن ممن يتبعون الباطل وهم يحسبون أنهم على الحق.