لماذا أخترت Ben Bernanke ليكون رجل العام .
انتهى العام الماضي بأسوأ الأخبار ، العالم مقبل على فترة كساد إقتصادي يشبه فترة الكساد الكبير في العشرينات من القرن ال20 ، و هذا يعني أن يفقد الناس اعمالهم و مدخراتهم ، ليس في الغرب فقط ، بل في العالم كله بما في ذلك الشرق الأوسط نتيجة تشابك الإقتصاد العالمي و الإعتماد المتبادل في عصر العولمة ، لم يكن سوى الأبله الذي لا يرى أن كل شيء يعتمد على قدرة الإقتصاد الأمريكي على التعافي السريع ،و قدرة الغرب على قيادة العالم من جديد للتغلب على المحنة القادمة في الأفق ، عندما ينهار العالم فسيقع على رأس الضعفاء و الفقراء ،و هذا يعني محنة مزدوجة تنتظرنا في مصر و غيرها من بلدان المنطقة ، لهذا أغلقت الصفحات السياسية ووضعت عيني على الصحف و الصفحات و الملاحق الإقتصادية ،و هنا بدأت تقفز أمامي أسماء مثل بن برنانكه Ben Bernanke ،و نوريل روبينو Nouriel Roubini ،و وريتشارد ثالير Richard Thaler ...و ... ، فالإقتصاد يتصدر المشهد ،و يمتلك رجاله مصير العالم بين أيديهم أو بعبارة أدق داخل عقولهم ، و هكذا وجدتني أتابع أخبار بن برنانكه و أحاديثه النادرة ، بحثا عن مستقبل مدخراتي المحدودة ، بل و مصير أسرتي و العالم كله حولنا .
يشغل بن برنانكه منصبا رفيعا هو رئيس مجلس إدارة الإحتياطي الإسترتيجي الأمريكي chairman of the U.S. Federal Reserve ،و هو ما يعادل محافظ البنك المركزي ، هذا الأكايديمي البارع و أستاذ الإقتصاد السابق في جامعة Princeton ( التي عمل بها أينشتين ) و الذي تخصص في سنوات الكساد أو الكساد العظيم الذي حدث في العشرينات ، استطاع أن يحيل خبرته الأكاديمية ورؤيته الثاقبة إلى خطة عمل لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي ، استطاع هذا المفكر الإقتصادي أن يعيد توظيف دور ( البنك المركزي ) بعمل منفرد ،و أن يمنع بالتالي انهيار الإقتصاد الأمريكي ،وهو لم يفعل ذلك خلال سنوات كما حدث في العشرينات ، بل خلال أشهر قليلة و بأقل قدر من الآلام .
أمضى بن برنانكه عام 2009 كله تقريبا في ضخ مئات البلايين من الدولارات في الإقتصاد الأمريكي لتمويل عمليات إنقاذ واسعة للبنوك و الشركات القائدة ، خلال قروض bailoutsفائقة الضخامة و سهلة نسبيا كانها هبطت من السماء ، لهذا لم يكن مدهشا أن يطلقون عليه "Helicopter Ben" ، استمد بن برنانكه مكانته البارزة بسبب قدرته على التحكم في سعر الفائدة ( كلمة السر في أي اقتصاد ) ، كذلك نتيجة تنسيقه المستمر و الفعال مع نظرائه في الدول المتقدمة ، و بالأساس نتيجة رؤيته الثاقبة للتطورات ،و توقعاته الممتازة بتطور الأمور لاحقا ، و أيضا بتدخلاته الصاعقة في أسواق المال ، رغم هذا فمعركة بن برنانكه من أجل وضع قواعد راديكالية جديدة لسوق المال الأمريكي لم تنتهي بعد ، بل هي أمامه لأن هناك معارضة يمينية قوية في مواجهة مثل هذه التغييرات ، التي تذكرني بمرحلة الماكينزية .
ما زال أمام أمريكا و العالم الكثير الواجب فعله ،و لكن الأسوأ لم يتحقق ،و ما تحقق من السوء أصبح خلفنا ، ما زلت أتناول قدح القهوة كما كنت أفعل في سنوات الرخاء ،و ما زلت أتناول نفس الوجبات ، وهذا الإنجاز الكوني التاريخي يعود جزء هام منه لأكاديمي امريكي بارز هو بن برنينكه! ، لهذا أقدر هذا ارجل كثيرا و اختاره رجل العام .