الأخ الكريم جادمون،

ملاحظات سريعة أعةد اليها بموجب ما تتفضّل به من ردّ.

العنقاء، اخي الحبيب، طائر خيالي. فلا تشبّهنّ هذه الأمة بالعنقاء.

سأعترف أنّ الأحداث الدارجة وردات الفعل الملموسة في الشارع العربي (لا شيء سوى البكاء) جعلتني أعيد تقييمي للواقع وللتاريخ ولأشياء كنت أؤمن بها أيمانا أعمى. جعلني اتسائل إذا ما كانت أمّتنا هذه "أمة" فعلا، أم أن الشعارات التي ترعرعنا عليها فأصبحت جزءا لا يتجزّأ من يقيننا .. ما هي سوى فتات أضغاث أحلام تاريخية قومية ودينية!

أتساءل فعلا اليوم، هل هناك شيء اسمه "أمّة" يستحقّ انقاذه. شيء يعدني – وليس زورا – أنّه سيخرج كالعنقاء الجديدة من تحت الرماد؟

ان الأحداث الجسام التي تعيشها أمتنا اليوم تعتبر تتابع للزلازل والبراكين. فأي زلزال وبركان يزيد عن سقوط فلسطين وشعبها تحت سكيّن الجزار الصهيوني؟ لماذا لم تخرج العنقاء؟ وأي زلزال وبركان يزيد عن تحطيم الجيوش العربية بأجمعها خلال ساعات قلائل! لماذا لم تحرج العنقاء؟ واي زلزال وزلزال كان ذلك الذي ادخل الى غرف جلوسنا طفلا فلسطينيا يحمل بيده حجرا وهو واقف أمام دبابة صهيونية، وأي بركان زعزع أوصالي وأبكاني دما لأسابيع وأنا أشاهد جسد الطفل محمّد الدرّة بين ذراعي والده يلتقف الرصاصة بعد الرصاصة .. ثم يرتعش جسد الأب ويغيب عن الوعي ... أينها بالله عليكم يا مسلمين ويا عرب ما لها لن تخرج العنقاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تبّا لها من أمّة. إذا ما كانت لتخرج بعد كلّ هذه الزلازل والبراكين .. وقد ذبح العراق وشعبه من الداخل والخارج طوال 13 حولا .. كما ذبحت كلّ الشعوب .. فعنقائها اسطورة وبعض من سراب!

تريد قراءة صحيحة في التاريخ؟ ماذا فعلت الأمة لتواجه هجمات الصليبيين والتتار سوى التخاذل والذبذبة وبيع الضمائر والخيانة واستغلال الفرص لتثبيت العروش؟ ماذا فعلت "الأمّة" عندما انتهك التتار بغداد ثم حلب ثم دمشق؟ ماذا فعلت الأمة عندما ذبح الصليبيون سبعين الفا في القدس وحدها .. أي عنقاء خرجت من رمادها؟ دولة المماليك أم رجل أوروبا الضعيف؟

بالله عليكم يا رجل كفانا قراءات خاطئة في التاريخ. الرجل مات منذ عصور. لكنه ما يزال ينتظر الدفن.

خالص تحياتي لك وللجميع