هذه ترجمتي لمقالة ممتازة في تفسير سبب حدوث حالات الاقتراب من الموت:
((إن الآلية التي تقف وراء هذه التجارب الغريبة تكمن في الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات التي يحصل عليها من الحواس، إن ما نراه كـ"حقيقة" ليس سوى مجموع المعلومات الحسية التي يتلقاها الدماغ، حين تنظر إلى شاشة الكمبيوتر، فإن الضوء المنبعث يصطدم بشبكية العين، فيتم إرسال المعلومات إلى المناطق المختصة في الدماغ لتفسير النماذج الضوئية إلى شيء مفهوم: في هذه الحالة التي أنت عليها الآن هى الكلمات التي تقرأها. هناك أيضاً نظام معقد من الأعصاب والألياف العضلية يمكّن الدماغ من تحديد موقع الجسد بالنسبة للمكان المحيط. أغلق عينيك وارفع يدك بحيث تصل لمستوى أعلى رأسك، كيف تعرف أين هى يدك على الرغم من أنك لا تنظر إليها؟، هذا النظام الحسي يسمح لك بمعرفة موقع يدك حتى لو كانت عيناك مغلقتين.
الآن تصور أن جميع حواسك تعاني من قصور وظيفي، حينها فإن دماغك بدلاً من أن يتلقى من الحواس معلومات صحيحة عن الأشياء التي من حولك، فإنه سيتلقى معلومات خاطئة، وحالة القصور هذه قد يسببها تعاطي مخدر ما أو صدمة تؤدي بالدماغ إلى التوقف عن العمل. حينها، فإن ما تعاينه كتجربة حقيقية هو في الحقيقة تفسير الدماغ للمعلومات الخاطئة. هناك نظرية تقول بأن "تشوشاً عصبياً" أو تلقي القشرة البصرية – في مؤخرة الدماغ- لكمية زائدة من المعلومات تؤدي لخلق صورة ضوء باهر يكبر تدريجياً، إن الدماغ يقوم بتفسير ذلك على أنك تتحرك خلال نفق مظلم. إن الإحساس بالمكان هو كذلك مُعرض للقصور خلال تجربة الاقتراب من الموت، ومرة أخرى، يفسر الدماغ معلومات خاطئة حول موقع الجسد بالنسبة للمكان المحيط، والنتيجة هو الشعور بمغادرة الجسد والطفو في أرجاء الغرفة. وبمصاحبة ذلك لتأثيرات أخرى ناجمة عن الصدمة ونقص وصول الإكسجين إلى الدماغ يؤدي ذلك إلى تجربة الطفو والنظر إلى الجسدك ومن ثم الذهاب في النفق.
الشعور بالسلام والسكينة الذي يصاحب تجربة الاقتراب من الموت قد يكون آلية كفاح يطلقها الدماغ من خلال زيادة مستويات إفراز الإندروفين خلال وقت الصدمة، فالكثير من الناس يمرون بشعور غريب من الانفصال وضعف ردة الفعل العاطفي خلال الأحداث العصيبة، إنه ذات التأثير.
تجارب الاقتراب من الموت التي تتضمن الذهاب إلى الجنة أو مقابلة الله قد تتضمن عدة عوامل مجتمعة، فالمعلومات الحسية الخاطئة، ونقص الأكسجين ونشاط ناتج عن الإندروفين تؤدي إلى خلق تجربة غير حقيقية وإن بدت حقيقية لصاحبها، وحين يتذكر الشخص التجربة بعد ذلك، تكون التجربة قد مرت من خلال "فلتر" عقله الواعي، فتتحول تجارب غريبة غير مفهومة إلى كائنات روحية وأبعاد أخرى وحوارات مع الله.
من الصعب أكثر محاولة تفسير التجارب التي يرى ويسمع فيها الشخص أشياء لا يمكن لجسده غير الواعي أن يعرف عنها، ولكن من الجدير بالتصديق أن الأشخاص غير الواعين بإمكانهم تسجيل معلومات حسية ومعلومات مسبقة ويقوم بدمجهما في تجربته. ))
المصدر:
http://science.howstuffworks.com/near-de...ience4.htm
وفي الوثائقي "اليوم الذي مت فيه" تحدثت الطبيبة والمختصة النفسية "سوزان بلاكمور" في الجزء الثاني الدقيقة الرابعة، قائلة:
((ما يحصل خلال تجربة الخروج من الجسد هو أن الدماغ يبني رؤية مختلفة لنفسه، ففكرة أنني الآن هنا في رأسي أنظر إلى العالم من حولي هى مجرد فكرة، لا يوجد أحد داخل الرأس، فما هو موجود داخل الرأس ملايين الخلايا العصبية المتصلة ببعضها ببلايين الطرق، لا يوجد موّجه مركزي، لا يوجد "أنا" ، كل هذا هو نوع من الوهم منشؤه الطريقة التي نعيش بها، وتجربة الخروج من الجسد هى وهم آخر مشابه، حيث نبني فكرة أننا خارج جسدنا ننظر إلى الأسفل، وهذا ليس صعباً على الدماغ أن يفعله، لأننا نملك في ذاكرتنا كل المعلومات المطلوبة لفعل ذلك. من الواضح لي سبب ظهور النفق المظلم الذي نهايته ضوء براق، نحن نعرف كيف تنتظم الخلايا في النظام البصري من مؤخرة العين وإلى القشرة البصرية في مؤخرة الدماغ، هناك الكثير من الخلايا مخصصة لوسط مجال الرؤية إلى حيث أنت تنظر، وهناك القليل جداً مخصص لخارج الوسط، والآن ما يحصل حين تمر في صدمة أو حين تتعرض لنقص الأكسجين هو أن كل الخلايا ستنشط بشدة، كيف سيبدو ذلك طالما أن الكثير من الخلايا مخصصة للوسط والقليل جداً للخارج؟، سيبدو ذلك كضوء برّاق في الوسط وظلام يحيط به ظلام، وحينها تكون غير واع وعيناك مغلقتين وهذا كل ما تراه، لذلك تشعر وكأنك تنطلق خلال نفق باتجاه ضوء برّاق. شيء آخر نفهمه تماماً وهو التأثير العاطفي، لأنه تحت حالة التوتر والصدمة ونقص الأكسجين تتلقى دفعة كبيرة من مادة الإندورفن وهى مادة أشبه بـ "مورفين الدماغ"، والتي تقوم بإزالة الألم وتجعلك تشعر بأن كل شيء بخير تماماً ويعطيك شعوراً إيجابياً تجاه كل شيء. وهكذا حين يحصل كل شيء ترى جسدك يموت ومع ذلك تقول "لا مشكلة!.. يا لها من أشياء رائعة التي أمر بها"، إن التجربة بأكملها تخضع لتأثير هذه المادة الكيميائية.)).
وهكذا يمكن تفسير مجمل تجربة الاقتراب من الموت بما يلي:
عند تجربة الاقتراب من الموت تعاني الحواس من قصور وظيفي، الأمر الذي يؤدي إلى تلقي الدماغ لمعلومات خاطئة عن المكان الموجود فيه الجسد وموقعه بالنسبة للمحيط، والنتيجة هى "تجربة الخروج من الجسد" ورؤية الشخص لنفسه ممدداً على السرير، يرى الأطباء يحاولون إسعافه، ولكن ما يراه ليس سوى تحويل جسده للمعلومات الحسية التي يتلقاها إلى صورة، مثلاً حين يرى الطبيب يصعقه بالصاعق الكهربائي، فإن جسده في الحقيقة قد شعر بهذه الصدمة فحولها إلى صورة حية، وكذلك الحال مع الإجراءات الأخرى من الممرضين فالجسد يحول ما يتلقاه من صوت وإحساس باللمس يحوله إلى صورة حية. ونتيجة لمرور الدماغ بحالة استثنائية مثل نقص الأكسجين فإن هذا يؤدي بخلايا النظام البصري بالدخول تدريجياً في حالة من النشاط الزائد، وهذه الخلايا تتركز في وسط مجال الرؤية، وبذلك حين تنشط هذه الخلايا بشكل زائد يؤدي ذلك إلى ظهور ضوء برّاق في الوسط يكبر تدريجياً فيشعر الشخص وكأنه يسير داخل نفق مظلم. يقوم الدماغ بإفراز كميات كبيرة من الإندورفن فيخلق ذلك شعوراً بالسلام والمحبة، الآن الدماغ يقوم بتفسير ما يحصل بناء على الشعور بالسلام والمحبة وبناء على حقيقة أن الشخص يموت الآن، فيتحول حينها الضوء البرّاق إلى "الله" حيث يتحدث معك ويطمئنك وغير ذلك، وتتحول كيانات لا معنى لها تظهر نتيجة الهلوسة تتحول إلى أقارب وأصدقاء متوفين يرحبون بك ويحتضنوك، وحين تتم إنقاذ حياة الشخص ويبدأ الدماغ في العودة إلى الحياة والخروج من التجربة يفسر الدماغ ذلك على هيئة أن يخبر "النور" أو أحد الأقارب المتوفين أن "وقتك لم يحن بعد" أو أنه لديه مهمة يجب أن يقوم بها، وتنتهي التجربة.
يتبع..