{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 1 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
تطور التفكير .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #1
تطور التفكير .
All great truths begin as blasphemies. —George Bernard Shaw
"كل الحقائق العظمى بدأت كهرطقة " . جورج برنارد شو .


كتقليد سنوي لجامعة المدينة الشهيرة بمدينة نيويورك ، كان هناك لقاء في نهاية العام الدراسي 2005 ، جمع اللقاء مجموعة من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل ( 9 من أساتذة الجامعة حاصلون على الجائزة) و مجموعة منتقاة من الطلبة المتميزين ، بدأ الطلبة في توجيه الأسئلة ، بينما كان على العلماء الإجابة كل في دوره ، و أخيرا سأل طالب عما إذا كان العلم يتفق مع الدين ، جاء الدور على عالم مشهور للإجابة على السؤال ، هذا العالم هو هيربرت هوبتمان Herbert Hauptman الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء ( 1985 ) ، وهو أيضا عالم رياضيات قدير سميت باسمه مؤسسة أكاديمية شهيرة هي مؤسسة Hauptman-Woodward في بافلو – نيويورك ، جائت إجابة هوبتمان مباشرة بلا تكلف و لكنها صاعقة ، أجاب هوبتمان بالحرف الواحد " إن الإعتقاد في الإله لا يتلائم مع كون الإنسان عالما متمكنا " ، أثارت تلك العبارة وجوما ، مما أربك العالم القدير قليلآ ، كان هوبتمان يتوقع نوعا من الدعم العلني يقدمه زملاؤه و هذا لم يحدث ، نعم جاء الدعم بعد ذلك و لكن مرتعشا هامسا بعيدا عن الجمهور ، دعم بلا طعم ولا لون و لكن برائحة الخوف ، لم يمض وقت طويل حتى أثارت الملاحظة عاصفة من الهجوم على العالم الوديع الذي تجاوز الثمانينات ، كان الهجوم قويا حتى أن عبارته تم تناولها بعد ذلك على الصفحة الرئيسية في صحيفة نيويورك تايمز الشهيرة .
ما حدث لهوبتمان ليس استثناءا ، بل هو المتوقع تماما في مجتمع يبدع علماؤه أرفع انجازات العلم ،بينما سياسيوه مجموعة من الرجال المتوسطين المداهنين ، من لا يتورعون عن توظيف الدين لخدمة مصالحهم السياسية ، هؤلاء الساسة يودعون و يستقبلون رواد الفضاء ، رغم ذلك مازالوا يتصايحون في جلبة عمن يذهب إلى الكنيسة أبكر من غيره ! . هذه هي أمريكا !.. ربما تتوقع مثلي أن يكون هناك 90% من أعضاء الأكاديمية الوطنية للعلوم National Academy of Sciences (كلهم من العلماء البارزين على مستوى العالم) من غير المؤمنين ( ملحدين و لا أدريين ) ، فهذا متوقع و منطقي ،و لكن ربما ستدهش -مثلي أيضا- لو علمت أنه من النادر للغاية أن يعلن أحدهم أفكاره الدينية ، أو يشارك في الجدل الديني ، رغم أن بعضهم يشكون بالفعل من الحالة الدينية المبالغ فيها في المجتمع الأمريكي ، حتى أنه عندما سئل هوبتمان في لقاء صحفي عن أمنيته ، أجاب بأن يقلل الأمريكيون اهتمامهم بالشؤون الدينية !.
ليس فقط في أمريكا بل و على مستوى العالم كله ، يبدي الملايين من العلماء و المفكرين و المستنيرين و الحكماء ضيقا و تبرما من البطء الذي ينمو و يرتقي به التفكير العام ، و أقصد بارتقاء الفكر هنا ((evolution of thought ما يوازي الإرتقاء البيولوجي و لكن في مجال الفكر ، أي تلك العملية البطيئة الطويلة و الحيوية التي يتحول فيها تفكير الإنسان من الأساطير و السحر إلى الإعتماد على العلم و المنطق . العلوم و التكنولوجيا و الرياضيات كلها تقفز قفزات هائلة ، بينما التفكير ينمو ببطء ، فماذا يمكن أن نقول عن الشعوب الإسلامية ، عندما تنتكس فيها الحياة العقلية بدلآ من أن تتقدم .
يتسائل الكثيرون من الجنس البشري متى يمكننا أن نرتقي و أن نغادر هذا الهراء كله و نتركه خلفنا ؟، إلى متى سنظل نبدد جهودنا و حياتنا كي ننقذ البؤساء من وحل الخرافة و اللاعقلانية و الجهل ، و لكن قبل أن نغرق في اليأس ؛ علينا أن نتوقف سويا .. نتوقف كي نتذكر أنه منذ 2000 سنة فقط لم يكن الناس يعرفون شيئا يذكر عن العالم حولهم ، أما أقدارهم فهي تتحدد مسبقا إما أن يكونوا ضمن الأقلية الضئيلة الغنية أو يكونوا عبيدآ ، و قد استغرق الأمر 1500 سنة في الغرب حتى ظهرت الكتب و بدأ الإنسان في التعلم ، و هكذا أمكن للإنسان أن يعلم بعض الأشياء خارج خبرته المباشرة ، و احتاجت البشرية 200 سنة أخرى كي تبدأ في وضع الأساس للحضارة المعاصرة ، بما فيها من علم و تكنولوجيا و قيم و مفاهيم ، في هذه اللحظة بدأ عصر التنوير Enlightenment ، بدأ الإنسان يدرس العالم الفيزيائي حوله ، يدرس الأرض و الفضاء و الكائنات الحية ، هكذا تراكمت العلوم و التكنولوجيا التي جعلت الثورة الصناعية ممكنة ، في هذه اللحظة المفصلية في التاريخ تكونت الطبقة الوسطى ،و انتشر التعليم العام بين كل فئات المجتمع ، علينا أن نفكر كيف أن التعليم العام النظامي لم يبدأ سوى منذ 200 عام فقط ، حتى ذلك الوقت كان من المحتم على الناس أن يؤمنوا بما يسمعون من قصص مرسلة وميثولوجيا متواترة منقولة عن حضارات الشرق الأوسط القديمة ، خاصة حضارات بين النهرين ، و من يبدي أي تشكك في هذه الروايات كان مصيره القتل أو الفرار إلى المجهول لو حالفه الحظ ، و لكن خلال هذه السنوات ال200 الأخيرة تغيرت نظرة البشر إلى العالم ، و بدأوا يستمدون معارفهم من تجارب و مشاهدات العلوم الفيزيائية و البيولوجية و ليس من الكتب الدينية ، و قبل أن نرى إلى أي مدى تقدم البشر ، علينا أن نعلم أن عمر الإنسان العاقل على الأرض هو 150000 سنة ، أي أن الإنسان قضى 0.0013 من عمره فقط وهو يتعلم شيئا عن العالم حوله ، بينما قضى أكثر من 0.9986 من عمره لا تزيد معلوماته كثيرا عن مجموعة من البلهاء في قرية نائية ، وكي نقرب هذا المعنى لنفترض أن عمر الإنسان العاقل هو 24 ساعة ، سيكون عمره الذي صاحب فيه التعلم و العلم أقل من الدقيقتين .
خلال الدقيقتين تلك قفز الإنسان قفزات رائعة ، لم يكن من الممكن حتى تخيلها ، اكتشف الإنسان الكون حوله ، و بدأ يكون صورة واضحة عن نشأة الكون و تاريخه ، عرف الإنسان الكثير عن القوانين التي تحكم الطبيعة ، عرف الإنسان تركيب الجسم البشري ،و نجح في مكافحة الأمراض و علاجها ، دخل الإنسان إلى تركيب المادة حتى أصغر أجزائها ، لم تمض سنوات طويلة منذ اكتشف داروين نظرية التطور ،و نشر كتابه عن أصل النواع On the Origin of Species ( 1859 م ) ، حتى أصبحت نظرية التطور جزءا من النسيج الثقافي للحضارة ، لم يعد أحد من العلماء يؤمن بنظرية الخلق الخاص ، بل أصبح ذكر قصص الخلق كما جائت في سفر التكوين مدعاة للسخرية ، حتى أن المؤمنين بالمعتقدات القديمة ، يطلقون تعبير التصميم الذكي Intelligent design للتحايل على استخدام تعبيرات مثل الخلق ، لقد نجح الإنسان في فك الشفرة الوراثية ،و بهذا أصبحت خريطة الإنسان مكشوفة .
إن العلم وحده هو الذي يقود حضاراتنا المعاصرة ، و كي تستطيع الأديان الحياة فهي تبحث عن علاقة أو صلة بالعلم ، الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تعتذر لجاليليو بعد موته بقرون عما سببته له من أذى ،و تذهب أبعد من ذلك فتقدم الزهور لداروين و ترى بعض الحقيقة في نظرية التطور البيولوجي ، رغم أن كلاهما يحطم المسيحية بمعاول لا يمكن إيقافها ، المسلمون أيضا لم يستسلموا فاكتشفوا أن كل العلوم الحديثة موجودة في القرآن ، الذي يؤكد البعض أنه كتاب في العلوم ليس له مثيل ، و أن الأمر كله يحتاج بعض العقليات الفذة مثل زغلول النجار و مصطفى محمود لإستخراج كل النظريات العلمية المعاصرة منه ، في النهاية سنجد أن العلم المترفع لا يبحث عن قرابة تربطه بالأديان الشائعة ،و لكن العكس تماما هو ما يحدث ،و هذا دليل في حد ذاته على تبدل العلاقة بين الدين و العلم لصالح العلم .
رغم التفوق الباهر للعلوم ورغم أنها وحدها التي تحقق طفرة في نوعية الحياة و سعادة الإنسان ، إلا أن التفكير العلمي لم ينتشر بين الناس بما يتناسب مع أهمية العلم ، على النقيض من ذلك ، فهناك حالة من التشوش الثقافي ، بل و حتى هناك حركات تنتقد العلم و تشكك في انجازاته ، هذه الحركات غير مقصورة على الدول المتخلفة ،و لكنها تمتد أيضا إلى المجتمعات المتقدمة ، فمن المتناقضات الجديرة بالفحص ؛ أن الولايات المتحدة الأمريكية هي مركز العلوم و التكنولوجيا الأول في العالم ،و هي أيضا مركز الأصولية المسيحية ، و تشكل مع المجتمعات الإسلامية نتوءا حادآ في مسار التطور الفكري للبشرية .
01-04-2010, 05:04 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
تطور التفكير . - بواسطة بهجت - 01-04-2010, 05:04 PM
RE: تطور التفكير . - بواسطة بهجت - 01-04-2010, 08:29 PM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة طريف سردست - 01-04-2010, 10:48 PM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة بهجت - 01-05-2010, 12:52 AM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة fares - 01-05-2010, 10:07 PM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة طيف - 01-05-2010, 12:26 PM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة بهجت - 01-05-2010, 06:07 PM,
RE: تطور التفكير . - بواسطة بهجت - 01-05-2010, 10:44 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  رسالة في التفكير فارس اللواء 0 530 06-09-2013, 09:06 PM
آخر رد: فارس اللواء
  نحو ممارسة التفكير...!! يونس عاشور 2 1,298 11-10-2010, 09:49 PM
آخر رد: observer
  الاخوة الأعزاء..تعبت من التفكير..ممكن تفهموني..؟؟!! حسام راغب 44 7,169 04-02-2009, 04:10 PM
آخر رد: أبو خليل
  التفكير و قعقعة السلاح عمر أبو رصاع 13 2,757 01-18-2009, 05:28 PM
آخر رد: Awarfie
  وهم التفكير ..!! الحر 5 1,607 11-20-2008, 03:05 PM
آخر رد: الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS