لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...

يا جماعة شو القصة؟ هل أنا في رواية غير واقعية ؟

ذكرت كتاباً بين جملة كتب، ولم أتحدث عنه بوصفه مصدراً فرداً، وإنما كتاباً شيقاً جميلاً يوجه عين النقد على الخطأ الذي ارتكب بحق القرون الوسطى ومعارفها المتنوعة، فجاء نيوترال يعترض على عدد الصفحات القليل، وجاء الغدير يتحدث عن شهرة الكاتبة استناداً إلى "ويكيبديا"، وجاء صاحبنا ابراهيم منزعجاً من دار النشر. هذا و"محتوى الكتاب" – وهو الأهم هنا – لم يتعرض له أحد على الإطلاق. ما يفعله أصحابنا هنا هو الحكم على "صوت مطرب معين" من خلال "طوله وتسريحة شعره وكون خالتي سمعت به أم لا".

مع هذا فلابراهيم ملاحظتين لا بأس بهما في مداخلته، أولهما الاستناد إلى "ويكيبيديا" والثانية "خلو كتاب ما من المراجع والحواشي". هنا أتفق مع ابراهيم في أن ويكيبيديا هي مصدر مشكوك بصحته ولا يصلح للاستعمال الأكاديمي، ولكني رأيت في الجامعات، في السنوات الأخيرة، أن موقف الأساتذة من "ويكيبيديا" أخذ يتغير قليلاً بحيث باتوا يقبلون بها في المراجع كمصدر "ثانوي" وثانوي فقط. بمعنى أن البحث يجب أن يكون مدعماً بمصادر أولى أو مراجع مهمة مشهورة، ثم تكون الاستعانة بـ"ويكيبيديا" كتأكيد "إضافي" على نقاط قد تم التأكد منها في مراجع موثوقة.
بالنسبة لي في مداخلتي، فأنا لم آخذ من ويكيبديا (ولذلك استعملت كلمة "لقفتها") إلا أسماء وعناوين مؤلفات "ريجين بيرنو" ولا أعتقد أن كاتباً ما سوف يضع من عنده جميع أسماء هذه الكتب، خصوصاً أن التأكد من صحة الكثير منها ممكن عبر "الجوجلة"، هذا بالإضافة إلى أنني هنا لا أكتب بحثاً علمياً أو أكاديمياً، ولكني أمضي في حوار حول جزئية غير مهمة من الموضوع الأساسي.

الملاحظة الثانية هي خلو الكتاب من المراجع، وهذا لا شك يقلل من قيمة الكتاب الأكاديمية. ولكن كتاب "ريجين بيرنو" ليس أكاديمياً بالمعنى الحرفي للكلمة ولا يخلو من "مراجع" تشير إليها في حواشي الصفحات. ، فالكاتبة الدكتورة المختصة في تاريخ القرون الوسطى تسجل ملاحظاتها حول أمور كثيرة معظمها معروف شائع – عند جمهورها الفرنسي على أقل تقدير -. وهي تتحدث في هذا الكتاب مثلما كان يتحدث الدكتور "طه حسين*" و"عباس محمود العقاد" في كتبهم. وهي توجه عين النقد إلى الكثير من الأمور المعروفة المشهورة دون إسراف، وكلما قادتها الضرورة إلى ذكر المصدر فإنها تفعل ذلك دون ضوضاء. فهي تستعين أحياناً بمصادر قديمة من مثل: ( Bachelet et Deszobley ; edition Delagrave, 1872) وأحياناً بمصادر حديثة من مثل: (Histoire de l’abbaye de Grandmont en limousin, Saint-Yrieux-la-Perche, imp.Fabregue, 1976) وأحياناً أخرى بدوريات متخصصة من مثل Les Cahiers de Fanjeux ; Toulouse, Edition Privat, 1966-1975 وغير هذا. هي لا تسرف في ذكر مصادرها عند كل نقطة ونقطة كما يفعل أصحاب أطروحات الدكتوراة لأن خطة كتابها مرسومة على نهج آخر.

أخيراً، مؤلف "ريجين بيرنو" ليس الأول ولا الأخير، ولسوف أفتح – عما قريب فالوقت الآن لا يسعفني أبداً - "ورشة عمل واقتباسات" عن "العلوم و المعارف المكتسبة في القرون الوسطى ودور الكنيسة في كل هذا" ، أكدس بها بعض الجمل المأثورة والفقرات المفيدة وأسماء مؤلفين تعرضوا إلى هذه الفترة في السنوات الأخيرة وأعطوها حقها.

واسلموا لي
العلماني

* كتاب "في الشعر الجاهلي" (طه حسين) الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بعد ليس به ذكر لمصدر أو مرجع واحد اعتمد عليه الدكتور العميد في تكوين رأيه.