جزاك الله خيرا أخونا الاكبر و أبونا الفاضل علاءالدين عثمان

و ليفكر أي ملحد جيدا
_هل الصدفة جعلت هناك ذكر و أنثى ؟ لو كان الامر صدفة لاصبح هناك نوع واحد و لانقرض
_هل الصدفة جعلت أماكن التناسل متقابلة في الطرفين لتكون عملية التكاثر فطرية و لا تحتاج لتعلم ؟
_هل الصدفة جعلت للام رحم ؟
_هل الصدفة جعلت ثدي الام يمتلئ بالحليب في وقت الرضاعة ؟ و يكون مناسبا بمقدمته للرضاعة ؟

أي اجابة عن أي سؤال من هذه الاسئلة تسوقك مباشرة ان هناك اله خالق ، هو من خلق و نظم هذه الامور

و الان ما هي معجزة الاسلام ؟

[size=4]ان القرأن الكريم هو كتاب الله الخاتم ، و هو غير كل المعجزات التي أيد الله بها رسله _ فكلها معجزات انتهت بمجرد حدوثها و لم يرها الا معاصورها _ أما القرأن لانه أهم معجزة لأخر المرسلين محمد _صلى الله عليه و سلم _ فهو باق على مر العصور ، و لذا احتوى على ما يبين اعجازه لكل البشر سواء المشكك أو المتدبر يكشف نقاط اعجاز لا حصر لها .

سنذكر أولا بعض تحديات القرأن الظاهرة :

_ ((أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير (82) )) النساء
و هنا يتحدى القرأن و يبرز تميزه و تفرده عن كل الكتب السماوية ، فهو ليس كالكتاب المقدس لدى النصارى و اليهود بعهديه الجديد و القديم الذان شبعا من التناقض ، و انما هو يعلنها متحديا أنه لا يوجد به أي اختلاف أو تناقض ، و من يستطع أن يظهر عكس ذلك فليتفضل ، أما ان لم يستطع و عجز عن ذلك فليخضع و ليؤمن بما قاله القرأن ، بل ان القرأن حتى يتحدى أي كتاب و كاتب ، فليتفضل أي كاتب ليؤلف لنا _ دون أي اقتباس من القرأن و من عقله و فمه فقط دون كتابة _ كتاب يحتوي على شرائع و أحكام تنظم حياة البشر و الاسرة بهذه الطريقة المثلى و على مواعظ و عبر و نصائح لهم و قصص من الاولين لكن شرط أن يكون ذلك دون أن يخطئ و يعدل و يصحح و يستشير و يكتب مسودات و يعيد و يزيد ، و سيجد في النهاية أنه وقع في الخطأ أو التناقض ، و مثال على ذلك انظر الى قانون أي دولة تجد نصوص متعارضة مع أخرى مع أن واضعيه مجموعة من الدارسين و الخبراء مجتمعين

_((انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون (9) )) الحجر
تدبروا هذه الاية جيدا ، انظروا كيف تخبرنا الاية أن القرأن محفوظ لا يتبدل و لا يتغير ولا يضاف اليه أو لا ينقص منه على مر العصور ، و ها هي الاية تتحقق منذ أكثر من 1400 سنة ، و تتحدى أي مخلوق أن يحاول تغيير القرأن أو تحريفه_ كما حدث في الكتب السابقة _ و ينشره بين المسلمين و لو ألاف المرات ، لكنه سيكتشف فشل كل محاولاته و لن يعترف المسلمون و لن يحتفظوا الا بقرأنهم ، ان من يقول هذه الاية هو الله الذي علم الغيب و هو القادر على كل شئ لا يمنعه أحد ، لكن هل يجرؤ أي كاتب بشري على أن يقول في مقدمة كتابه أن كتابه هذا سيظل هكذا تتناقله الاجيال عبر الاجيال و عبر القرون و الازمنة دون أن يمسه زيادة أو نقصان أو تحريف ؟

_ (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (88) )) الاسراء 88
و نرى هنا التحدي القرأني الكبير لكل الانس بل و الجن أيضا ليجتمعوا و يحاولوا أن يأتي بمثله ، و أنظر عظمة القرأن في ( لا يأتون بمثله ) فهل نرى تحدي أكبر من ذلك ان القرأن يقول لهم اجتمعوا و حاولوا و يخبرهم مسبقا أنهم لا يستطيعون الاتيان بمثله ، و قد فشل عظماء اللغة العربية و أفصح العرب وقت الدعوة _هذا ان تكلمنا عن الناحية اللغوية فقط فما بالكم بالباقي _ و لكن التحدي ما زال قائما ، فهل أتى لنا أحد من البشر أو السحرة أو الجان بمثل القرأن الى الان ؟
بعد أن أشرنا الى بعض التحديات الظاهرة للقرأن ، و لكي نزيد الامر وضوحا و تحديا للمشككين ، و نزيده امتاعا للمتدبرين ، سنتكلم عن بعض معجزات القرأن الكريم و التي جعلت اتيانه من غير الله أمر مستحيل :

في عالم اليوم أكثر من مليار من البشر يؤمنون أن القرأن كتاب الله المعجز ، بل ان من أعداء الاسلام من شهد باعجازه ، فها هو القس بوسورث سميث في كتابه (محمد و الديانة المحمدية ) يصف القرأن الكريم بأنه : معجزة في صفاء الاسلوب و في حكمته و صدقه
و من أقوال غير المسلمين أيضا عن القرأن نجد كريستي ويلسون في كتابه ( تقديم الاسلام 1950 ) يقول : ليس بعد الانجيل_من وجهة نظره المسيحية _ الا القرأن ، فهو أعظم الكتب الدينية تأثيرا ، وأكثرها احتراما و تبجيلا .

أولا : معجزة التنزيل

يقول الله تعالى (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (88) )) الاسراء 88

في هذه الاية يتحدى الله العالمين أن يأتوا بمثل معجزة القرأن ، و المعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد نبي تأييدا لنبوته .

أرسل الله _تعالى_الانبياء و المرسلين مبشرين و منذرين و ما من أمة الا حاولت و كابرت_ الا قلة مؤمنة _ و ما كانت لتؤمن الا أن ترى المعجزات

كان ذلك شأن بني اسرائيل مع نبيهم موسى عليه السلام ، ثم كان ذلك شأنهم مع المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، الذي جاء أساسا ليصحح و يقوم أفعال بني اسرائيل

و قد أيد الله تعالى المسيح عيسى عليه السلام بالمعجزات
((إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين (110)))المائدة

*معجزة الاسلام

و بعد ستة قرون بعث الله رسوله محمد _ صلى الله عليه و سلم _ و عندما طالبه الكفار بالمعجزات كان رد ذلك توجيها للرسول_صلى الله عليه و سلم _ بالاستعلاء على جدل أولئك المنافقين فالمعجزة الكبرى ماثلة أمامهم و هي القرأن الكريم

((أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون (51) ))
العنكبوت
القرأن هو المعجزة ، و هو كما ذكرنا سابقا غير كل المعجزات التي أيد الله بها رسله _ فكلها معجزات انتهت بمجرد حدوثها و لم يرها الا معاصورها _ أما القرأن لانه أهم معجزة لأخر المرسلين محمد _صلى الله عليه و سلم _ فهو باق على مر العصور

يسوق لنا المولى سبحانه و تعالى البراهين الدالة على اعجاز القرأن ، و أبلغها ثلاثة أمور بالنسبة للتنزيل

الامر الاول: أمية الرسول_ صلى الله عليه و سلم _ :
نجد ذلك في قوله تعالى ((وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48) )) العنكبوت 48

فلم يكن الرسول _صلى الله عليه و سلم _ ليعرف القرأة و لا الكتابة ، و لا مجرد التوقيع باسمه الشريف ، و لو عرف عنه شئ من ذلك لما سكت عنه المشركون و لا المكذبون في زمانه و حتى يومنا هذا ، و لأقاموا الحجة بأنه ربما ألف القرأن بما لديه من علم و ثقافة و اطلاع ، أو ربما اقتبسه من دراسات اليهود و النصارى ، أو ربما اطلع على التوراة و الانجيل ، و لكن أشد أعداء الاسلام لم يدع عليه مثل هذه الادعاء ، و قد أجمع على أميته المؤرخون من غير المسلمين ، كما لا ننسى أن الكتاب المقدس بعهديه القديم و الجديد لم يترجم الى العربية قبل القرن العاشر الميلادي ، أي الرابع هجري

الأمر الثاني : تجانس النص القرأني
( أكثر من 6000 أية )
اقرأ القرأن و تدبره و قلبه من أي وجه تريد ، تصل دائما لنفس النتيجة : انه ليس بقول بشر ، فلا يمكن لبشر أن يواصل تأليف كتاب ، يستغرق جمعه (23 عاما) من بداية الوحي و حتى تمام الرسالة ، يبتلى خلالها أشق ما مر به نبي مرسل ، دون أن تتقلب أفكاره ، و تتبدل مشاعره ، و تتبدل أفكاره ، و تتفاوت تعبيراته ، و لكن هذا ما لم يحدث للنص القرأني ، فعلى الرغم من نزول أياته مفرقة في شتى الاوقات و المناسبات _ فهي لم تنزل بترتيبها الذي نراه سواء أيات أو سور الا عند اكتمال الرسالة _ ، فقد اجتمع القرأن عند اكتماله ، بترتيب السور و ترتيب الايات في هذه السور _ كما هي في المصحف الان _ فما اختلف السياق و الجرس المميز لكل سورة ، و لكل سورة على حدة ، بما اجتمعت فيها من ايات نزلت في أوقات و مناسبات متفرقة ، و ما تضاربت الحقائق و الأفكار و التشريعات بين سورة و أخرى ، بل تكاملت مع بعضها البعض ، و فسر بعضها بعضا ،و هذا ما يستحيل مع أي كتاب بشري يكتب و يجمع بهذه الكيفية و طوال تلك المدة من الزمن

الامر الثالث
من ناحية أخرى كما سنرى لاحقا يشير القرأن الى أمور تتصل بمعارف كونية ، لم تكن معروفة وقت نزوله
ولو كان القرأن من صنع بشر أمي أو حتى متعلم في ذلك الزمان البعيد لنضح بأفكار و خزعبلات بدائية متضاربة كالتي يتداولها الناس في مختلف الحقب

((بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون (49) ))العنكبوت

[size=5]ثانيا : المعجزة العلمية

نذكر هنا بعض و أقول بعض الحقائق العلمية التي اكتشفت بعد أكثر من 1400 سنة من نزول القرأن و نرى ماذا يقول القرأن

*أصل الكون و اتساعه
اذا سألت أحد علماء الفلك الان عن كيف بدأ الله خلق الكون سيجيب : حسنا منذ بلايين السنين كان الكون المادي كتلة واحدة متماسكة و فجأة حدث انفجار عظيم في قلب هذه الكتلة و انطلقت نواتج الانفجار لتتكون منها المجرات ، و هذا الكون يتمدد باطراد فتتباعد المجرات عن بعضها البعض .
و هنا علينا أن نسأل بحيادية هل يمكن لرجل أمي عاش في الصحراء في ظروف بدائية منذ أكثر من 1400 عام أن يدرك هذه الحقائق ؟
لكن انظر قول القرأن
((أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون (30) ))الانبياء

*وصف ما يحدث لمن يصعد الى طبقات الجو العليا ( يطير )
ان سألت أحد علماء الفيسيولوجي و الطيران ، ما هي التغيرات التي تطرأ على الانسان عندما يحلق على ارتفاعات عالية ؟ سيجيبون ، حسنا ، انه في الارتفاعات العالية جدا و التي تتجاوز ستة عشر ألف قدم ، ما لم يتم ضبط الضغط الجوي المحيط بالانسان في الطائرة أو الصاروخ يبدأ الضغط الجوي في الانخفاض و أيضا الضغط الجوي للاكسجين داخل الرئة ، و انه نتيجة لذلك الانخفاض يبدأ الانسان يشعر بصعوبة التنفس و ضيق الصدر تزداد تدريجيا كلما ارتفعنا أكثر

و هنا علينا أن نسأل بحيادية مرة أخرى هل يمكن لرجل أمي عاش في الصحراء في ظروف بدائية منذ أكثر من 1400 عام أن يدرك هذه الحقائق ؟
لكن انظر قول القرأن
(( فّمّن يٍرٌدٌ اللَّهٍ أّن يّهًدٌيّهٍ يّشًرّحً صّدًرّهٍ لٌلإسًلامٌ ومّن يٍرٌدً أّن يٍضٌلَّهٍ يّجًعّلً صّدًرّهٍ ضّيٌَقْا حّرّجْا كّأّّنَّمّا يّصَّعَّدٍ فٌي السَّمّاءٌ كّذّلٌكّ يّجًعّلٍ اللَّهٍ الرٌَجًسّ عّلّى الذٌينّ لا يٍؤًمٌنٍونّ (125) ))الانعام

زوجية المخلوقات
اسأل علماء النبات و الحيوان بل و الفيزياء أيضا عن زوجية المخلوقات الحية و الغير حية ، سيجيب علماء النبات و الحيوان أن هناك أزواج في النبات و الحيوان و أن شمول ذلك لم يكتشف الا في القرن الحالي ، و لكن الدهشة تعلوك اكثر من علماء الفيزياء الذين سيقولون أن موضوع الزوجية موجود حتى في الجماد ، فهناك الكترون و بروتون و هناك قطب موجب و قطب سالب بل ان حتى في عالم الذرات نفسها يوجد ما يسمى بقرين المادة أو ضد المادة ، و هي ذرات يدور حولها مشابه للاكترون و لكن موجب الشحنة و داخل نواتها مشابه للبروتون و لكن سالب الشحنة ، و ضد المادة ينطبق أيضا على المواد الاخرى
و هنا علينا أن نسأل بحيادية مرة أخرى هل يمكن لرجل أمي عاش في الصحراء في ظروف بدائية منذ أكثر من 1400 عام أن يدرك هذه الحقائق ؟
لكن انظر قول القرأن

((سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون (36) )) يس

(( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) )) الذاريات

ثالثا : المعجزة التعبيرية القصصية
_اختلاف التعبير القرأني عن غيره من النصوص

يختلف التعبير القرأني اختلافا تاما عن كل النصوص الدينية الباقية بين أيدينا و عن كل نص أو أي تعبير بشري أخر ، و التعبير القرأني تعبير معجز ، لكل من يقرأه بتدبر ، و حتى ندرك بوضوح أكثر هذا الوجه من اعجاز القرأن ، سنوضح الفرق أولا بين التعبير البقرأني و أي تعبير بشري ، و كنموذج للتعبير البشري تعالوا نأخذ نماذج من الكتاب المقدس التي اشترك العديد من البشر في وضع نصوصه

_( 1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ. 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ) متى الاصحاح الاول

_(24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ) متى الاصحاح الاول

_7(بلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ. مُدُنُكُمْ مُحْرَقَةٌ بِالنَّارِ. أَرْضُكُمْ تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ وَهِيَ خَرِبَةٌ كَانْقِلاَبِ الْغُرَبَاءِ) يوشع الاصحاح الاول

_( 1وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا الرَّبَّ: "مَنْ مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى الْكَنْعَانِيِّينَ أَّوَلاً لِمُحَارَبَتِهِمْ؟ ) القضاة 1/1

_(1حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ, فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ. ) راعوث 1/1

_( 1وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ شَاوُلَ وَرُجُوعِ دَاوُدَ مِنْ مُضَارَبَةِ الْعَمَالِقَةِ أَنَّ دَاوُدَ أَقَامَ فِي صِقْلَغَ يَوْمَيْنِ. )صموئيل ثاني 1/1

_( 1وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُغَطُّونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ.) الملوك الأول 1/1

عبثا تجد في هذه النصوص تعبيرا يقرع الأسماع أو يجذب الانتباه ، فكلها مثل تعبيرات أي رواية أو قصة نقرأها كل يوم
و لا عجب في ذلك فهكذا يفكر البشر و يتحدثون و يكتبون ، و هذه النصوص كلها مأخوذة من الكتاب المقدس ، و نلاحظ فيها شيئا هاما : هو أن الأحداث فيها رتبت بالتسلسل الزمني المألوف للروايات البشرية ، الاصحاح كذا سفر كذا من البداية الى النهاية ، و كلها تبدأ بعبارات على نمط : (يحكى أن ) و ( في يوم من الأيام ) و ما الى ذلك من عبارات بداية القصص الروائية .

و بعد أن قرأنا هذه النماذج ، و قبل أن نذكر أي أية قرأنية مع أن ذلك كفيل تماما باظهار التميز القرأني ، تعالوا نعرف الفرق و نبدأ بمعرفة قصة التنزيل
_قصة التنزيل
في ليلة من ليالي رمضان كان الرسول محمد _صلى الله عليه و سلم _ في غار حراء حيث اعتاد أن يعتكف بحثا عن الهدوء و السكينة و متأملا في أحوال قومه ، و في منتصف تلك الليلة أتاه الملاك جبريل _عله السلام _مرسلا من الله عز و جل ليأمره بلفظ عربي مبين (اقرأ) و القرأة لغة تعني : القرأة الصامتة لمكتوب ، أو النطق بالكلمات .

تملك الرسول _صلى الله عليه و سلم _ الخوف و اهتز من هول الموقف الذي لم يكن في نظره بعد موقف احتفال أو تكريم ، و رد بصعوبة : ما أنا بقارئ
فأعاد جبريل_عليه السلام _الأمر ثانية (اقرأ ) )العلق ، و يبدأ بذلك و حي السماء ، و يتوالى نزول القرأن الكريم .

و الأن..نلاحظ جميعا أنه في سرد الحادث الجلل ، كان لا بد من اتباع المألوف في أسلوبنا نحن البشر ابتداءا من عبارة (في ليلة من ليالي رمضان ...الى ... ، و يبدأ بذلك و حي السماء ) مرورا بكل التفاصيل التي استقيناها من القرأن و كتب التراث و التاريخ .

أما التعبير القرأني فهو تعبير فريد تماما ، و مغاير كليا لهذا النمط البشري ، فلا تجد في القرأن التعبيرات الروائية المألوفة لدينا نحن البشر مثل : (تلقى محمد _صلى الله عليه و سلم _ الوحي أول ما تلقى عندما كان في الأربعين من عمره) و لا ( حين كان معتكفا في دار حراء ) و لا ( رأى أمامه الملاك جبريل _عليه السلام _ )و لا (ان هذه الأيات الخمس هي أول ما نزل )أو غير ذلك من ملابسات لقائه الأول مع جبريل _عليه السلام _ و ما روته كتب السيرة عن ذلك .
كل هذه التعبيرات على نمط (يحكى أن ) و ( في يوم من الأيام ) يسمو النص القرأني عن استخدامها ، فهو نص مغاير تماما لاقوال البشر .
نلاحظ أيضا روايتنا للحدث كأي رواية بشرية ، تبدأ من نقطة زمنية و تنتهي عند نقطة زمنية أخرى لاحقة ، و ليس ذلك شأن القرأن ، فأيات الوحي الأولى (اقرأ) التي بدأ بها نزول القرأن لا نجدها في صدر المصحف الشريف ، بل نجدها بتوجيه الله _سبحانه و تعالى _ في السورة السادسة و التسعين .

و لمزيد من التذوق و الايضاح ، تعاوا ننظر قصة موسى عليه السلام في الصحراء ، و لنرويها أولا باسلوبنا نحن و نذكر الوقائع فقط :
رحل موسى _عليه السلام _ مع زوجه و أبنائه ، و أخذ معه نصيبه من الغنم و الماعز ، و بعد فترة عاد الى سيناء لزيارة أهل زوجته ، الا أنه ضل الطريق ، حتى نفد ما كان معه من اللحم المقدد ، و رغم ما معه من غنم و ماعز الا أن المشكلة لم تكن في ذبحها و انما في ايجاد نار لشويها ، فالبحث عن حجر لايقاد شرارة و حطب للوقود لأمر عسير في الصحراء ( ففي ذلك الوقت لم يكن هناك ولاعات ) ، و أصبح يتطلع الى نار يشوي بها طعامه أو قوم يهدونه الطريق ، و لكن الله قد أعده لرسالة أسمى من ذلك فاّنس حيرته بنار تلوح في ظلمة الصحراء ، فأخبر أهل أنه سيذهب اليها فقد يستطيع أن يأخذ منها شعلة أو يجد عندها قوم يهدونه الى الطريق الصحيح ، و هناك ناداه الله ، و طلب منه خلع نعليه لانه في مكان مقدس و أن يستمع الى ما يوحيه الله اليه .

هذه هو الاسلوب البشري ، و الذي لو جئت بأفضل كاتب أو مؤلف لن يستطيع الخروج عنه و عن طريقة و اسلوب ( يحكى أن ) و ( في يوم من الأيام )

لكن انظر الى القرأن
تعالوا نحلل التعبير القرأني في سرده لقصة موسى _عليه السلام _لنرى الاعجاز التعبيري القصصي :
تنزل ايات القرأن على الرسول_صلى الله عليه و سلم _ ليواجه بها جبهات متعددة : المشركين و المنافقين و اليهود و النصارى في مواجهة القلة المؤمنة ، فانظروا كيف بدأ التعبير القرأني القصة ، بتعبير يقرع الأسماع و يشد الانتباه و بعيد كل البعد عن أي اسلوب بشري
( و هل أتاك حديث موسى 9 ) طه عبارة قصيرة تثير كل الجهات و تنبههم ، فالمسلمون يتحرقون شوقا للاستماع الى ما يقوله القرأن ، و اليهود و النصارى كلهم أذان صاغية يتأهبون للسخرية مما عسى أن يلقيه رجل أمي لا يعرف عن موسى ما عرفوه في تراثهم و كتبهم ، أما المشركون و المنافقون فينتظرون بمرح و سرور الموقعة الكلامية بين المسلمين و أهل الكتاب .
الكل اذن أصبح أذانا صاغية ، و يمضي الوحي في عبارة اخرى ( اذ رأى نارا ) قمة الاثارة الدرامية
ثم تمضي القصة ، و نقرأ التعبير القرأني كاملا و نتمعن في الفرق بينه و بين اسلوبنا البشري
(( و هل أتاك حديث موسى (9) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى (10) فلما أتاها نودي يا موسى (11) إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى (12) وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (13) إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري (14)
)) طه

تأمل هذا الاسلوب البرقي ( التلغرافي) الذي ينساب كقذائف تشد الانتباه ، الذي يسمو على أعظم ما وصل اليه أي تعبير صحفي في مجال الاعلان ، و لا ننسى أن فن الاعلان الذي أول مبادئه اتباع الاسلوب البرقي لم يظهر الى الوجود الا في القرن العشرين ، ففي أي معهد صحفي _ بالله عليكم _ تعلم محمد بن عبد الله هذا الفن ؟!
الجواب واضح : هو أن هذه العبارت ليست من صنع محمد _صلى الله عليه و سلم _ ، فالرسول كان يردد حرفيا ما يوحى اليه ، كذلك لم يكن هناك أي نص عربي للانجيل أو التوراة في ذلك الزمان ليعرف منهم الرسول _صلى الله عليه و سلم _ قصة سيدنا موسى عليه السلام السلام .
و لنقطع الشك باليقين سنعرض بعض نصوص الكتاب المقدس الخاصة بنفس القصة و التي لا تخلوا من أسلوبنا البشري أسلوب (يحكى أن )

3_(فَقَالَ مُوسَى: "أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هَذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟" 4فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: "مُوسَى مُوسَى". فَقَالَ: "هَئَنَذَا". 5فَقَالَ: "لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هَهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ". 6ثُمَّ قَالَ: "أَنَا إِلَهُ أَبِيكَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ". فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ.) الخروج الاصحاح الثالث

, و نلتقي لاحقا _انشاء الله _ مع معجزات أخرى للقرأن

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	حوار حول مسيلمة الكذاب	فارس اللواء	0	628	04-28-2013, 09:10 AM آخر رد: فارس اللواء
	- ((( حوار عام مفتوح ))) -	الفكر الحر	128	23,541	09-17-2012, 07:38 PM آخر رد: الفكر الحر
	حوار الطرشان في خرافه تواتر القران	عوني عوني	7	2,482	12-11-2011, 09:38 PM آخر رد: القيس عون
	حوار فكرى جاد حول ( هل الكتاب المقدس محرف ؟ )	TERMINATOR3	16	3,654	10-19-2011, 10:33 AM آخر رد: TERMINATOR3
	حوار بين شيعي وسني عن بول الأنبياء والمعصومين	الفكر الحر	14	4,779	09-22-2011, 05:54 PM آخر رد: ahmed ibrahim