ليس فقط أفخر أني لم أدخن شيئا قط، ولن... بل وأيضا أتباهى بقرفي الشديد من التبغ ومشتقاته كمادة ينبغي التخلص منها، وأحلم بذلك اليوم الذي ينتشر فيه فيروس موزاييك التبغ ليقضي على هذه الصناعة الحارقة الخارقة المتفجرة.

جمال السيجارة ولذة طعمها الذي يتغزل فيه العلماني، والشقراء والنهود، والموشحات والقدود، وسارتر وصحبه، وما شابه من القوم الذين دخنوا لا يثبت أبدا أن التدخين أمر طيب، ولا أنه ينبغي أن نعيش نصف حياتنا مع انبوب اكسجين، والنصف السابق لها بأنفاس تشبه رائحتها رائحة المنافض...

لا يشعر المدخن كم هو بغيض حين يدخل غرفة مغلقة إثر تدخينه، وتنشتر رائحة قاتولية على قولة الشوام مملوءة بعبق السموم التي انتشى بتعاطيها، لا يشعر كم نحن البشر الطبيعيون نمتعض ونكاد نلقي ما في جوفنا قرفا من هذا النسيم البغيض.

أتخيل نفسي لو أردت تقبيل مدخنة أني سألقي ما في جوفي فور شمي رائحة فمها الكريهة، ولو كانت بجمال ناتاشا سان بيير، مع جسد باميلا أنديرسون ونعومة ناعومي كامبيل، كل ذلك لا يستقيم مع نفس كريه يتصاعد جواري طيلة ليلة بغيضة، وهل الجنس إلا سويعات ثم تعود العشرة هي الأصل؟ وكيف تكون العشرة مع الثقيل؟

بعيدا عن الناحية الاجتماعية، فالمدخن كائن خطير إن حرم من نيكوتينه، أما أن الغرب لا يسمح بانقطاع تلكم المادة على ارتفاع سعرها، فقد شاهدنا في المشرق ما يصنعون حين يحرمون من التدخين بضع ساعات... ليت شعري كيف يسمح لهذه النبتة السامة أن تكون المتحكم في مزاج البشر؟

أما عن ربطها مع القهوة، فلا سواء، هوذا شاربي القهوة من غير المدخنين يستلذون لها ويشربونها طربا، ولا يخطر على البال من أحدهم نفسا ساما.. ثم إن للكافيين فوائد علاجية يقصر دونها النيكوتين ويقبع في زاوية قصية مع سائر المنبهات السامة.