حزب (الله) العربي الإشتراكي؟ داوود البصري
أمام إشتداد محنة وأزمة النظام السوري الكيانية وسرعة هروبه التكتيكي المبرمج والمغلف بالشعارات البعثية المعروفة من لبنان لعدم وجود خيارات بديلة أو هوامش واسعة للمناورة أو المماطلة في ضوء التحذيرات الدولية والعربية الواضحة والصريحة من مغبة التلاعب أو اللف والدوران!، لايبقى لنظام دمشق من خيارات أو طرق للتملص والهروب ومن ثم الإنتقام والرد سوى اللعب بالورقة الخطيرة التي يتقنها جيدا والتي على أساسها تسيد وساد طويلا في الساحة اللبنانية ليساهم في تمزيقها، وهي الورقة الطائفية! وهي واحدة من أخطر وأدق وأصعب الملفات التي من شأنها تخريب فرحة الشعب اللبناني الحر بتخلصه من إحتلال النظام والمخابرات السورية لبلده ومقدراته وكيانه بشكل عام، وقد كنا نتوقع بل ونجزم من أن النظام البعثي السوري لايمكن أن يسلم بهزيمته بسهولة!، وبالتالي فإن حسرة إفلات لبنان من قبضته وهيمنته ستظل تضغط بشكل فاعل على كل خلايا وزوايا النظام وتلافيفه العصبية والوجودية، وهو قد أعد إحتياطياته وعزز مواقعه، وشيد تحصيناته، وحصن متاريسه، لذلك لم يتأخر رد النظام طويلا على الشعب اللبناني الحر والفرح برحيله وإنكفاء إجهزته الإرهابية والإستخبارية التي كانت تشوه وجه وخارطة الوطن اللبناني الجميل، ولجأ للعبته المعروفة والمتوقعة في تحشيد الحشود، و (إستيراد) المتظاهرين والمؤيدين والأنصار، واللعب بالشعارات الوطنية والقومية، وأوعز لحلفائه المعروفين والتاريخيين في لبنان بالتحرك ومحاولة إمتصاص النصر الشعبي الكبير، وتقزيم قوى المعارضة اللبنانية، وإظهارها بمظهر ضعيف وعاجز ومرتبط بالأجنبي!، وهو بالضبط مالجأ إليه الفرع اللبناني لحزب (خدا) الإيراني المعروف بحزب الله، وكذلك حركة (أمل)المعروفة بإرتباطاتها التاريخية والكيانية والوجودية والمادية بالنظام السوري!، وهي حركة كانت متوقعة ومعروفة ولكن ليس بذلك الزخم الذي ظهرت فيه والتي من خلالها يحاول المرتدون والمتضررون من حرية وإنعتاق لبنان إجهاض النصر الشعبي الكبير والأمل اللبناني الذي تجسد برحيل الإحتلال السوري وهروبه السريع مع زرعه للألغام الطائفية التي برع بها وتميز، فهي الملجأ، وهي السلاح الواقي وإستنادا للنظرية البعثية المعروفة : { لن نتركها إلا أرضا بدون شعب }!! والتي أعلنها قادة بعث العراق النافق، ويكرر اليوم قادة البعث السوري المحتضر العزف على أوتارها، عبر تقسيم الساحة اللبنانية، وعبر طرح التهديدات الفارغة، وعبر شق الصف الوطني والإعتماد على عناصر النظام البعثي وعناصره الإستخبارية ولو إتشحت بالزي الديني وإتخذت من الخطاب الطائفي المغلف بأطروحة المقاومة الوطنية عنوانا لصد الزحف الشعبي وإجهاض الإرادة الوطنية الحرة، ولا أتردد إطلاقا عن القول من أن دور قيادة (حزب الله الإيراني / اللبناني) قد بات اليوم يعتبر الحد الفاصل بين نجاح الإنتفاضة الشعبية اللبنانية وبين إجهاضها عبر دعم الحكومة السابقة العاجزة، وعبر عملية خلط الأوراق الكبيرة الجارية بهمة ونشاط، وعبر تجاوز العملية الديمقراطية من أجل الحفاظ على المصالح والإمتيازات والعطايا والمنح والقيادات وخطوط التهريب والإمداد اللوجستية عبر محور طهران / دمشق / البقاع، فالإنسحاب السوري ليس أمرا متعلقا بالنظام السوري فقط، بل أنه يضرب في الصميم مجاميع هائلة من المصالح والمزايا والتي لايمكن ان يستسلم أصحابها بسهولة ولو تكلف الأمر إعادة رسم بعض خيوط وسيناريوهات الحرب الأهلية المرفوضة من غالبية اللبنانيين، فالمسيحيون الأحرار يقفون اليوم في خندق واحد مع أشقائهم المسلمين الأحرار من شتى الطوائف والإثنيات، وقرار إستعادة السيادة اللبنانية الحرة الكاملة لن يضر بالضرورة إلا المنتفعين والعملاء ولو تمظهروا بزي الورع والتقوى وإعتمروا العمائم الملونة بيضاء كانت أم سوداء. وأعتقد أن مواقف حزب الله الداعمة والمؤيدة للمخابرات السورية بذريعة محاربة الإمبريالية والصهيونية لاتختلف عن مواقف نفس الحزب وقيادته من النظام البعثي البائد في العراق في أيامه الأخيره، فقد أعلن الرفيق الفريق (حسن نصر الله) وقتها عن دعمه الواضح والصريح لصدام البائد في خطب ساخنة وملتهبة إختلط فيها الأخضر واليابس
، متجاوزا المصالح الشعبية العراقية لأنه كان يعرف أن دور حلفائه سيكون التالي وكان يتهرب من مواجهة الإستحقاقات المتوجبة، ولأن المباديء والشعارات الحماسية ليست وحدها من تقوم وتحدد الأطر العامة للمواقف! وإستنادا للأسف لنظرية القائد الأموي الذي قتل الإمام الحسين (رض) المدعو عمر بن سعد والتي يجسدها ويعبر عنها بيت الشعر التالي :

إملأ ركابي فضة أو ذهبا
إني قتلت السيد المحتجبا
قتلت خير الناس أما وأبا!!

لذلك ومهما بالغ (نصر الله) وجماعة (حزب الله) في الجعجعة وإثارة العويل والصراخ، ومحاولة تمزيق أواصر الوحدة الوطنية اللبنانية، أو تشتيت الموقف الوطني اللبناني الموحد والمسؤول، فإن الخسران والخيبة سيكون المصير الواضح!، والشعوب الحرة لن يخدعها بعد اليوم دجل الحواة وبطارقة الباطل، وقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وسقطت الأقنعة عن جميع الوجوه... وقيامة لبنان الحر هي الحقيقة الوحيدة، أما حزب الله العربي الإشتراكي المناضل، فلن يحصد سوى الريح بعد أن عبث بالعاصفة.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	ثقافة الرسالة وثقافة المهنة	Reef Diab	0	666	06-06-2011, 10:04 AM آخر رد: Reef Diab
	إعدام صدام: سوريا وليبيا إستلمتا الرسالة والسعودية تستهجن	Truth	2	776	12-30-2006, 08:24 PM آخر رد: Truth
	من مصاحف جوانتنامو الى كلسون صدام هل وصلت الرسالة!	الحكيم الرائى	66	9,531	05-25-2005, 01:35 PM آخر رد: بسام الخوري
	الفرق بين اشنطن والفيوم هو-فرق السما للعمى	امام عادل	1	378	03-18-2005, 06:37 PM آخر رد: امام عادل